Warning: Undefined variable $offset in /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/class-user.php on line 1
AAYNET - Social Network - البحث

البحث

  • تسهيل الشاطبية شرح الأصول

    تأليف: عزة عبد الرحيم محمد سليمان
    الناشر: مفكرون الدولية للنشر والتوزيع
    تسهيل الشاطبية شرح الأصول تأليف: عزة عبد الرحيم محمد سليمان الناشر: مفكرون الدولية للنشر والتوزيع
    0
  • خير زاد : مصحف ورش
    خير زاد : مصحف ورش عن نافع - يعمل بدون الحاجة الى أي تنزيلات إضافية عبر شبكة الإنترنت

    كُتب على طريق التيسير أصل الشاطبية بالرسم العثماني (مصحف المدينة)
    واتُّبع فيه عد المدني الأخير, وفيه تمييز كل ما خالف فيه ورش حفصاً بالألوان
    خير زاد : مصحف ورش عن نافع - يعمل بدون الحاجة الى أي تنزيلات إضافية عبر شبكة الإنترنت كُتب على طريق التيسير أصل الشاطبية بالرسم العثماني (مصحف المدينة) واتُّبع فيه عد المدني الأخير, وفيه تمييز كل ما خالف فيه ورش حفصاً بالألوان
    0
  • القراءات العشر من الشاطبية والدرة

    تأليف: الشيخ محمود خليل الحصري
    الناشر : مكتبة السنة
    القراءات العشر من الشاطبية والدرة تأليف: الشيخ محمود خليل الحصري الناشر : مكتبة السنة
    0
  • الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع

    تأليف: عبدالفتاح عبد الغني القاضي
    الناشر: مكتبة السوادي
    الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع تأليف: عبدالفتاح عبد الغني القاضي الناشر: مكتبة السوادي
    0
  • الاسم : محمد عبدالكريم بيغام .
    المشاركة الرابعة : [ آية الكرسي ] .
    رواية السوسي عن أبي عمرو من طريق الشاطبية .
    #المسابقة_العالمية_للترنم
    الاسم : محمد عبدالكريم بيغام . المشاركة الرابعة : [ آية الكرسي ] . رواية السوسي عن أبي عمرو من طريق الشاطبية . #المسابقة_العالمية_للترنم
    1
    14 0
  • احمد أمين .. معلم قرآن في دولة إندونيسيا

    مشاركتي المتواضعة في مسابقة الأمير متعب رحمه الله

    التلاوة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

    ماتيسر من سورة الملك من الآية 22 _ الخ
    احمد أمين .. معلم قرآن في دولة إندونيسيا مشاركتي المتواضعة في مسابقة الأمير متعب رحمه الله التلاوة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ماتيسر من سورة الملك من الآية 22 _ الخ
    4 0
  • رسالة لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية
    أجاب فيها عن أسئلة في علم القراءات

    حققها وقدم لها الدكتور : محمد علي سلطاني

    (مجلة البحوث الإسلامية بإشراف ومسؤولية الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية - العدد الثالث عشر - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1405هـ)

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . وبعد :
    فإن القراءات القرآنية من أكثر علوم القرآن والعربية أهمية وأجلها شأنا . . أما أهميتها من حيث اللغة فتعود إلى جانبين كبيرين:
    - أولهما ما تقدمه للباحثين في نشأة اللغات وتطورها وتاريخها من الظواهر اللغوية الحية على اختلاف صنوفها: في الحرف والصوت والكلمة والتركيب . .
    - وثانيهما ما تقدمه للنحو وفقه اللغة من الشواهد والنماذج مما لا يبلغ بعض شأوه شواهد العربية الأخرى في الشعر والخطب والأمثال والأقوال . . وذلك بسبب مما حظيت به القراءات منذ نشأتها من عناية وضبط وتوثيق . . بالتلقي المتثبت ، والمشافهة الواعية ، والرواية المتواترة أو النقل المستفيض ، والتدوين المقرون بالوصف الدقيق والأسانيد المدروسة الموثوقة . .
    وأما رفعة شأنها فلارتباطها بالقرآن العظيم منهاج المتقين ومعراج المرتقين ، مصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: خيركم من تعلم القرآن وعلمه .
    غير أن هذا الميدان الجليل بما اتسم به من الغنى اللغوي الفريد ، نتيجة التيسير الذي عبر عنه الحديث النبوي : أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ؛ أثار قدرًا غير قليل من القضايا التي ارتبطت بعلم القراءات ، وغدت مع الزمن أقرب إلى المشكلات ، فشغلت العلماء والباحثين عبر القرون - وما يزال بعضها يشغلهم- للوصول إلى المعرفة اليقينية بشأنها . . من ذلك قولهم: ما تفسير الأحرف السبعة؟ أهي للتكثير أم لتحديد؟ وإن كانت الأخيرة فما المقصود بها على الدقة أهي القبائل أم الطرائق أم الظواهر؟
    ما مدى شيوع التواتر بين القراءات ، أهو مقصور على السبع أم العشر أم ما فوق ذلك؟
    أهي سواء في الفصاحة أم أن بينها فصيحًا وأفصح؟ ما موقف النحو والقياس من هذا التفاوت في الفصاحة؟ . .
    هذه وغيرها أسئلة كثيرة تتردد بينهم لا تفتر ، تبحث لها عن الجواب الأخير .
    وقد أحدث اختلاف القراءات وتعددها حركة علمية مباركة ، أسفرت عن أعداد من مجموعات الكتب القيمة . . بدأت بكتب جمعت القراءات ، فأخرى نهضت بالاحتجاج لها بلغة العرب ، وثالثة وصفت مرسوم مصاحف الأمصار ، ورابعة اهتمت بالنقط والشكل . . وبقي في الميدان زوايا يلفها بعض الغموض والاختلاف وتباين الآراء ، مما تعد رسالة شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية الآتي نصها حلقة في سلسلة الردود على تساؤلات الباحثين عن الحقيقة ، حيث أجاب فيها عن عدد من هذه التساؤلات .
    أما الرسالة فهي واحدة مما تضمه مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض من نفائس المخطوطات ، وتقع في سبع صفحات تضمها أربع ورقات ضمن مجموع يحمل رقم 3653 \ ف مصور عن الأصل في مكتبة تشستربتي ، كتبه بخط نسخي دقيق علي عبد الله الغزي سنة 859 هـ .
    ومما يعد نسخة قيمة أخرى لهذا النص ، ما تم نشره بعنوان (فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ) جـ13 \ 389- 404 فقد ضم الفاضل الشيخ عبد الرحمن العاصمي هذا النص إلى الكتاب بوصفه إحدى الفتاوى التي صدرت عن شيخ الإسلام آنذاك . . وقد أفدت منه في تصويب المواضع التي تأثرت بالرطوبة في الأصل لديّ .
    ولم يذكر الشيخ العاصمي مصادره ، غير أن الاختلاف الطفيف في بعض ألفاظ النصين يثبت أنه نسخة أخرى لهذه الرسالة ، مما تجد ثماره وأثره في المتن وبعض حواشي التحقيق .
    ومما يعد طرفا في هذا التوثيق نقول مطولة لمقاطع تامة من هذا النص ، احتج بها ابن الجزري مقرونة بنسبتها إلى ابن تيمية في كتابه (النشر في القراءات العشر 1 \ 39 وما بعدها) مما تجد الإشارة إليه في مواضعه بعد .
    وتبدأ الرسالة بالبسملة والدعاء فالنص على الأثر بلا عنوان يتقدمه ، ولا ضير في هذا ، لأن النص نفسه وما ورد فيه من عبارات صريحة أدلة ناصعة على صحة نسبته إلى الشيخ الإمام ابن تيمية ، مما يطالع القارئ منذ السطور الأولى .
    وقد لقيت هذه الرسالة من عناية العلماء عبر القرون ما يبدو أثره في الخاتم الرابض في نهايتها ، وجاء في نقشه للواقف ما نصه:
    "وقف سيد يوسف فضل الله ، إمام جامع سلطان محمد خان ، للولاة وللمدرسين المتأهلين ، في جامع المزبور 1145 " .
    أما مؤلف الرسالة فغني عن التعريف ، فهو أبرز قوة فاعلة في صياغة الحياة في دولة المماليك في القرن الثامن الهجري بميادينها: العلمية والفكرية والعامة . . مما تجده مبسوطا في مظانه ، وتؤكده مئات الكتب والرسائل التي كتبها بخطه في معالجة قضايا عصره ، رافعًا بقوة صوت الدين وموقفه منها ، مما يتأبى على الحصر " فكان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن ، وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله " .
    ومات رحمه الله معتقلا بقلعة دمشق سنة 728 هـ ، فخرجت دمشق كلها في جنازته رضي الله تعالى عنه وأرضاه .

    النص المحقق

    (1 \ أ) بسم الله الرحمن الرحيم ، رب يسر

    ما يقول سيدي الشيخ- جمع الله له خير الدنيا والآخرة- في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف .

    - ما المراد بهذه السبعة ؟
    - وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة أو واحد منها ؟
    - وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟
    - وهل تجوز القراءة برواية الأعمش وابن محيصن وغيرهما من القراءات الشاذة أو لا .
    - وإذا جازت القراءة بها ، فهل تجوز الصلاة بها أو لا ؟
    أفتونا مأجورين .

    أجاب ( الشيخ تقي الدين بن تيمية ) : .
    الحمد لله رب العالمين . هذه مسألة كبيرة ، فقد تكلم فيها أصناف العلماء من الفقهاء والقراء وأهل الحديث والتفسير والكلام وشرح الغريب وغيرهم حتى صنف فيها التصنيف المفرد ، ومن آخر ما أفرد في ذلك ما صنفه الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي المعروف بأبي شامة صاحب شرح الشاطبية .
    فأما ذكر أقاويل الناس وأدلتهم وتقرير الحق فيها مبسوطًا ؛ فيحتاج من ذكر الأحاديث الواردة في ذلك وذكر ألفاظها وسائر الأدلة ، إلى ما لا يتسع له هذا المكان . . ولا يليق بمثل هذا الجواب ، ولكن نذكر النكت الجامعة التي تنبه على المقصود بالجواب ، فنقول: لا نزاع بين العلماء المعتبرين بأن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة ، بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد ، وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد ، فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات: الحرمين والعراقين والشام ، إذ هذه الأمصار الخمسة [هي] التي خرج منها علم النبوة: من القرآن وتفسيره ، والحديث ، والفقه في الأعمال الباطنة والظاهرة ، وسائر العلوم الدينية .
    فلما أراد ذلك ، جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ، ليكون ذلك موافقًا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن ، لا لاعتقاده أو اعتماد غيره من العلماء أن القراءات السبع هي الحروف السبعة ، أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم .
    ولهذا قال من قال من أئمة القراء: لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة ، وإمام قراء البصرة في زمانه في رأس المئتين .
    [و] لا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده ، بل قد يكون معناهما متفقًا أو متقاربًا . كما قال عبد الله بن مسعود : "إنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال " .
    وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر ، لكن كلا المعنيين حق ، وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض . وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى (1 \ ب) الله عليه وسلم في هذا ، حديث: أنزل القرآن على سبعة أحرف : إن قلت : غفورا رحيما ، أو قلت : عزيزا حكيما ؛ فالله كذلك ، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة" ، وهذا كما في القراءات المشهورة: .
    إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا و {إلا أن يُخافا ألا يقيما} .
    و {وإن كان مكرهم لتَزول - ولتزول - من الجبال} .
    و {بل عجبتُ} و بَلْ عَجِبْتَ . ونحو ذلك .
    ومن القراءات ما يكون المعنى فيها: متفقا من وجه ، متباينا من وجه ، كقوله:
    {يخدعون} و {يخادعون} .
    و {يُكَذِّبون} و {يَكذِبون} .
    و {لمستم} و { لامستم } .
    حَتَّى يَطْهُرْنَ و {يَطَّهَرْن} .
    ونحو ذلك .
    فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق ، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية ، يجب الإيمان بها كلها ، واتباع ما تضمنه من المعنى علمًا وعملا ، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض ، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من كفر بحرف منه فقد كفر به كله " .
    وأما ما اتحد لفظه ومعناه ، وإنما يتنوع صفة النطق به ، كالهمزات والمدَّات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراءات أو تغليظها ، ونحو ذلك مما تسمى القَرَأَة عامته الأصول ، فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى .
    إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه ، أو اختلف معناه من المترادف ونحوه ، ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها ؛ مما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى وإن وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النَقْط أو الشكل .
    ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعون من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين ، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة ، أو قراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي ونحوهما ، كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي - فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف .
    بل أكثر العلماء الأئمة - الذين أدركوا قراءة [ حمزة ] كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم- يختارون قراءة أبي جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين ، وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن إسحاق وغيرهم - على قراءة حمزة والكسائي . وللعلماء [الأئمة] في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء .
    ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة- يجمعون ذلك في الكتب ، ويقرأونه في الصلاة وخارج الصلاة، وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم .
    وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل (2 \ أ) من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة ، وجرت له قضية مشهورة ، فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه .
    ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة ، ولكن من لم يكن عالما بها ، أو لم تثبت عنده - كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ، ولم يتصل به بعض هذه القراءات- فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه منها ، [فإن] القراءة - كما قال زيد بن ثابت : سنة يأخذها الآخر عن الأول .
    كما أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ، ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك ، كله حسن ، يشرع العمل به لمن علمه .
    وأما من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلم ، وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ، ولا أن يخالفه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تختلفوا ، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا .
    وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني ، مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما: ( والليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى ) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين .
    ومثل قراءة عبد الله : ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) . وكقراءته: (إن كانت إلا زقية واحدة) ونحو ذلك ، فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟ [ذلك] على قولين للعلماء - هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد - وروايتان عن مالك : :
    - إحداهما يجوز ذلك ، لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرأون بهذه الحروف في الصلاة .
    - والثانية : لا يجوز ذلك ، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة ، فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم ، أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين .
    والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره ، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف ، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها .
    ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار ، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره .
    وهذا النزاع لا بد أن يبنى على الأصل الذي سأل عنه السائل ، وهو أن القراءات السبع: هل هي حرف من الحروف السبعة أو ، لا ؟ . فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة ، بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة ، وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل ، والأحاديث (2 \ ب) والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول .
    وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة ، وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني وغيره ، بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة ، وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه ، حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها . ثم أرسل عثمان - بمشاورة الصحابة - إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف ، وأمر بترك ما سوى ذلك . قال هؤلاء: ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة .
    ومن نصر قول الأولين يجيب تارة بما ذكره محمد بن جرير وغيره من أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبًا على الأمة ، إنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه ، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه ، كما أن ترتيب السور لم يكن واجبًا عليهم منصوصًا ، بل مفوضًا إلى اجتهادهم ، ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد ، وكذلك مصحف غيره ، وأما ترتيب آي السور فهو منزل منصوص عليه ، فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة ، لأن ترتيب الآيات مأمور به نصًّا ، وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم ، قالوا: فكذلك الأحرف السبعة . فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد ، اجتمعوا على ذلك اجتماعًا سائغًا- وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة- ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور .
    ومن هؤلاء من يقول: إن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام ، لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا ، فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة ، وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم- أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة ، ويقولون: إنه نسخ ما سوى ذلك ، وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهما - مما يخالف رسم هذا المصحف- منسوخة .
    وأما من قال عن ابن مسعود : إنه يجوز القراءة بالمعنى ؛ فقد كذب عليه . وإنما قال: "قد نظرت إلى القرأة فرأيت قراءتهم متقاربة ، وإنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال . فاقرءوا كما علمتم " أو كما قال .
    فمن جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال: يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها .
    ومن لم يجوزه فله أربعة مآخذ:
    - تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة .
    - وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة .
    - وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه .
    - وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن .
    وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين (3 \ أ) .
    ولهذا كان في المسألة قول ثالث وهو اختيار جدي أبي البركات أنه: إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة - وهي الفاتحة عند القدرة عليها - لم تصح صلاته ، لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة ، لعدم ثبوت القرآن بذلك . وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل صلاته ، لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل ، لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها .
    وهذا القول ينبني على أصل ، وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟
    فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك ، إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا .
    وذهب فريق من أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه ، حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبي بكر بخطأ الشافعي وغيره ممن أثبت البسملة [آية] ، من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن فإنه يجب القطع بنفيه .
    والصواب القطع بخطأ هؤلاء ، وأن البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف ؛ إذا لم يكتبوا فيه إلا القرآن وجردوه مما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور . ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها ، كما [أنها] ليست من السورة التي قبلها ، بل هي كما كتبت - آية أنزلها الله في أول كل سورة وإن لم تكن من السورة ، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة .
    وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات ؛ فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت . بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كل واحد من القولين حق ، وإنها آية من القرآن في بعض القراءات- وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين - وليست آية في بعض القراءات ، وهي قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها
    وأما قول السائل: ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟
    فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله ، إذ ليس لأحد أن يقرأ برأيه المجرد ، بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمام وقد أقرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء- لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف .
    ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء أو تاء ، ويتنوعون في بعض ، كما اتفقوا في قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ في موضع ، وتنوعوا في موضعين .
    وقد بينا أن القراءتين كالآيتين ، فزيادة القراءات كزيادة الآيات ، لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذاك أخصر في الرسم ، والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على حفظ المصاحف ، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم . فقلت: أي رب إذن يثلغوا رأسي ، فقال: إني مبتليك ومبتل بك ، ومنزل عليك كتابًا لا يغسله الماء ، تقرأه (3 \ ب) نائما ويقظان . فابعث جندا أبعث مثليهم ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك ، وأنفق أنفق عليك .
    فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء ، بل يقرأه في كل حال ، كما جاء في نعت أمته: أناجيلهم في صدورهم بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا ، لا عن ظهر قلب .
    وقد ثبت في الصحيح أنه جمع القرآن كله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة: كالأربعة الذين من الأنصار ، وكعبد الله بن عمرو ، فتبين بما ذكرناه أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم . . ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، وذلك باتفاق علماء السلف والخلف ، وكذلك ليست هذه القراءات السبع هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، باتفاق العلماء المعتبرين ، بل القراءات الثابتة عن أئمة القراءة كالأعمش ويعقوب وخلف وأبي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة ، عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك .
    وهذا أيضًا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم ، وإنما تنازع الناس من الخلف في المصحف العثماني الإمام ، الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم- (هل هو بما فيه من قراءة السبعة وتمام العشرة وغير ذلك ، حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها) أو هو مجموع الأحرف السبعة؟ على قولين مشهورين:
    - الأول: قول أئمة السلف والعلماء .
    - الثاني: قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم .
    وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضًا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض ، بل يصدق بعضها بعضًا كما تصدق الآيات بعضها بعضًا .
    وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم ، إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع .
    أما إذا قيل: إن ذلك هي الأحرف السبعة فظاهر ، وكذلك بطريق الأولى إذا قيل: إن ذلك حرف من الأحرف السبعة . فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرءوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع الأحرف في الرسم - فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى .
    وهذا من أسباب تركهم المصاحف - أول ما كتبت - غير مشكولة ولا منقوطة ، لتكون صورة الرسم محتملة لأمرين: كالتاء والياء ، والفتح والضم . وهم يضبطون
    المنقولين المسموعين المتلوين - شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين .
    فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعًا ، كما قال أبو عبد الرحمن السلمي .
    - وهو الذي روى عن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه كما رواه البخاري في صحيحه ، وكان يقرئ القرآن أربعين سنة ، قال : -
    "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل . . قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا" .
    ولهذا دخل في معنى قوله : خيركم من تعلم القرآن وعلمه تعليم حروفه ومعانيه جميعا ، بل تعليم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه ، وذلك هو الذي يزيد الإيمان . كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر (10) وغيرهما:
    "تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا ، وإنكم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان " .
    وفي الصحيحين عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين ، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ؛ حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ونزل القرآن . . . وذكر الحديث بطوله ، ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك .
    وإنما المقصود التنبيه على أن ذلك كله مما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس ، وبلغنا أصحابه عنه الإيمان والقرآن حروفه ومعانيه ، وذلك مما أوحاه الله إليه . كما قال تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا .
    وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست بشاذة حينئذ . والله أعلم بالصواب .
    تمت بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في يوم الثلاثاء سادس عشرين جماد[ى] الأولى من شهور سنة تسع وخمسين وثمانمائة .

    مصادر البحث والتحقيق

    * الإبانة عن معاني القراءات . لمكي القيسي . تح د . محيي الدين رمضان . دار المأمون للتراث بدمشق 1399 هـ - 1979 م .
    * إبراز المعاني من حرز الأماني لأبي شامة الدمشقي . البابي الحلبي بمصر 1349 هـ.
    * الإصابة في تمييز الصحابة . لابن حجر العسقلاني .
    الطبعة الأولى - مطبعة السعادة بمصر 1328 هـ .
    * الأعلام . للزركلي . الطبعة الثالثة .
    * تاريخ بغداد . للخطيب البغدادي . دار الكتاب العربي - بيروت .
    * تفسير القرطبي - مصورة عن طبعة دار الكتب .
    * التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني . تح أوتوبرتزل ط . استانبول 1930 م .
    * السبعة لابن مجاهد . تح د . شوقي ضيف ط . الثانية - دار المعارف بالقاهرة 1400 هـ * الشاطبية . وشرحها للشيخ علي الضباع .
    مكتبة صبيح بالقاهرة 1381 هـ - 1961م .
    * صحيح البخاري . مصورة الطبعة الأولى 1315 هـ بمصر .
    * صحيح مسلم بشرح النووي - المطبعة المصرية ومكتبتها .
    * غاية النهاية في طبقات القراء . لابن الجزري . تح . برجستراسر . مصورة الطبعة الأولى 1351م هـ - 1932 .
    * كتاب سيبويه . مصورة طبعة بولاق .
    * لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني تح الشيخ عامر عثمان ود . عبد الصبور شاهين بالقاهرة 1392 هـ - 1972 .
    * لسان العرب لابن منظور . مصورة طبعة بولاق 1300 هـ .
    * مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية . جمع وترتيب عبد الرحمن العاصمي وابنه محمد .
    مصورة الطبعة الأولى 1398 هـ .
    * المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز . لأبي شامة الدمشقي تح طيار آلتي قولاج ط . دار صادر - بيروت 1395 هـ - 1975م .
    * مسند الإمام أحمد . مصورة الطبعة الأولى . الميمنية بمصر 1313 هـ .
    * منجد المقرئين ومرشد الطالبين . لابن الجزري . مكتبة القدسي 1350 هـ .
    * النشر في القراءات العشر . لابن الجزري . تح الشيخ علي الضباع .
    * وفيات الأعيان لابن خلكان . تح د . إحسان عباس . دار الثقافة ببيروت .
    رسالة لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية أجاب فيها عن أسئلة في علم القراءات حققها وقدم لها الدكتور : محمد علي سلطاني (مجلة البحوث الإسلامية بإشراف ومسؤولية الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية - العدد الثالث عشر - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1405هـ) الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . وبعد : فإن القراءات القرآنية من أكثر علوم القرآن والعربية أهمية وأجلها شأنا . . أما أهميتها من حيث اللغة فتعود إلى جانبين كبيرين: - أولهما ما تقدمه للباحثين في نشأة اللغات وتطورها وتاريخها من الظواهر اللغوية الحية على اختلاف صنوفها: في الحرف والصوت والكلمة والتركيب . . - وثانيهما ما تقدمه للنحو وفقه اللغة من الشواهد والنماذج مما لا يبلغ بعض شأوه شواهد العربية الأخرى في الشعر والخطب والأمثال والأقوال . . وذلك بسبب مما حظيت به القراءات منذ نشأتها من عناية وضبط وتوثيق . . بالتلقي المتثبت ، والمشافهة الواعية ، والرواية المتواترة أو النقل المستفيض ، والتدوين المقرون بالوصف الدقيق والأسانيد المدروسة الموثوقة . . وأما رفعة شأنها فلارتباطها بالقرآن العظيم منهاج المتقين ومعراج المرتقين ، مصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: خيركم من تعلم القرآن وعلمه . غير أن هذا الميدان الجليل بما اتسم به من الغنى اللغوي الفريد ، نتيجة التيسير الذي عبر عنه الحديث النبوي : أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ؛ أثار قدرًا غير قليل من القضايا التي ارتبطت بعلم القراءات ، وغدت مع الزمن أقرب إلى المشكلات ، فشغلت العلماء والباحثين عبر القرون - وما يزال بعضها يشغلهم- للوصول إلى المعرفة اليقينية بشأنها . . من ذلك قولهم: ما تفسير الأحرف السبعة؟ أهي للتكثير أم لتحديد؟ وإن كانت الأخيرة فما المقصود بها على الدقة أهي القبائل أم الطرائق أم الظواهر؟ ما مدى شيوع التواتر بين القراءات ، أهو مقصور على السبع أم العشر أم ما فوق ذلك؟ أهي سواء في الفصاحة أم أن بينها فصيحًا وأفصح؟ ما موقف النحو والقياس من هذا التفاوت في الفصاحة؟ . . هذه وغيرها أسئلة كثيرة تتردد بينهم لا تفتر ، تبحث لها عن الجواب الأخير . وقد أحدث اختلاف القراءات وتعددها حركة علمية مباركة ، أسفرت عن أعداد من مجموعات الكتب القيمة . . بدأت بكتب جمعت القراءات ، فأخرى نهضت بالاحتجاج لها بلغة العرب ، وثالثة وصفت مرسوم مصاحف الأمصار ، ورابعة اهتمت بالنقط والشكل . . وبقي في الميدان زوايا يلفها بعض الغموض والاختلاف وتباين الآراء ، مما تعد رسالة شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية الآتي نصها حلقة في سلسلة الردود على تساؤلات الباحثين عن الحقيقة ، حيث أجاب فيها عن عدد من هذه التساؤلات . أما الرسالة فهي واحدة مما تضمه مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض من نفائس المخطوطات ، وتقع في سبع صفحات تضمها أربع ورقات ضمن مجموع يحمل رقم 3653 \ ف مصور عن الأصل في مكتبة تشستربتي ، كتبه بخط نسخي دقيق علي عبد الله الغزي سنة 859 هـ . ومما يعد نسخة قيمة أخرى لهذا النص ، ما تم نشره بعنوان (فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ) جـ13 \ 389- 404 فقد ضم الفاضل الشيخ عبد الرحمن العاصمي هذا النص إلى الكتاب بوصفه إحدى الفتاوى التي صدرت عن شيخ الإسلام آنذاك . . وقد أفدت منه في تصويب المواضع التي تأثرت بالرطوبة في الأصل لديّ . ولم يذكر الشيخ العاصمي مصادره ، غير أن الاختلاف الطفيف في بعض ألفاظ النصين يثبت أنه نسخة أخرى لهذه الرسالة ، مما تجد ثماره وأثره في المتن وبعض حواشي التحقيق . ومما يعد طرفا في هذا التوثيق نقول مطولة لمقاطع تامة من هذا النص ، احتج بها ابن الجزري مقرونة بنسبتها إلى ابن تيمية في كتابه (النشر في القراءات العشر 1 \ 39 وما بعدها) مما تجد الإشارة إليه في مواضعه بعد . وتبدأ الرسالة بالبسملة والدعاء فالنص على الأثر بلا عنوان يتقدمه ، ولا ضير في هذا ، لأن النص نفسه وما ورد فيه من عبارات صريحة أدلة ناصعة على صحة نسبته إلى الشيخ الإمام ابن تيمية ، مما يطالع القارئ منذ السطور الأولى . وقد لقيت هذه الرسالة من عناية العلماء عبر القرون ما يبدو أثره في الخاتم الرابض في نهايتها ، وجاء في نقشه للواقف ما نصه: "وقف سيد يوسف فضل الله ، إمام جامع سلطان محمد خان ، للولاة وللمدرسين المتأهلين ، في جامع المزبور 1145 " . أما مؤلف الرسالة فغني عن التعريف ، فهو أبرز قوة فاعلة في صياغة الحياة في دولة المماليك في القرن الثامن الهجري بميادينها: العلمية والفكرية والعامة . . مما تجده مبسوطا في مظانه ، وتؤكده مئات الكتب والرسائل التي كتبها بخطه في معالجة قضايا عصره ، رافعًا بقوة صوت الدين وموقفه منها ، مما يتأبى على الحصر " فكان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن ، وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله " . ومات رحمه الله معتقلا بقلعة دمشق سنة 728 هـ ، فخرجت دمشق كلها في جنازته رضي الله تعالى عنه وأرضاه . النص المحقق (1 \ أ) بسم الله الرحمن الرحيم ، رب يسر ما يقول سيدي الشيخ- جمع الله له خير الدنيا والآخرة- في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف . - ما المراد بهذه السبعة ؟ - وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة أو واحد منها ؟ - وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟ - وهل تجوز القراءة برواية الأعمش وابن محيصن وغيرهما من القراءات الشاذة أو لا . - وإذا جازت القراءة بها ، فهل تجوز الصلاة بها أو لا ؟ أفتونا مأجورين . أجاب ( الشيخ تقي الدين بن تيمية ) : . الحمد لله رب العالمين . هذه مسألة كبيرة ، فقد تكلم فيها أصناف العلماء من الفقهاء والقراء وأهل الحديث والتفسير والكلام وشرح الغريب وغيرهم حتى صنف فيها التصنيف المفرد ، ومن آخر ما أفرد في ذلك ما صنفه الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي المعروف بأبي شامة صاحب شرح الشاطبية . فأما ذكر أقاويل الناس وأدلتهم وتقرير الحق فيها مبسوطًا ؛ فيحتاج من ذكر الأحاديث الواردة في ذلك وذكر ألفاظها وسائر الأدلة ، إلى ما لا يتسع له هذا المكان . . ولا يليق بمثل هذا الجواب ، ولكن نذكر النكت الجامعة التي تنبه على المقصود بالجواب ، فنقول: لا نزاع بين العلماء المعتبرين بأن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة ، بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد ، وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد ، فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات: الحرمين والعراقين والشام ، إذ هذه الأمصار الخمسة [هي] التي خرج منها علم النبوة: من القرآن وتفسيره ، والحديث ، والفقه في الأعمال الباطنة والظاهرة ، وسائر العلوم الدينية . فلما أراد ذلك ، جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ، ليكون ذلك موافقًا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن ، لا لاعتقاده أو اعتماد غيره من العلماء أن القراءات السبع هي الحروف السبعة ، أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم . ولهذا قال من قال من أئمة القراء: لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة ، وإمام قراء البصرة في زمانه في رأس المئتين . [و] لا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده ، بل قد يكون معناهما متفقًا أو متقاربًا . كما قال عبد الله بن مسعود : "إنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال " . وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر ، لكن كلا المعنيين حق ، وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض . وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى (1 \ ب) الله عليه وسلم في هذا ، حديث: أنزل القرآن على سبعة أحرف : إن قلت : غفورا رحيما ، أو قلت : عزيزا حكيما ؛ فالله كذلك ، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة" ، وهذا كما في القراءات المشهورة: . إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا و {إلا أن يُخافا ألا يقيما} . و {وإن كان مكرهم لتَزول - ولتزول - من الجبال} . و {بل عجبتُ} و بَلْ عَجِبْتَ . ونحو ذلك . ومن القراءات ما يكون المعنى فيها: متفقا من وجه ، متباينا من وجه ، كقوله: {يخدعون} و {يخادعون} . و {يُكَذِّبون} و {يَكذِبون} . و {لمستم} و { لامستم } . حَتَّى يَطْهُرْنَ و {يَطَّهَرْن} . ونحو ذلك . فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق ، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية ، يجب الإيمان بها كلها ، واتباع ما تضمنه من المعنى علمًا وعملا ، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض ، بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من كفر بحرف منه فقد كفر به كله " . وأما ما اتحد لفظه ومعناه ، وإنما يتنوع صفة النطق به ، كالهمزات والمدَّات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراءات أو تغليظها ، ونحو ذلك مما تسمى القَرَأَة عامته الأصول ، فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى . إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه ، أو اختلف معناه من المترادف ونحوه ، ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها ؛ مما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى وإن وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النَقْط أو الشكل . ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعون من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين ، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة ، أو قراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي ونحوهما ، كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي - فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف . بل أكثر العلماء الأئمة - الذين أدركوا قراءة [ حمزة ] كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم- يختارون قراءة أبي جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين ، وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن إسحاق وغيرهم - على قراءة حمزة والكسائي . وللعلماء [الأئمة] في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء . ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة- يجمعون ذلك في الكتب ، ويقرأونه في الصلاة وخارج الصلاة، وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم . وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل (2 \ أ) من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة ، وجرت له قضية مشهورة ، فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه . ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة ، ولكن من لم يكن عالما بها ، أو لم تثبت عنده - كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ، ولم يتصل به بعض هذه القراءات- فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه منها ، [فإن] القراءة - كما قال زيد بن ثابت : سنة يأخذها الآخر عن الأول . كما أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ، ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك ، كله حسن ، يشرع العمل به لمن علمه . وأما من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلم ، وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ، ولا أن يخالفه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تختلفوا ، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا . وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني ، مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما: ( والليل إذا يغشى ، والنهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى ) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين . ومثل قراءة عبد الله : ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) . وكقراءته: (إن كانت إلا زقية واحدة) ونحو ذلك ، فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟ [ذلك] على قولين للعلماء - هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد - وروايتان عن مالك : : - إحداهما يجوز ذلك ، لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرأون بهذه الحروف في الصلاة . - والثانية : لا يجوز ذلك ، وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة ، فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم ، أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين . والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره ، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف ، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها . ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار ، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره . وهذا النزاع لا بد أن يبنى على الأصل الذي سأل عنه السائل ، وهو أن القراءات السبع: هل هي حرف من الحروف السبعة أو ، لا ؟ . فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة ، بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة ، وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل ، والأحاديث (2 \ ب) والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول . وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة ، وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني وغيره ، بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة ، وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه ، حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها . ثم أرسل عثمان - بمشاورة الصحابة - إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف ، وأمر بترك ما سوى ذلك . قال هؤلاء: ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة . ومن نصر قول الأولين يجيب تارة بما ذكره محمد بن جرير وغيره من أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبًا على الأمة ، إنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه ، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه ، كما أن ترتيب السور لم يكن واجبًا عليهم منصوصًا ، بل مفوضًا إلى اجتهادهم ، ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد ، وكذلك مصحف غيره ، وأما ترتيب آي السور فهو منزل منصوص عليه ، فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة ، لأن ترتيب الآيات مأمور به نصًّا ، وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم ، قالوا: فكذلك الأحرف السبعة . فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد ، اجتمعوا على ذلك اجتماعًا سائغًا- وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة- ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور . ومن هؤلاء من يقول: إن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام ، لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا ، فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة ، وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم- أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة ، ويقولون: إنه نسخ ما سوى ذلك ، وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهما - مما يخالف رسم هذا المصحف- منسوخة . وأما من قال عن ابن مسعود : إنه يجوز القراءة بالمعنى ؛ فقد كذب عليه . وإنما قال: "قد نظرت إلى القرأة فرأيت قراءتهم متقاربة ، وإنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال . فاقرءوا كما علمتم " أو كما قال . فمن جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال: يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها . ومن لم يجوزه فله أربعة مآخذ: - تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة . - وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة . - وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه . - وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن . وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين (3 \ أ) . ولهذا كان في المسألة قول ثالث وهو اختيار جدي أبي البركات أنه: إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة - وهي الفاتحة عند القدرة عليها - لم تصح صلاته ، لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة ، لعدم ثبوت القرآن بذلك . وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل صلاته ، لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل ، لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها . وهذا القول ينبني على أصل ، وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟ فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك ، إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا . وذهب فريق من أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه ، حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبي بكر بخطأ الشافعي وغيره ممن أثبت البسملة [آية] ، من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن فإنه يجب القطع بنفيه . والصواب القطع بخطأ هؤلاء ، وأن البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف ؛ إذا لم يكتبوا فيه إلا القرآن وجردوه مما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور . ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها ، كما [أنها] ليست من السورة التي قبلها ، بل هي كما كتبت - آية أنزلها الله في أول كل سورة وإن لم تكن من السورة ، وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة . وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات ؛ فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت . بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كل واحد من القولين حق ، وإنها آية من القرآن في بعض القراءات- وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين - وليست آية في بعض القراءات ، وهي قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها وأما قول السائل: ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟ فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله ، إذ ليس لأحد أن يقرأ برأيه المجرد ، بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمام وقد أقرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء- لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف . ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء أو تاء ، ويتنوعون في بعض ، كما اتفقوا في قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ في موضع ، وتنوعوا في موضعين . وقد بينا أن القراءتين كالآيتين ، فزيادة القراءات كزيادة الآيات ، لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذاك أخصر في الرسم ، والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على حفظ المصاحف ، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم . فقلت: أي رب إذن يثلغوا رأسي ، فقال: إني مبتليك ومبتل بك ، ومنزل عليك كتابًا لا يغسله الماء ، تقرأه (3 \ ب) نائما ويقظان . فابعث جندا أبعث مثليهم ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك ، وأنفق أنفق عليك . فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء ، بل يقرأه في كل حال ، كما جاء في نعت أمته: أناجيلهم في صدورهم بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا ، لا عن ظهر قلب . وقد ثبت في الصحيح أنه جمع القرآن كله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة: كالأربعة الذين من الأنصار ، وكعبد الله بن عمرو ، فتبين بما ذكرناه أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم . . ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، وذلك باتفاق علماء السلف والخلف ، وكذلك ليست هذه القراءات السبع هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، باتفاق العلماء المعتبرين ، بل القراءات الثابتة عن أئمة القراءة كالأعمش ويعقوب وخلف وأبي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة ، عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك . وهذا أيضًا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم ، وإنما تنازع الناس من الخلف في المصحف العثماني الإمام ، الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم- (هل هو بما فيه من قراءة السبعة وتمام العشرة وغير ذلك ، حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها) أو هو مجموع الأحرف السبعة؟ على قولين مشهورين: - الأول: قول أئمة السلف والعلماء . - الثاني: قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم . وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضًا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض ، بل يصدق بعضها بعضًا كما تصدق الآيات بعضها بعضًا . وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم ، إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع . أما إذا قيل: إن ذلك هي الأحرف السبعة فظاهر ، وكذلك بطريق الأولى إذا قيل: إن ذلك حرف من الأحرف السبعة . فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرءوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع الأحرف في الرسم - فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى . وهذا من أسباب تركهم المصاحف - أول ما كتبت - غير مشكولة ولا منقوطة ، لتكون صورة الرسم محتملة لأمرين: كالتاء والياء ، والفتح والضم . وهم يضبطون المنقولين المسموعين المتلوين - شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين . فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعًا ، كما قال أبو عبد الرحمن السلمي . - وهو الذي روى عن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه كما رواه البخاري في صحيحه ، وكان يقرئ القرآن أربعين سنة ، قال : - "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل . . قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا" . ولهذا دخل في معنى قوله : خيركم من تعلم القرآن وعلمه تعليم حروفه ومعانيه جميعا ، بل تعليم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه ، وذلك هو الذي يزيد الإيمان . كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر (10) وغيرهما: "تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا ، وإنكم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان " . وفي الصحيحين عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين ، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ؛ حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ونزل القرآن . . . وذكر الحديث بطوله ، ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك . وإنما المقصود التنبيه على أن ذلك كله مما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس ، وبلغنا أصحابه عنه الإيمان والقرآن حروفه ومعانيه ، وذلك مما أوحاه الله إليه . كما قال تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا . وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست بشاذة حينئذ . والله أعلم بالصواب . تمت بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في يوم الثلاثاء سادس عشرين جماد[ى] الأولى من شهور سنة تسع وخمسين وثمانمائة . مصادر البحث والتحقيق * الإبانة عن معاني القراءات . لمكي القيسي . تح د . محيي الدين رمضان . دار المأمون للتراث بدمشق 1399 هـ - 1979 م . * إبراز المعاني من حرز الأماني لأبي شامة الدمشقي . البابي الحلبي بمصر 1349 هـ. * الإصابة في تمييز الصحابة . لابن حجر العسقلاني . الطبعة الأولى - مطبعة السعادة بمصر 1328 هـ . * الأعلام . للزركلي . الطبعة الثالثة . * تاريخ بغداد . للخطيب البغدادي . دار الكتاب العربي - بيروت . * تفسير القرطبي - مصورة عن طبعة دار الكتب . * التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني . تح أوتوبرتزل ط . استانبول 1930 م . * السبعة لابن مجاهد . تح د . شوقي ضيف ط . الثانية - دار المعارف بالقاهرة 1400 هـ * الشاطبية . وشرحها للشيخ علي الضباع . مكتبة صبيح بالقاهرة 1381 هـ - 1961م . * صحيح البخاري . مصورة الطبعة الأولى 1315 هـ بمصر . * صحيح مسلم بشرح النووي - المطبعة المصرية ومكتبتها . * غاية النهاية في طبقات القراء . لابن الجزري . تح . برجستراسر . مصورة الطبعة الأولى 1351م هـ - 1932 . * كتاب سيبويه . مصورة طبعة بولاق . * لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني تح الشيخ عامر عثمان ود . عبد الصبور شاهين بالقاهرة 1392 هـ - 1972 . * لسان العرب لابن منظور . مصورة طبعة بولاق 1300 هـ . * مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية . جمع وترتيب عبد الرحمن العاصمي وابنه محمد . مصورة الطبعة الأولى 1398 هـ . * المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز . لأبي شامة الدمشقي تح طيار آلتي قولاج ط . دار صادر - بيروت 1395 هـ - 1975م . * مسند الإمام أحمد . مصورة الطبعة الأولى . الميمنية بمصر 1313 هـ . * منجد المقرئين ومرشد الطالبين . لابن الجزري . مكتبة القدسي 1350 هـ . * النشر في القراءات العشر . لابن الجزري . تح الشيخ علي الضباع . * وفيات الأعيان لابن خلكان . تح د . إحسان عباس . دار الثقافة ببيروت .
    0
  • التقريب الميسر للشاطبية
    تطبيق التقريب الميسر للشاطبية هو معينك على فهم منظومة الشاطبية ورفيقك في طريق تعلم القراءات.

    قامت بإعداد المادّة العلمية لهذا العمل الشيخة المقرئة المتقنة "نزيهة علاء الدين المدني" المجازة بالقراءات العشر الصغرى بعد رحلة طويلة في تدريس هذا العلم الشريف
    تطبيق التقريب الميسر للشاطبية هو معينك على فهم منظومة الشاطبية ورفيقك في طريق تعلم القراءات. قامت بإعداد المادّة العلمية لهذا العمل الشيخة المقرئة المتقنة "نزيهة علاء الدين المدني" المجازة بالقراءات العشر الصغرى بعد رحلة طويلة في تدريس هذا العلم الشريف
    0
  • دليل الإتقان - حفص
    محتوى التطبيق
    التطبيق يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية من كتاب دليل الإتقان في تلاوة القرءان، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد، من خلال طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    محتوى التطبيق التطبيق يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية من كتاب دليل الإتقان في تلاوة القرءان، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد، من خلال طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    0
  • منارة الإتقان
    أضع بين يديكم تطبيق (منارة الإتقان) والذي هو النسخة الإلكترونية التفاعلية من كتاب منارة الإتقان في تلاوة القرءان والذي يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد باستخدام طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    أضع بين يديكم تطبيق (منارة الإتقان) والذي هو النسخة الإلكترونية التفاعلية من كتاب منارة الإتقان في تلاوة القرءان والذي يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد باستخدام طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    0
  • دليل التجويد
    التطبيق يحتوي على ما يلي:

    دليل الاتقان حفص:
    والذي يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد، من خلال طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    التطبيق يحتوي على ما يلي: دليل الاتقان حفص: والذي يمثل جمعاً لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، تم تصميمه بهدف التيسير على طلاب العلم وسالكي درب إتقان أحكام التلاوة والتجويد، من خلال طرق العرض المبسطة والميسرة والتي من شأنها إيصال المعلومة بأبسـط الطرق وأقصرها.
    0
  • أَبُو رَبِيعَةَ، مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ ابْنِ وَهْبٍ الرَّبعِيُّ ( تُوُفِّيَ 294 هـ )

    محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين بن سنان أبو ربيعة الربعي المكي المؤدب مؤذن المسجد الحرام مقرئ جليل ضابط، أخذ القراءة عرضاً عن البزي وقنبل، قال الداني وضبط عنهما روايتهما وصنف ذلك في كتاب أخذه الناس عنه وسمعوه منه وهو من كبار أصحابهما وقدمائهم من أهل الضبط والإتقان والثقة والعدالة وأقرأ الناس في حياتهما، قلت وطريقه عن البزي هي التي في الشاطبية والتيسير من طريق النقاش عنه، روى القراءة عنه عرضاً محمد بن الصباح ومحمد بن عيسى بن بندار وعبد الله بن أحمد البلخي ومحمد بن موسى الهاشمي العباسي ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله وإبراهيم بن عبد الرزاق ومحمد بن الحسن النقاش وهبة الله بن جعفر وعمر ابن محمد بن عبد الصمد بن بنان وأحمد بن محمد بن هارون ومحمد بن أحمد الداجوني ويوسف بن يعقوب فيما ذكره الهذلي فيهما والله أعلم، مات في رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين

    https://rb.gy/ioih1o
    أَبُو رَبِيعَةَ، مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ ابْنِ وَهْبٍ الرَّبعِيُّ ( تُوُفِّيَ 294 هـ ) محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين بن سنان أبو ربيعة الربعي المكي المؤدب مؤذن المسجد الحرام مقرئ جليل ضابط، أخذ القراءة عرضاً عن البزي وقنبل، قال الداني وضبط عنهما روايتهما وصنف ذلك في كتاب أخذه الناس عنه وسمعوه منه وهو من كبار أصحابهما وقدمائهم من أهل الضبط والإتقان والثقة والعدالة وأقرأ الناس في حياتهما، قلت وطريقه عن البزي هي التي في الشاطبية والتيسير من طريق النقاش عنه، روى القراءة عنه عرضاً محمد بن الصباح ومحمد بن عيسى بن بندار وعبد الله بن أحمد البلخي ومحمد بن موسى الهاشمي العباسي ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله وإبراهيم بن عبد الرزاق ومحمد بن الحسن النقاش وهبة الله بن جعفر وعمر ابن محمد بن عبد الصمد بن بنان وأحمد بن محمد بن هارون ومحمد بن أحمد الداجوني ويوسف بن يعقوب فيما ذكره الهذلي فيهما والله أعلم، مات في رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين https://rb.gy/ioih1o
    0
  • علة الحكم والتسمية
    في علم التلاوة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

    تأليف: علي عبد الله عباس الحديدي
    علة الحكم والتسمية في علم التلاوة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية تأليف: علي عبد الله عباس الحديدي
    0
  • توفي في مثل هذا اليوم 24 نوفمبر 1980 م .

    شيخ القراء
    شيخ عموم المقارئ المصرية في عصره
    أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم
    أول من قرأ القرآن الكريم في الكونجرس الأمريكي
    القارئ الوحيد الذي سجل سبع مصاحف مكتملة بروايات مختلفة في عصره .
    القارئ الذي طاف القارات الخمس .

    فضيلة الشيخ محمود خليل #الحصري
    نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته آمين يارب العالمين .

    ولد في 17 سبتمبر عام 1917 م .
    بقرية شبرا النملة، طنطا ، محافظة الغربية .

    كان والده قبل ولادته قد انتقل من محافظة الفيوم إلى هذه القرية التي ولد فيها.
    وهو قارئ قرآن مصري أجاد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر.

    نشأته وحياته :.

    انتقل والده السيد خليل قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري. والدته هي السيدة فرح أو كما يطلق عليها أهل القرية "فرحة". أدخله والده الكتاب في عمر الأربع سنوات ليحفظ القرآن وأتم الحفظ في الثامنة من عمره. كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدي بطنطا يوميا ليحفظ القرآن وفي الثانية عشر انضم إلى المعهد الديني في طنطا. ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر.

    أخذ شهاداته في ذلك العلم (علم القراءات) ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن. في عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة. في عام 1950م عين قارئا للمسجد الاحمدي بطنطا كما عين في العام 1955م قارئا لمسجد الحسين بالقاهرة. كان أول من سجل المصحف الصوتي المرتل برواية حفص عن عاصم وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة. أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول؛ فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها الذي ترمي إليه تلك المفردات...كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.

    زواجه وعائلته :.

    تزوج عام 1938م من سعاد محمد الشربيني وكانت معظم مسؤوليات التربية تقع على كاهل زوجته بسبب انشغاله بعمله وأسفاره، ويروي أحد أبناءه:" "كان يعطي كل من حفظ سطراً قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائماً على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضا الله علينا ثم رضا الوالدين فنكافأ بزيادة في المصروف وكانت النتيجة أن ألتزم كل أبنائه بالحفظ وأذكر أنه في عام 1960 م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشاً وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه وكان يتابع ذلك كثيراً إلى أن حفظ كل أبنائه ذكوراً وإناثاً القرآن الكريم كاملاً والحمد لله".

    * ابنته 'إفراج' والحاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة وعلم نفس والتي عملت بعد تخرجها بمجلس الامة (مجلس الشعب) حتى درجة وكيل أول وزارة، وهي الآن ترأس جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والاجتماعية.

    بداياته :.

    كان يقرأ القرأن في مسجد قريته، وفي اجتماعات السكان هنالك، وفي عام 1944 تقدم إلى الإذاعة المصرية بطلب كقارئ للقرآن الكريم وبعد مسابقة حصل على العمل وكانت أول بث مباشر على الهواء له في 16 نوفمبر 1944م، استمر البث الحصري له على أثير إذاعة القرآن المصرية لمدة عشر سنوات.
    عين شيخاً لمقرأة سيدي عبد المتعال في طنطا. في 7 أغسطس 1948 صدر قرار تعيينه مؤذنا في مسجد سيدي حمزة، ثم في 10 أكتوبر 1948 عدل القرار إلى قارئ في المسجد مع احتفاظه بعمله في مقرأة سيدي عبد المتعال. ليصدر بعد ذلك قرار وزاري بتكليفه بالإشراف الفني على مقاريء محافظة الغربية. انتدب في 17 إبريل 1949م قارئا في مسجد أحمد البدوي في طنطا (المسجدالأحمدي). في عام 1955م انتقل إلى مسجد الإمام الحسين في القاهرة.

    محطات في حياته :..
    ---------------------
    1957م عين مفتشا للمقارئ المصرية.
    1958م عين وكيلا لمشيخة المقارئ المصرية.
    1958م تخصص في علوم القراءات العشر الكبرى وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها ونال عنها شهادة علوم القراءات العشر من الأزهر الشريف.
    1959م عين مراجعا ومصححا للمصاحف بقرار مشيخة الأزهر الشريف.
    1960م أول من ابتعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان وقراءة القرآن الكريم في المؤتمر الإسلامي الأول بالهند في حضور الرئيس الأول بالهند في حضور الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس جواهر لال نهرو وزعيم المسلمين بالهند.
    1961م عين بقرار جمهوري شيخا لعموم المقارئ المصرية.
    1961م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم وظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفردا حوالي عشر سنوات.
    1962م عين نائبا لرئيس لجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف ثم رئيسا لها بعد ذلك.
    1963م زيارته لدولة الكويت بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية لتلاوت القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك.
    1964م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية ورش عن نافع.
    1965م قام بزيارة فرنسا وأتيحت له الفرصة لهداية عشرة فرنسيين لدين الإسلام بعد أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم.
    1966م عين مستشارا فنيا لشؤون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف.
    1966م اختاره اتحاد قراء العالم الإسلامى رئيسا لقراء العالم الإسلامي بمؤتمر اقرأ بكراتشي بباكستان.
    1967م عين خبيرا بمجمع البحوث الإسلامية لشؤون القرآن الكريم (هيئة كبار العلماء) بالأزهر الشريف.
    1967م حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم.
    1967م رئيس اتحاد قراء العالم.
    1968م انتخب عضوا في المؤتمر القومي للإتحاد الاشتراكي عن محافظة القاهرة (قسم الموسكي).
    1968م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية قالون ورواية الدوري.
    1969م أول من سجل المصحف المعلم في أنحاء العالم (طريقة التعليم).
    1970م سافر إلى الولايات المتحدة لأول مرة موفدا من وزارة الأوقاف للجاليات الإسلامية بأمريكا الشمالية والجنوبية.
    1973م قام الشيخ محمود خليل الحصري أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلا وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه بعد سماعهم لتلاوته القرآن الكريم.
    1975م أول من رتل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسر (مصحف الوعظ).
    1977م أول من رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم الإسلامي في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية.
    1978م أول من رتل القرآن الكريم في القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن ودعاه مجلس الشؤون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفربول وشيفلد ليرتل أمام الجاليات العربية والإسلامية في كل منهما.
    الشيخ محمود خليل الحصري هو من كبار القراء وأيضا من أشهر القراء في العالم الإسلامي .

    تسجيلاته للقرآن :.
    -----------------
    تسجيل المصحف المرتل بمد المنفصل برواية حفص عن عاصم - 1961م.
    تسجيل المصحف المرتل برواية ورش عن نافع - 1964م.
    تسجيل المصحف المرتل برواية قالون، ورواية الدوري عن ابي عمرو البصري - 1968م.
    تسجيل المصحف المعلِّم - 1969م.
    تسجيل المصحف المفسر (مصحف الوعظ) - 1973م.
    المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل
    المصحف المجود برواية حفص عن عاصم .

    مؤلفاته :.
    ----------
    أحكام قراءة القرآن الكريم.
    القراءات العشر من الشاطبية والدرة.
    معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء.
    الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير.
    أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر.
    مع القرآن الكريم.
    قراءة ورش عن نافع المدني.
    قراءة الدوري عن أبى عمرو البصري.
    نور القلوب في قراءة الإمام يعقوب.
    السبيل الميسر في قراءة الإمام أبى جعفر.
    حسن المسرة في الجمع بين الشاطبية والدرة.
    النهج الجديد في علم التجويد.
    رحلاتى في الإسلام.

    أول من :.
    ---------
    1961 - أول من سجل القرآن برواية حفص عن عاصم.
    1964 - أول من سجل القرآن برواية ورش عن نافع.
    1968 - أول من سجل القرآن برواية قالون ورواية الدورى عن أبي عمرو البصري.
    1969 - أول من سجل القرآن المعلم (طريقة التعليم).
    1975 - أول من رتل القرآن بطريقة المصحف المفسر.
    1977 - أول من رتل القرآن في الأمم المتحدة.
    1978 - أول من رتل القرآن في القصر الملكي في لندن.
    أول قارئ يقرأ القرآن في البيت الأبيض، وقاعة الكونغرس الأمريكي.

    وفاته :.
    -------

    كان حريصا في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد ديني ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة.
    أوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه،
    والإنفاق في كافة وجوه البر.

    توفي مساء يوم الإثنين 16 محرم سنة 1401 هـ الموافق 24 نوفمبر 1980 بعد صلاة العشاء بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا.
    توفي في مثل هذا اليوم 24 نوفمبر 1980 م . شيخ القراء شيخ عموم المقارئ المصرية في عصره أول من سجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم أول من قرأ القرآن الكريم في الكونجرس الأمريكي القارئ الوحيد الذي سجل سبع مصاحف مكتملة بروايات مختلفة في عصره . القارئ الذي طاف القارات الخمس . فضيلة الشيخ محمود خليل #الحصري نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته آمين يارب العالمين . ولد في 17 سبتمبر عام 1917 م . بقرية شبرا النملة، طنطا ، محافظة الغربية . كان والده قبل ولادته قد انتقل من محافظة الفيوم إلى هذه القرية التي ولد فيها. وهو قارئ قرآن مصري أجاد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر. نشأته وحياته :. انتقل والده السيد خليل قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري. والدته هي السيدة فرح أو كما يطلق عليها أهل القرية "فرحة". أدخله والده الكتاب في عمر الأربع سنوات ليحفظ القرآن وأتم الحفظ في الثامنة من عمره. كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدي بطنطا يوميا ليحفظ القرآن وفي الثانية عشر انضم إلى المعهد الديني في طنطا. ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر. أخذ شهاداته في ذلك العلم (علم القراءات) ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت متميز وأداء حسن. في عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة. في عام 1950م عين قارئا للمسجد الاحمدي بطنطا كما عين في العام 1955م قارئا لمسجد الحسين بالقاهرة. كان أول من سجل المصحف الصوتي المرتل برواية حفص عن عاصم وهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة. أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول؛ فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها الذي ترمي إليه تلك المفردات...كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه. زواجه وعائلته :. تزوج عام 1938م من سعاد محمد الشربيني وكانت معظم مسؤوليات التربية تقع على كاهل زوجته بسبب انشغاله بعمله وأسفاره، ويروي أحد أبناءه:" "كان يعطي كل من حفظ سطراً قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائماً على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضا الله علينا ثم رضا الوالدين فنكافأ بزيادة في المصروف وكانت النتيجة أن ألتزم كل أبنائه بالحفظ وأذكر أنه في عام 1960 م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشاً وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه وكان يتابع ذلك كثيراً إلى أن حفظ كل أبنائه ذكوراً وإناثاً القرآن الكريم كاملاً والحمد لله". * ابنته 'إفراج' والحاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة وعلم نفس والتي عملت بعد تخرجها بمجلس الامة (مجلس الشعب) حتى درجة وكيل أول وزارة، وهي الآن ترأس جمعية الشيخ الحصري للخدمات الدينية والاجتماعية. بداياته :. كان يقرأ القرأن في مسجد قريته، وفي اجتماعات السكان هنالك، وفي عام 1944 تقدم إلى الإذاعة المصرية بطلب كقارئ للقرآن الكريم وبعد مسابقة حصل على العمل وكانت أول بث مباشر على الهواء له في 16 نوفمبر 1944م، استمر البث الحصري له على أثير إذاعة القرآن المصرية لمدة عشر سنوات. عين شيخاً لمقرأة سيدي عبد المتعال في طنطا. في 7 أغسطس 1948 صدر قرار تعيينه مؤذنا في مسجد سيدي حمزة، ثم في 10 أكتوبر 1948 عدل القرار إلى قارئ في المسجد مع احتفاظه بعمله في مقرأة سيدي عبد المتعال. ليصدر بعد ذلك قرار وزاري بتكليفه بالإشراف الفني على مقاريء محافظة الغربية. انتدب في 17 إبريل 1949م قارئا في مسجد أحمد البدوي في طنطا (المسجدالأحمدي). في عام 1955م انتقل إلى مسجد الإمام الحسين في القاهرة. محطات في حياته :.. --------------------- 1957م عين مفتشا للمقارئ المصرية. 1958م عين وكيلا لمشيخة المقارئ المصرية. 1958م تخصص في علوم القراءات العشر الكبرى وطرقها وروايتها بجميع أسانيدها ونال عنها شهادة علوم القراءات العشر من الأزهر الشريف. 1959م عين مراجعا ومصححا للمصاحف بقرار مشيخة الأزهر الشريف. 1960م أول من ابتعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان وقراءة القرآن الكريم في المؤتمر الإسلامي الأول بالهند في حضور الرئيس الأول بالهند في حضور الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس جواهر لال نهرو وزعيم المسلمين بالهند. 1961م عين بقرار جمهوري شيخا لعموم المقارئ المصرية. 1961م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم وظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفردا حوالي عشر سنوات. 1962م عين نائبا لرئيس لجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف ثم رئيسا لها بعد ذلك. 1963م زيارته لدولة الكويت بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤن الإسلامية لتلاوت القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك. 1964م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية ورش عن نافع. 1965م قام بزيارة فرنسا وأتيحت له الفرصة لهداية عشرة فرنسيين لدين الإسلام بعد أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم. 1966م عين مستشارا فنيا لشؤون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف. 1966م اختاره اتحاد قراء العالم الإسلامى رئيسا لقراء العالم الإسلامي بمؤتمر اقرأ بكراتشي بباكستان. 1967م عين خبيرا بمجمع البحوث الإسلامية لشؤون القرآن الكريم (هيئة كبار العلماء) بالأزهر الشريف. 1967م حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم. 1967م رئيس اتحاد قراء العالم. 1968م انتخب عضوا في المؤتمر القومي للإتحاد الاشتراكي عن محافظة القاهرة (قسم الموسكي). 1968م أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية قالون ورواية الدوري. 1969م أول من سجل المصحف المعلم في أنحاء العالم (طريقة التعليم). 1970م سافر إلى الولايات المتحدة لأول مرة موفدا من وزارة الأوقاف للجاليات الإسلامية بأمريكا الشمالية والجنوبية. 1973م قام الشيخ محمود خليل الحصري أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلا وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه بعد سماعهم لتلاوته القرآن الكريم. 1975م أول من رتل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسر (مصحف الوعظ). 1977م أول من رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم الإسلامي في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية. 1978م أول من رتل القرآن الكريم في القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن ودعاه مجلس الشؤون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفربول وشيفلد ليرتل أمام الجاليات العربية والإسلامية في كل منهما. الشيخ محمود خليل الحصري هو من كبار القراء وأيضا من أشهر القراء في العالم الإسلامي . تسجيلاته للقرآن :. ----------------- تسجيل المصحف المرتل بمد المنفصل برواية حفص عن عاصم - 1961م. تسجيل المصحف المرتل برواية ورش عن نافع - 1964م. تسجيل المصحف المرتل برواية قالون، ورواية الدوري عن ابي عمرو البصري - 1968م. تسجيل المصحف المعلِّم - 1969م. تسجيل المصحف المفسر (مصحف الوعظ) - 1973م. المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل المصحف المجود برواية حفص عن عاصم . مؤلفاته :. ---------- أحكام قراءة القرآن الكريم. القراءات العشر من الشاطبية والدرة. معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء. الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير. أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر. مع القرآن الكريم. قراءة ورش عن نافع المدني. قراءة الدوري عن أبى عمرو البصري. نور القلوب في قراءة الإمام يعقوب. السبيل الميسر في قراءة الإمام أبى جعفر. حسن المسرة في الجمع بين الشاطبية والدرة. النهج الجديد في علم التجويد. رحلاتى في الإسلام. أول من :. --------- 1961 - أول من سجل القرآن برواية حفص عن عاصم. 1964 - أول من سجل القرآن برواية ورش عن نافع. 1968 - أول من سجل القرآن برواية قالون ورواية الدورى عن أبي عمرو البصري. 1969 - أول من سجل القرآن المعلم (طريقة التعليم). 1975 - أول من رتل القرآن بطريقة المصحف المفسر. 1977 - أول من رتل القرآن في الأمم المتحدة. 1978 - أول من رتل القرآن في القصر الملكي في لندن. أول قارئ يقرأ القرآن في البيت الأبيض، وقاعة الكونغرس الأمريكي. وفاته :. ------- كان حريصا في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد ديني ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة. أوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في كافة وجوه البر. توفي مساء يوم الإثنين 16 محرم سنة 1401 هـ الموافق 24 نوفمبر 1980 بعد صلاة العشاء بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا.
    0
  • ترجمة الشيخ عبد الرزاق الحلبي *
    الكاتب تلميذه: محمد بن أحمد ححود التمسماني

    الحمد لله المتفضل علينا بجليل نعمائه , والموهب لنا بعظيم إحسانه وآلائه , وصلاة ربي وسلامه على الذي نزّل القرآن على قلبه فأوصله إلى آله وأصحابه , فنقلوه كما أخذوه ولقنوه، فأجازوا به من رأوه أهلاً لقراءة القرآن وإقرائه , إلى أن وصل غضّاً طريّاً إلى أهله وأحبابه.

    جزى الله بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا القرآن عذباً وسلسلا

    فكان من بين هؤلاء الأئمة الأعلام , والمجازين في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، شيخنا الفاضل الشيخ المقرئ عبد الرزاق الحلبي حفظه الله.

    اسمه ومولده:
    هو العلامة الهمام الفقيه المقرئ المتمكن المشارك عبد الرزاق بن محمد حسن بن رشيد بن حسن الحلبي الأصل الدمشقي المولد والمنشأ والإقامة الحنفي حفظه الله تعالى.
    ولد بدمشق في عام (1343هـ/ 1925م) في دار والده بالقيمرية.

    نشأته وطلبه للعلم:
    نشأ الشيخ عبدالرزاق في بيت دين وعلم، فوالده من طلاب العلم الملتزمين بمجالس العلماء.
    ووالدته ابنة مفتي الشام الشيخ العلامة محمد عطا الكسم رحمه الله. توفي والده صغيراً وعمره لما يتجاوز الثامنة، فكفلته أمه وعمه محمد عيد الحلبي رحمه الله، وقرأ القرآن الكريم وختمه وهو في السابعة من عمره, ثمَّ دخل الابتدائية ونالها (1937م) فكان الأول في صفه، بعد ذلك دخل التجهيز فمكث فيها سنتين تقريباً, ثمَّ ترك الدراسة والتحق بالعمل الدنيوي, ثم أصبح مديراً للعمل من عام (1939-1952 م) , وكان خلالها يحضر مجالس العلم. ومرّ بمسجد بني أميّة فرأى الشيخ محمد صالح الفرفور يدرّس فيه , فلازم مجالسه إلى أن توفاه الله تعالى.

    في سنة (1955م) تزوج من آل الزبيب بدمشق، ورزق بسبعة أولاد، وقد حفظه الله تعالى بهم فهم من ذوي الشهادات العلمية ذكوراً وإناثاً.

    واعتنى الشيخ بتحصيل العلم والأخذ عن المشايخ، فدرس الفقه والحديث واللغة والقراءات وغير ذلك من العلوم الشرعية، فحفظ القرآن الكريم ومتن الشاطبية والدرة وجمع القراءات العشر من طريقيهما، وقرأ عدداً من التفاسير وكتب السنة والفقه واللغة وشروحها، وحفظ ألفية ابن مالك وغيرها من المتون.

    والشيخ عبدالرزاق ملمٌّ باللغة التركية واللغة الفرنسية ، مع لغته الأم العربية.كما أنه حجَّ بيت الله الحرام بضعاً وأربعين حجة.

    شيوخه ومجيزوه:
    تأثر الشيخ عبد الرزاق بعلماء عصره وأحوالهم مع الله , فرزقه الله تعالى الالتزام بمجالسهم , والنهل من علومهم ومنهم:
    1- الشيخ العلامة المقرئ محمود فايز الديرعطاني، فقد حفظ عليه القرآن كما حفظ عنده متن الشاطبية.
    2- الشيخ الدكتور محمد سعيد الحلواني ، الذي بدأ بجمع القراءات عليه فحصّل أغلب القراءات عليه فتوفي الشيخ ولم يتم عليه.
    3- الشيخ المقرئ شيخ قراء الشام حسين بن رضا خطاب ، الذي أتم عليه الجمع بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وأجازه بذلك.
    4- الشيخ العلامة المتفنن محمد صالح الفرفور , ويعد الشيخ صالح شيخه الخاص الذي أخذ عليه معظم علوم اللغة والشريعة , ومنذ رآه أحب درسه ولازمه طوال حياته، وكان إذا غاب ناب محله حتى عين مدرساً بالفتوى سنة (1958م) فقرأ عليه تفسير النسفي، وشرح مسلم، للإمام النووي، والترغيب والترهيب، ونور الإيضاح والمراقي، وحاشية الطحطاوي عليهما، والقدوري، وشرحه , ومجمع الأنهر , والدر المختار , وحاشية ابن عابدين ، والمنار وشروحه , والبيقونية وشروحها، وتدريب الراوي، وبعد أن قرأ الألفية على الشيخ واسمعها له كافأه الشيخ صالح على عادته فلم يترك علماً إلاّ سهله عليه.
    5- الشيخ العلامة الدكتور أبو اليسر عابدين فقد أجازه إجازة عامة.
    6- الشيخ أحمد القاسمي الذي نال منه إجازة علمية.
    7- الشيخ الفقيه محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني الذي أجازه بما يحويه ثبته: إتحاف ذوي العناية.
    8- الشيخ العلامة محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني فقد أجازه إجازة عامة. وغيرهم ممن حظي بمعرفتهم ونصحهم كالشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ مكي الكتاني والشيخ إبراهيم الغلاييني رحمهم الله .

    تلاميذه:
    تولى الشيخ تعليم المسلمين عامة وطلبة العلم مدة طويلة زادت على خمسين سنة , خرّج خلالها المئات من طلبة العلم الشريف، وحفظة كتاب الله ، وحاملي لواء الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ونفع الله بعلمه ، وألقى في قلوب الناس محبته ، وكتب له القبول في الأرض ، ومن تلاميذه:
    1- الشيخ إحسان السيد حسن.
    2- الشيخ محمد بدر الدين بن عزت الأغواني.
    3- الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الخجا .
    4- الشيخ غسان بن قاسم الهبا .
    5- الشيخ زياد بن محمد الحوراني .
    6- الشيخ رفعت علي ديب.
    7- الشيخ محمد صادقة.
    سبعتهم جمعوا عليه القراءات العشر الصغرى وأجيزوا منه.
    8- الشيخ أبو نعيم محمد بن أحمد شابو، قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم.
    9- كاتب هذه السطور:أبو الفضل محمد بن أحمد ححود التمسماني: قرأ عليه ختمة كاملة برواية ورش عن نافع كما قرأ عليه الأربعين العجلونية وأجازه بكل ذلك.

    كما أن الشيخ عبد الرزاق الحلبي - حفظه الله- أجاز لبعض تلاميذه إجازة عامة نذكر منهم:
    10-الشيخ الفقيه محمد أديب الكلاس الحنفي الدمشقي.
    11- الشيخ الدكتور أكرم بن عبد الوهاب الشافعي الموصلي.
    12ـ الشيخ المحقق: مجد بن أحمد مكي الحلبي.
    13ـ الشيخ الدكتور المحقق: قاسم بن علي سعد الحنفي.
    14-الشيخ محمد وائل الحنبلي .
    15- الشيخ عبد الله بن أحمد التوم .
    16- الشيخ أبو الإسعاد خالد السباعي.
    17- الشيخ عمر بن موفق النشوقاتي.
    18- الشيخ الدكتور يحيى بن عبد الرزاق الغوثاني.
    19- الشيخ المقرئ خالد حسن أبو الجود البورسعيدي.
    وغيرهم كثير.

    نشاطات الشيخ:
    بدأ التدريس في جامع الفتح الإسلامي وقسم التخصص فيه، فكان جلّ تعليمه في هذين المكانين الشريفين, فقد أفنى فيهما حياته إرشاداً وتعليماً وإفتاءً وإدارة، وهو فيهما المرجع الأول والأخير لطلبة العلم والعامة. وقد درّس فيهما كتباً كثيرة منها : صحيح البخاري ومختصره، والشفاء للقاضي عياض، وحاشية ابن عابدين (أكثر من ثلاث مرات)، والقرطبي مرتين، والاختيار، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، والنسفي (أكثر من مرة)، وتفسير الخازن، وإحياء علوم الدين، ورياض الصالحين، وسنن أبي داوود، وجامع الأصول، وغير ذلك من أمهات الكتب التي وعاها الشيخ وتمكن من عباراتها وسهل لطلابه فهم معانيها.
    وعُيّن خطيباً بعدة مساجد : في جامع القطط مدة 15 سنة، وفي جامع الجورة مدة 24 سنة، ثمَّ في مسجد الصحابي سيدنا بلال.
    وتولى إدارة الجامع الأموي وهو مديره إلى يومنا هذا , وهو إمام الحنفية فيه. وحين توفي شيخ القراء الشيخ حسين خطاب نودي عليه شيخاً للقراء من على منبر الأموي لكنه قام خطيباً وتنازل عنها للشيخ محمد كريّم راجح حفظهم الله.
    كما كان عضواً مؤسساً في جمعية الفتح الإسلامية مع الشيخ محمد صالح الفرفور، ثمَّ ترأس هذه الجمعية بعد وفاة الشيخ.
    وزار عدداً من البلدان منها مصر وليبيا وإيران وماليزيا وتركيا والخليج العربي والكويت والسعودية، وفي كل البلدان كانت له مواعظ وخطب أفادت خلقاً كثيرين.

    أخلاقه وشمائله:
    جمع الشيخ إلى علمه الغزير صفات الصالحين , فهو صاحب علم وصلاح وتواضع، يعرف ذلك من خالطه وجالسه،لم يعلق قلبه بالدنيا , يبذل الصدقات , ويطرق أبواب الخير , ملتزماً بالسنة المطهرة , سليم الصدر لا يحمل في قلبه على أحد ولو أوذي , حسن الظن بالناس , يعامل الناس كلاًّ بما يليق به ويناسبه , حكيم يضع الأمور في مواضعها , ويعطي كل مجلس حقه، ويكثر التودد للناس كافة، ويدخل السرور إلى قلوبهم , ويهتم بأمورهم رغم الإكثار من طلباتهم , فهو مقدّر ومحترم من كل فئات وطبقات البلد , وأحبه من حوله , فكانت صدورهم تنشرح إلى لقائه وملازمته والاستماع إلى حديثه.

    وفاته وحسن الخاتمة (1):
    توفي رحمه فجر يوم السبت 12 ربيع الأول 1433 هـ الموافق 4 فبراير 2012م عن عمر ناهز الـ 87 عاماً، وهو يقرأ القرآن كما في الصورة المرفقة وأصبع على القرآن والأخرى يشير به إلى الشهادة، صُلي عليه عقب صلاة ظهر اليوم في جامع الثناء في حي العدوي بدمشق جوار بيته، ثم ووري الثرى في مقبرة الدحداح.
    اللهم اغفر له وارحمه، وأسكنه فردوسك الأعلى.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * بتصرف يسير من: (https://2u.pw/BSj6z).
    (1) إضافة فريق المحتوى في شبكة التواصل القرآنية (آي نت).
    ترجمة الشيخ عبد الرزاق الحلبي * الكاتب تلميذه: محمد بن أحمد ححود التمسماني الحمد لله المتفضل علينا بجليل نعمائه , والموهب لنا بعظيم إحسانه وآلائه , وصلاة ربي وسلامه على الذي نزّل القرآن على قلبه فأوصله إلى آله وأصحابه , فنقلوه كما أخذوه ولقنوه، فأجازوا به من رأوه أهلاً لقراءة القرآن وإقرائه , إلى أن وصل غضّاً طريّاً إلى أهله وأحبابه. جزى الله بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا القرآن عذباً وسلسلا فكان من بين هؤلاء الأئمة الأعلام , والمجازين في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، شيخنا الفاضل الشيخ المقرئ عبد الرزاق الحلبي حفظه الله. اسمه ومولده: هو العلامة الهمام الفقيه المقرئ المتمكن المشارك عبد الرزاق بن محمد حسن بن رشيد بن حسن الحلبي الأصل الدمشقي المولد والمنشأ والإقامة الحنفي حفظه الله تعالى. ولد بدمشق في عام (1343هـ/ 1925م) في دار والده بالقيمرية. نشأته وطلبه للعلم: نشأ الشيخ عبدالرزاق في بيت دين وعلم، فوالده من طلاب العلم الملتزمين بمجالس العلماء. ووالدته ابنة مفتي الشام الشيخ العلامة محمد عطا الكسم رحمه الله. توفي والده صغيراً وعمره لما يتجاوز الثامنة، فكفلته أمه وعمه محمد عيد الحلبي رحمه الله، وقرأ القرآن الكريم وختمه وهو في السابعة من عمره, ثمَّ دخل الابتدائية ونالها (1937م) فكان الأول في صفه، بعد ذلك دخل التجهيز فمكث فيها سنتين تقريباً, ثمَّ ترك الدراسة والتحق بالعمل الدنيوي, ثم أصبح مديراً للعمل من عام (1939-1952 م) , وكان خلالها يحضر مجالس العلم. ومرّ بمسجد بني أميّة فرأى الشيخ محمد صالح الفرفور يدرّس فيه , فلازم مجالسه إلى أن توفاه الله تعالى. في سنة (1955م) تزوج من آل الزبيب بدمشق، ورزق بسبعة أولاد، وقد حفظه الله تعالى بهم فهم من ذوي الشهادات العلمية ذكوراً وإناثاً. واعتنى الشيخ بتحصيل العلم والأخذ عن المشايخ، فدرس الفقه والحديث واللغة والقراءات وغير ذلك من العلوم الشرعية، فحفظ القرآن الكريم ومتن الشاطبية والدرة وجمع القراءات العشر من طريقيهما، وقرأ عدداً من التفاسير وكتب السنة والفقه واللغة وشروحها، وحفظ ألفية ابن مالك وغيرها من المتون. والشيخ عبدالرزاق ملمٌّ باللغة التركية واللغة الفرنسية ، مع لغته الأم العربية.كما أنه حجَّ بيت الله الحرام بضعاً وأربعين حجة. شيوخه ومجيزوه: تأثر الشيخ عبد الرزاق بعلماء عصره وأحوالهم مع الله , فرزقه الله تعالى الالتزام بمجالسهم , والنهل من علومهم ومنهم: 1- الشيخ العلامة المقرئ محمود فايز الديرعطاني، فقد حفظ عليه القرآن كما حفظ عنده متن الشاطبية. 2- الشيخ الدكتور محمد سعيد الحلواني ، الذي بدأ بجمع القراءات عليه فحصّل أغلب القراءات عليه فتوفي الشيخ ولم يتم عليه. 3- الشيخ المقرئ شيخ قراء الشام حسين بن رضا خطاب ، الذي أتم عليه الجمع بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وأجازه بذلك. 4- الشيخ العلامة المتفنن محمد صالح الفرفور , ويعد الشيخ صالح شيخه الخاص الذي أخذ عليه معظم علوم اللغة والشريعة , ومنذ رآه أحب درسه ولازمه طوال حياته، وكان إذا غاب ناب محله حتى عين مدرساً بالفتوى سنة (1958م) فقرأ عليه تفسير النسفي، وشرح مسلم، للإمام النووي، والترغيب والترهيب، ونور الإيضاح والمراقي، وحاشية الطحطاوي عليهما، والقدوري، وشرحه , ومجمع الأنهر , والدر المختار , وحاشية ابن عابدين ، والمنار وشروحه , والبيقونية وشروحها، وتدريب الراوي، وبعد أن قرأ الألفية على الشيخ واسمعها له كافأه الشيخ صالح على عادته فلم يترك علماً إلاّ سهله عليه. 5- الشيخ العلامة الدكتور أبو اليسر عابدين فقد أجازه إجازة عامة. 6- الشيخ أحمد القاسمي الذي نال منه إجازة علمية. 7- الشيخ الفقيه محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني الذي أجازه بما يحويه ثبته: إتحاف ذوي العناية. 8- الشيخ العلامة محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني فقد أجازه إجازة عامة. وغيرهم ممن حظي بمعرفتهم ونصحهم كالشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ مكي الكتاني والشيخ إبراهيم الغلاييني رحمهم الله . تلاميذه: تولى الشيخ تعليم المسلمين عامة وطلبة العلم مدة طويلة زادت على خمسين سنة , خرّج خلالها المئات من طلبة العلم الشريف، وحفظة كتاب الله ، وحاملي لواء الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ونفع الله بعلمه ، وألقى في قلوب الناس محبته ، وكتب له القبول في الأرض ، ومن تلاميذه: 1- الشيخ إحسان السيد حسن. 2- الشيخ محمد بدر الدين بن عزت الأغواني. 3- الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الخجا . 4- الشيخ غسان بن قاسم الهبا . 5- الشيخ زياد بن محمد الحوراني . 6- الشيخ رفعت علي ديب. 7- الشيخ محمد صادقة. سبعتهم جمعوا عليه القراءات العشر الصغرى وأجيزوا منه. 8- الشيخ أبو نعيم محمد بن أحمد شابو، قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم. 9- كاتب هذه السطور:أبو الفضل محمد بن أحمد ححود التمسماني: قرأ عليه ختمة كاملة برواية ورش عن نافع كما قرأ عليه الأربعين العجلونية وأجازه بكل ذلك. كما أن الشيخ عبد الرزاق الحلبي - حفظه الله- أجاز لبعض تلاميذه إجازة عامة نذكر منهم: 10-الشيخ الفقيه محمد أديب الكلاس الحنفي الدمشقي. 11- الشيخ الدكتور أكرم بن عبد الوهاب الشافعي الموصلي. 12ـ الشيخ المحقق: مجد بن أحمد مكي الحلبي. 13ـ الشيخ الدكتور المحقق: قاسم بن علي سعد الحنفي. 14-الشيخ محمد وائل الحنبلي . 15- الشيخ عبد الله بن أحمد التوم . 16- الشيخ أبو الإسعاد خالد السباعي. 17- الشيخ عمر بن موفق النشوقاتي. 18- الشيخ الدكتور يحيى بن عبد الرزاق الغوثاني. 19- الشيخ المقرئ خالد حسن أبو الجود البورسعيدي. وغيرهم كثير. نشاطات الشيخ: بدأ التدريس في جامع الفتح الإسلامي وقسم التخصص فيه، فكان جلّ تعليمه في هذين المكانين الشريفين, فقد أفنى فيهما حياته إرشاداً وتعليماً وإفتاءً وإدارة، وهو فيهما المرجع الأول والأخير لطلبة العلم والعامة. وقد درّس فيهما كتباً كثيرة منها : صحيح البخاري ومختصره، والشفاء للقاضي عياض، وحاشية ابن عابدين (أكثر من ثلاث مرات)، والقرطبي مرتين، والاختيار، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، والنسفي (أكثر من مرة)، وتفسير الخازن، وإحياء علوم الدين، ورياض الصالحين، وسنن أبي داوود، وجامع الأصول، وغير ذلك من أمهات الكتب التي وعاها الشيخ وتمكن من عباراتها وسهل لطلابه فهم معانيها. وعُيّن خطيباً بعدة مساجد : في جامع القطط مدة 15 سنة، وفي جامع الجورة مدة 24 سنة، ثمَّ في مسجد الصحابي سيدنا بلال. وتولى إدارة الجامع الأموي وهو مديره إلى يومنا هذا , وهو إمام الحنفية فيه. وحين توفي شيخ القراء الشيخ حسين خطاب نودي عليه شيخاً للقراء من على منبر الأموي لكنه قام خطيباً وتنازل عنها للشيخ محمد كريّم راجح حفظهم الله. كما كان عضواً مؤسساً في جمعية الفتح الإسلامية مع الشيخ محمد صالح الفرفور، ثمَّ ترأس هذه الجمعية بعد وفاة الشيخ. وزار عدداً من البلدان منها مصر وليبيا وإيران وماليزيا وتركيا والخليج العربي والكويت والسعودية، وفي كل البلدان كانت له مواعظ وخطب أفادت خلقاً كثيرين. أخلاقه وشمائله: جمع الشيخ إلى علمه الغزير صفات الصالحين , فهو صاحب علم وصلاح وتواضع، يعرف ذلك من خالطه وجالسه،لم يعلق قلبه بالدنيا , يبذل الصدقات , ويطرق أبواب الخير , ملتزماً بالسنة المطهرة , سليم الصدر لا يحمل في قلبه على أحد ولو أوذي , حسن الظن بالناس , يعامل الناس كلاًّ بما يليق به ويناسبه , حكيم يضع الأمور في مواضعها , ويعطي كل مجلس حقه، ويكثر التودد للناس كافة، ويدخل السرور إلى قلوبهم , ويهتم بأمورهم رغم الإكثار من طلباتهم , فهو مقدّر ومحترم من كل فئات وطبقات البلد , وأحبه من حوله , فكانت صدورهم تنشرح إلى لقائه وملازمته والاستماع إلى حديثه. وفاته وحسن الخاتمة (1): توفي رحمه فجر يوم السبت 12 ربيع الأول 1433 هـ الموافق 4 فبراير 2012م عن عمر ناهز الـ 87 عاماً، وهو يقرأ القرآن كما في الصورة المرفقة وأصبع على القرآن والأخرى يشير به إلى الشهادة، صُلي عليه عقب صلاة ظهر اليوم في جامع الثناء في حي العدوي بدمشق جوار بيته، ثم ووري الثرى في مقبرة الدحداح. اللهم اغفر له وارحمه، وأسكنه فردوسك الأعلى. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * بتصرف يسير من: (https://2u.pw/BSj6z). (1) إضافة فريق المحتوى في شبكة التواصل القرآنية (آي نت).
    0

  • قراءة من سورة الإنفطار آية 13 إلى 19 بقراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

    فيصل عرفان عبدالغني خان

    قراءة من سورة الإنفطار آية 13 إلى 19 بقراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية فيصل عرفان عبدالغني خان
    6
    67 2
    1
  • في نشأة القراءات *
    الكاتب: محمود العشري

    الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وعلم به الإنسان من العلوم ما يعجِز عن عدها اللسان، وجعله المعجزة المستمرة على تعاقب الأزمان، ويسَّره للذكر حتى استظهره صغار الولدان، ووفَّق لجمع حروفه ورواياته وطرقه وأوجهه ولضبط رسمه قرَّاءً عظامًا من أهل الحِذْق والإتقان، وسخَّر لاستنباط ما فيه من الأحكام فقهاء ذوي علم وورع وإحسان...

    والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبدالله النبي الأمِّي المؤتَى فصل الخطاب وروائع البيان، القائل - في الصحيح -: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وعلى آله وصحبه الذين نقلوا القرآن، كما نزل به جبريل - عليه السلام - على قلب سيد الأنام، وأتقنوا تجويده غاية الإتقان، وعملوا بما فيه من الآداب والتعاليم فكانت لهم العزة والكرامة والاحترام، أما بعد:

    فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام أهل القرآن، وقال - كما روى أبو داود، وقال الألباني: حديث حسن -: ((إن مِن إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))...

    وسماهم النبي صلى الله عليه وسلم اسمًا ينبض بأعظم المعاني، سماهم: أهل الله وخاصته، فقال - كما عند ابن ماجه، وفي الترغيب والترهيب وصحيح الجامع -: ((إن للهِ أهلِينَ من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)).

    ولأن خير الكلام كلامُ الله -تعالى- فإن خير الناس من اشتغل بخير الكلام - وهو كلام الله - مخلِصًا لله - تعالى؛ فعن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلمه)).

    ومن أجلِ هذا الحديث الشريف جلس أبو عبدالرحمن السلمي - مع جلالة قدرِه وكثرة علمه - أربعين عامًا يُقرئ الناس في جامع الكوفة...

    وسُئل سفيان الثوري - رحمه الله - عن الجهاد وتعليم القرآن، فرجَّح الثاني، واستدل بهذا الحديث: ((خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)).

    وعن أنس - رضي الله عنه - قال: بعثني الأشعري - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال لي - أي عمر -: كيف تركت الأشعري؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن، فقال: أما إنه كيِّس، ولا تسمعها إياه"...

    وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن صاحب القرآن في غِبطة، وأنه يحق له الاغتباط الشديد بما هو فيه، وأنه يُستحب تغبيطه بذلك؛ أي: تمني مثل ما هو فيه من النعمة دون زوالها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، فسمعه جار له فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعمِلت مثل ما يعمل..)).

    وآثر النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بالأحقية في إمامة الصلاة فقال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنَّة)).. وقال: ((إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحق بالإمامة أقرؤهم))...

    وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كان صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟!))، فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد..

    وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان القراءُ أصحابَ مجالس عمر - رضي الله عنه - ومشاورته؛ كهولاً كانوا أو شبَّانًا".

    وعن عباد أبي محمد البصري قال: توسع المجالس لثلاثة: لحامل القرآن، ولحامل الحديث، ولذي الشيبة في الإسلام...

    وإن القرآنَ العظيم يغني صاحبَه عن كل حسَب ونسب، والتشرف بحفظه والتفقه فيه فوق كل شرف، ألا ترى أنه لا يُصَدُّ واحد من أهل القرآن عن إمامة الناس حتى ولو كان أعرابيًّا أو ولدَ زنًا!

    وروى مسلم في قصة ابن أبزى الخزاعي أن عمر - رضي الله عنه - قال: "أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا القرآن يرفع الله به أقوامًا، ويضَعُ به آخرين))".

    فممن رفعه الله بالقرآن: كبار أئمة التابعين من أصحاب ابن مسعود - رضي الله عنه.. وفي كل واحد منهم عيب؛ فعُبَيد أعور، ومسروق أحدَب، وعلقمة أعرج، وشريح كَوْسَج - لا شَعر على عارضيه - والحارث أعور.. وكلهم رفَعهم حِفظ القرآن وتعلمه وتعليمه...
    وقال المُزَنِيُّ: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظُمت قيمته.. وعن يحيى بن معين قال: بلغني أن الأعمش قال: أنا ممن رفعه الله -تعالى- بالقرآن؛ لولا القرآن لكان على رقبتي دنٌّ من صحناء أبيعه.. وقال أيضًا: لولا القرآن وهذا العلم عندي لكنتُ من بقَّالي الكوفة...

    وممن رفعه الله -تعالى- بالقرآن: أبو العالية رفيع بن مهران، الإمام المقرئ الحافظ المسند، وكان مولى لامرأة.. قال - رحمه الله -: كان ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعني على السرير - يعني سرير ديار الإمرة لما وليها - وقريش أسفل السرير.. فتغامزت بي قريش، فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرَفًا، ويُجلس المملوك على الأسِرَّة..

    وكان المحدثون يعظِّمون أهل القرآن أيما تعظيم؛ فهذا الإمام الهمام، شيخ الإسلام، وشيخ المقرئين والمحدثين سليمان بن مهران الأعمش - رحمه الله - مع أنه كان معروفًا بشدته على طلاب الحديث - يقول: كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، فربما اشتهيت أن أُقَبِّلَ رأسَه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد...

    وقال أبو يعقوب الفسوي: سمعت أحمد بن يونس فذكر له حديثًا أنكروه من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش، فقال: كان الأعمش يضرب هؤلاء ويشتمهم ويطردهم، وكان يأخذ بيد أبي بكر بن عياش ليجلس معه في زاوية لحال القرآن...

    وقال الحسين بن فهم: ما رأيت أنبل من خلف بن هشام، كان يبدأ بأهل القرآن، ثم يأذن لأصحاب الحديث.. وكان لا يرى استصغار حامل القرآن، بل لا بد من توقيره؛ فإن معه أعظم ما يُرفع به الناس، ولو كان حامل القرآن صغير السن بالنسبة لكبار القراء.. فهكذا نرى كيف أن أهل القرآن هم أهل الله، وهم خاصة الله تعالى.


    وإن من أجلِّ العلوم وأشرفها تلاوة القرآن الكريم، وتعلم أحكامه من أفواه العلماء المتقنين.. فصفة التلاوة متلقاة من الله - تعالى؛ ولذلك قال السلف: القراءة سنَّة متبعة، يأخذها الآخِر عن الأول...

    فأول ما يبدأ به طالب العلم: حفظ القرآن، وتعلم أحكام التلاوة والتجويد؛ فلقد كان السلف الصالح - رحمهم الله تعالى - لا يرضون لطالب العلم أن يبدأ في طلب الحديث والعلوم إلا بعد أن يتقن القرآن الكريم.. قال الوليد بن مسلم: كنا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدَثًا، قال: يا غلام، قرأتَ القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، وإن قال: لا، قال: اذهب تعلَّم القرآن قبل أن تطلب العلم...

    فإذا حصل طالب العلم على الإجازة برواية حفص بن سليمان من طريق الشاطبية، انتقل بعدها لغيرها من العلوم الشرعية، ويبدأ بعدها ينهل من علم القراءات، فيبدأ بدراسة مقدمة في علم القراءات ونشأتها ومؤلفاتها.. ثم يتعرف على طرق الطيبة لرواية حفص، كل طريق على حدة، والفرق بينها وبين الشاطبية.. ويعرف متى يمكنه القراءة بقصر المنفصل وتوسط المتصل، ومتى يقرأ بالسكت الخاص أو العام، أو بغنة النون عند اللام أو الراء، ومتى يكبِّر بين السورتين التكبير الخاص أو العام.. ومن أجل ذلك أعددت هذه الرسالة، التي أسأل الله -تعالى- أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يكتب لها القَبول عند عباده الصالحين؛ إن ربي على كل شيء قدير.

    فإذا أتقن الطالب هذه الرواية، انتقل بعدها لتعلم غيرها من الروايات؛ ممتثلاً قول الله -تعالى-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30]، وقولَه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند الترمذي: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعَشْر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألِفٌ حرف، ولام حرف، وميم حرف".

    جعلني الله وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته..

    في نشأة القراءات:
    قبل أن أبدأ بشرح طرق الطيبة، أقدم بمقدمة مختصرة، أوضِّح فيها علم القراءات منذ نشأته حتى نضوجه واستقراره، وأُجْمِلُ ذلك في خمس مراحل كما فعل شيخنا فضيلة الشيخ: توفيق ضمرة - حفظه الله.

    أولاً: مرحلة الرواية الشفوية.
    وذلك من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة: 25 هـ؛ إذ كان القرآن محفوظًا في الصدور، مكتوبًا في الوسائل المعروفة في ذلك الوقت، كما في التفصيل التالي:

    نزول القرآن على سبعة أحرف:
    نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية على حرف واحد؛ لأن الدعوة الإسلامية كانت محصورة في مكة، وعدد المسلمين قليل.. وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ودخول القبائل العربية - التي كانت تختلف في لهجاتها - في دين الله أفواجًا، طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الله -تعالى- أن يخفف على أمته؛ فأنزل الله -تعالى- القرآن على سبعة أحرف؛ كما جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند البخاري ومسلم وأحمد وعبدالرزاق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجَعته، فلم أزل أستزيده ويَزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف))؛ مما سهَّل تلاوة القرآن وفهمَه، لا سيما في القبائل التي لها لهجة مختلفة، وفيها الشيخ العجوز والمرأة والضعيف، الذين أَلِفَ لسانُهم لهجتَهم، ولا يستطيعون الرحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستماع منه.

    وقد روى الترمذي وأحمد من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا جبريل، إني بُعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قط، قال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف))، وللحديث شاهد عند الطيالسي في المسند برقم: 543.

    هذا، وقد أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام وفق هذه الأحرف السبعة، وقد لاحظوا - رضي الله عنهم - الاختلاف بينها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وصوَّب النبي صلى الله عليه وسلم قراءتَهم على اختلافها، وأمَر كل واحد منهم أن يقرأ كما عُلِّمَ، وقصة عمر مع هشام بن حكيم - رضي الله عنهما - مشهورة معروفة، وقد رواها البخاري ومسلم ومالك وأحمد والترمذي والنسائي وأبو داود وعبدالرزاق.

    معنى الأحرف السبعة:
    المراد بالسبعة حقيقة العدد، وهو ما بين الستة والثمانية؛ لِما ورد في حديث أُبَي بن كعب - رضي الله عنه - الذي رواه أحمد في مسند الأنصار رقم: 20223.

    والمراد بالأحرف: اللغات أو اللهجات التي نزل بها القرآن؛ فالعرب وإن جمعها جميعًا اسم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام، فإن قيل: فلهجات العرب أكثر من سبع، قلت: هي أفصحُها، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وسفيان بن عيينة، والأعمش، وأبي عبيدٍ القاسم بن سلام، وابن جَرير الطبري، وأبي شامة، والقرطبي، وابن الجوزي، وغيرهم.

    ما المقصود بلغات العرب؟!
    المقصود أن تقرأ كل قبيلة من العرب بلغتهم وما جرى على عادتهم؛ من الإدغام، والإظهار، والفتح، والإمالة، والتفخيم، والترقيق، والإشمام، والهمز، والتليين، وغير ذلك، ولكن بشرط في غاية الأهمية، ألا وهو: التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، لا بما شاء القارئ أن يقرأ مما يوافق لغته من غير توقيف.

    ومن خلال النظر في اختلاف القراءات وُجِدَ أنه زيادة على اختلاف اللهجات العربية، هناك الذِّكر والحذف، والتقديم والتأخير، فذهب بعض العلماء إلى أن معنى الأحرف السبعة هو الأوجه اللفظية التي نزل بها القرآن، وذلك من خلال استقراء أنواع الاختلاف الموجودة في القراءات، وهو قول ابن قتيبة، وأبي الفضل الرازي، والزركشي، وابن الجزري، وغيرهم، مع اختلاف يسير بينهم.

    والخلاصة: أن الأحرف السبعة لها حقيقة العدد، وأنها موجودة إلى الآن ولم تُنسخ - وهذا القول على الغالب، وإلا فقد نُسِخَ جزءٌ من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، ثم نسخ منها ما خالف خط المصاحف العثمانية، ثم شُذِّذَ منها ما فقَدَ أركان القراءة الصحيحة - وأنها نزلت بلهجات العرب المختلفة، وأن هذا الاختلاف في اللهجات هو في طريقة نطق الكلمات، وأنَّا عرفنا هذه الأحرف من خلال آثارها الباقية في القراءات العشر، ودخل في هذا الذِّكر والحذف، والتقديم والتأخير، وهنا سؤال مُلِحٌّ يطرح نفسه: هل القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان أم هما شيء واحد؟!

    أقول: إذا عنَيْنا القراءات العشر، فالقرآن والقراءات شيء واحد؛ قال ابن مسعود - كما في صحيح مسلم -: "ولقد رأيتُنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا فنقرأ عليه، فيخبرنا أنَّا كلنا محسنون"، وإذا أردنا القراءات الشاذة فهما متغايران؛ فالقراءة التي تفقد أهم ركن - وهو التواتر - لا يصحُّ أن نطلق عليها اسم القرآن؛ فهو المنقول إلينا بالتواتر، أما الأخرى فهى قراءة وليست قرآنًا.

    هذه هي الأحرف السبعة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلَّمها أصحابه الكرام، فمنهم من أقرأه على حرف، ومنهم من أقرأه على حرف آخر، ومنهم من أقرأه على أكثر من حرف.

    القراءة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:
    كان الصحابة يستمعون القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستمع لقراءة الحاذقين من أصحابه، ويشهد لهم بالإتقان، ويرغِّب الناس في تلقي القرآن عنهم، وبما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قائد الأمة وإمامها، والمسؤول عن جميع أحوالها، صعب عليه أن يتفرغ لإقراء الصحابة واحدًا واحدًا، فكان لزامًا أن يتخصص بعض الصحابة - ممن أقرأهم النبي صلى الله عليه وسلم - لإقراء الناس نيابة عنه، فكان إذا قدم الرجل مهاجرًا على النبي صلى الله عليه وسلم دفعه إلى أحد الصحابة يعلمه القرآن - كما روى أحمد عن عبادة - فما يرجع أحد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد تعلم شيئًا من القرآن؛ فقد روى أحمد وابن أبي شيبة عن عمرو بن سلمة قال: "كنا على حاضر، فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنو منهم فأسمع، حتى حفظت قرآنًا كثيرًا"، وهذا لا يكون إلا بحرصهم على معاودته ودراسته واستذكاره، وانطلاق ألسنتهم به، ولصوقه بقلوبهم.

    وفي العرضة الأخيرة نُسخ من هذه الأحرف ما نسخ، وثبت ما ثبت، وبعض الصحابة كان أعلم بهذا النَّسْخ من الآخر.

    كتابة القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:
    عندما كانت تنزل الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر كتَبَة الوحي بكتابتها، فتُكتب أمامه، ثم تُقرأ عليه، فإذا كان فيها سقط أقامه، ثم تُخرج للناس - كما قال زيد - حتى تُظاهرَ الكتابةُ في السطورِ ما حُفظ في الصدور، وقُبض الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور، مكتوب بالأحرف السبعة على اللخاف والعُسُب والرقاع والأكتاف، مُفرَّق بين الصحابة، ما عند صحابي ليس عند آخر.

    كتابة القرآن في عهد الصديق - رضي الله عنه -:
    في حروب المرتدين استَحَرَّ القتلُ بالقراء في معركة اليمامة حتى قُتل منهم سبعون، عندئذ خاف عمر الفاروق - رضي الله عنه - ضَياع القرآن بمقتل حفَّاظه، فأشار على الصِّدِّيق - رضي الله عنه - بجمع القرآن في مصحف واحد، ولم يزل يراجعه في ذلك حتى شرح الله -تعالى- صدر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - لذلك، فأرسل إلى زيد - رضي الله عنه - وعهِد إليه بذلك - كما عند البخاري والترمذي وأحمد - فقام زيد - رضي الله عنه - بمهمته خير القيام، وكان لا يقبل من أحد شيئًا مكتوبًا إلا إذا شهد شاهدان أنه كتب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن كاملاً في صحف مشتملاً على الأحرف السبعة وفق العرضة الأخيرة - وكانت سورًا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا، وكانت هذه الصحف عند أبي بكر - رضي الله عنه - حتى توفاه الله -تعالى- ثم عند عمر - رضي الله عنه - حياته، ثم عند حفصة بنت عمر - رضي الله عنها.

    إرسال عمر - رضي الله عنه - قراء الصحابة إلى الأمصار:
    في عهد عمر - رضي الله عنه - اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فطلب ولاة الأمصار من عمرَ أن يرسل إليهم من يعلم الناس القرآن، فأرسل أبا موسى الأشعري إلى البَصرة، وابن مسعود إلى الكوفة، ومعاذًا إلى فلسطين، وعبادة بن الصامت إلى حمص، وأبا الدرداء إلى دمشق، وبهذا نشأت مدارس في الأمصار الرئيسة لها منهجها الخاص.

    ثانيًا: مرحلة نسخ المصاحف في عهد عثمان - رضي الله عنه - وإرسال القراء إلى الأمصار:
    كان الصحابة يُقرئون القرآن وفق ما تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأحرف، ولا شك أن هناك فرقًا بين تعليم أحدهم وتعليم الآخر، كلٌّ حسبما تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل تلاميذهم يلتقون فيختلفون، ويُخَطِّئ بعضهم بعضًا في القرآن، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفَّر بعضهم بعضًا، وجعلوا يفاضلون بين قراءات الصحابة، فبلغ ذلك عثمان - رضي الله عنه - فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافًا"، فجمع الصحابة واستشارهم، ثم استقر الرأي على جمع الناس على مصحف واحد؛ حتى لا تكون فُرقة، ولا يكون اختلاف.



    فنسخ القرآن وفق ما ثبت من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، وبعث مع كل مصحف قارئًا يقرئ الناس وفق ما كتب في هذه المصاحف، مع العلم أنها لم تكن منقطة أو مشكلة في ذلك الوقت، وأمر عثمان - رضي الله عنه - بحرق جميع المصاحف التي كانت مكتوبة عند بقية الصحابة؛ حيث إن بعض هذه المصاحف لم يكن كاملاً بسبب النقص في بعض الآيات والسور، وبعضها كان في حواشيه كلمات تفسيرية قد يحسبها البعض من القرآن.

    وقد كتب عثمان - رضي الله عنه - ستة مصاحف، وأرسل واحدًا منها إلى مكة مع عبدالله بن السائب، وواحدًا إلى الشام مع المغيرة بن شهاب، وواحدًا إلى الكوفة مع أبي عبدالرحمن السُّلمي، وآخر إلى البصرة مع عامر بن عبدالقيس، وأبقى واحدًا في المدينة مع زيد بن ثابت، وواحدًا لنفسه.

    وأمر كل قارئ أن يقرئ الناس وفق مصحفه، فقرأ أهل كل مصرٍ مصحفهم الذي وُجِّهَ إليهم على ما كانوا يقرؤون قبل وصول مصحفهم إليهم مما يوافق خط المصحف، وسقط العمل بما يخالف خط المصحف، ومن ثَمَّ نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار في قراءة بعض الحروف بناءً على كتابتها في المصحف أو لا.

    وأقول: إن القراءات العشر التي يقرأ بها الناس اليوم إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق خط المصحف، وهي متفرقة في القرآن في كل قراءة، ولا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة، فإذا قرأ القارئ برواية من الروايات فإنما قرأ ببعضها لا بكلها، وهي منزلة من عند الله - تعالى، لا اجتهاد فيها لجبريل - عليه السلام - أو النبي صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد من العلماء بعده أن يغير شيئًا بزيادة أو نقصان أو إبدال؛ قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فيما رواه أحمد وابن حبان والحاكم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما عُلِّمْتُم.

    وفي هذه المرحلة تم ضبط القراءات، وظهرت مصطلحات ضبط المصحف الشريف، وذلك على مراحل، أهمها:

    • وضع نقاط الإعراب: فبعد أن كثرت الفتوحات الإسلامية، ودخل كثير من الأعاجم في الإسلام، واختلط اللسان العربي بالعجمي، وفشا اللحن على الألسنة - قام أبو الأسود الدؤلي بتنقيط المصحف نقاط الإعراب، فوضع نقطة فوق الحرف لتدل على الفتح، ونقطة أمام الحرف لتدل على الضم، ونقطة تحت الحرف لتدل على الكسر، ونقطتين لتدلا على التنوين، وذلك بمداد يخالف لونُه لونَ مداد المصحف.

    • وضع نقاط الإعجام: لما صعب على كثير من المسلمين التمييز بين الحروف المتشابهة، طلب الحَجَّاج بن يوسف من نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر أن يعملا على إبعاد التحريف عن ساحة القرآن، فوضعا نقاط الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة رسمًا من بعضها بلون مداد المصحف؛ فالباء نقطة واحدة تحت، والتاء بالمثناة الفوقية، والثاء بالمثلثة الفوقية، وهكذا.

    • طوَّر الخليل بن أحمد الفراهيدي نقاط الإعراب إلى حركات الإعراب؛ فجعل الضمة واوًا صغيرة فوق الحرف، والفتحة ألفًا صغيرة مبطوحة فوق الحرف، والكسرة ألفًا مبطوحة تحت الحرف، والتنوين حركتين، والشَّدَّة رأس شين، والسكون رأس خاء، وهكذا تنامى علم مصطلحات ضبط المصحف حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، مع فَرْق بين المشارقة والمغاربة في علامات الضبط.



    وقد تجرَّد قوم للقراءة والإقراء، واعتنَوْا بضبط القراءة حتى صاروا أئمة يُقتدى بهم في القراءة، وكانوا كثيرًا في العدد، كثيرًا في الاختلاف، فأراد الناس أن يقتصروا من القراءات التي توافق خط المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى كل إمام مشهور بالثقة والأمانة وحسن الدين وكمال العلم، قد طال عمره، واشتهر أمره بالثقة، وقد أجمع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول، ولتصديهم للقراءة نُسبت إليهم، ومنهم في المدينة: أبو جعفر بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن أبي نعيم، وفي مكة: عبدالله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن، وفي الشام: عبدالله بن عامر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، وإبراهيم بن أبي عبلة، ثم شريح بن يزيد الحضرمي، وفي الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النَّجُود، وسليمان بن مهران الأعمش، ثم حمزة الزيات، ثم الكسائي، وفي البصرة: عبدالله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي.

    وهؤلاء قُلٌّ من كثر، ونزر من بحر؛ فإن القراء الذين أخذوا عن التابعين كانوا أممًا لا تحصى، وطوائف لا تستقصى، والذين أخذوا عنهم أيضًا أكثر، وهلم جرًّا، وفي هذه الفترة بُدِئَ التأليف في علم القراءات؛ حيث إن أول من ألف في علم القراءات هو يحيى بن يعمر (ت90هـ).

    وذهب الكثير من العلماء إلى أن أول من ألف فيها هو الإمام/ أبو عُبيدٍ القاسم بن سلام (ت224هـ)، ثم أبو حاتم السجستاني (ت225هـ)، وبعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي جمع كتابًا في القراءات الخمسة (ت258هـ)، ثم إسماعيل بن إسحاق المكي صاحب قالون ألَّف كتابًا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إمامًا (ت282هـ)، ثم ابن جرير الطبري (ت310هـ)، وفي هذا الوقت كان قد اشتهر القراء الذين نُسبت إليهم القراءة نسبة مداومة وملازمة واشتهار، لا اختراع ورأي واجتهاد.

    ثالثًا: مرحلة تسبيع السبعة وجمعها في مؤلف خاص:
    حيث ألف الإمام أبو بكر أحمد بن مجاهد التميمي البغدادي (ت324هـ) كتابه المشهور: "السبعة في القراءات"، جمع فيه القراءات الصحيحة، وهذا الكتاب يعتبر ثمرة التأليف في القراءات، ونقلة نوعية بعد نسخ عثمان - رضي الله عنه - للمصاحف؛ حيث يعتبر قد جمع أشهر ما صح من قراءات قراء الأمصار وفق مصاحف الأمصار.
    واشتهر هذا الكتاب، وصار عمدة لمن بعده، واستقرت في هذه المرحلة أركان القراءة الصحيحة، ووضح الفرق بين القراءة الصحيحة والقراءة الشاذة وفق قواعد وأركان للقراءة الصحيحة، وهي:
    1 - التواتر.
    2 - موافقة القراءة للرسم العثماني، ولو احتمالاً.
    3 - موافقة القراءة لوجه من وجوه النحو، فصيحًا كان أو أفصح.
    واختار ابن مجاهد في كتابه سبعة من القراء المشهورين، واختار لكل قارئ راويين، إليك أسماءهم:
    1 - نافع بن عبدالرحمن بن أبي نعيم، أبو عبدالرحمن الليثي، مولاهم، المدني (ت: 169هـ)، وراوياه: قالون وورش، فأما قالون فهو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي أبو موسى (ت: 220هـ)، ووَرْش هو عثمان بن سعيد بن عبدالله، أبو سعيدٍ المصري (ت: 197هـ).

    2 - عبدالله بن كثير، أبو سعيد المكي الداري العطار (ت: 120هـ)، وراوياه البزِّي وقُنْبُل، فأما البزي فهو أحمد بن محمد بن عبدالله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة (ت: 250هـ)، روى عن ابن كثير بواسطة عكرمة بن سليمان، عن إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين - المعروف بالقسط - عن ابن كثير، وقُنْبُل هو محمد بن عبدالرحمن بن خالد المخزومي، مولاهم، أبو عمر (ت: 291هـ)، روى عن ابن كثير بواسطة، عن أبي الحسن أحمد بن عون القواس، عن وهب بن واضح، عن إسماعيل بن عبدالله القسط، عن ابن كثير.

    3 - زبان بن العلاء بن العريان التميمي المازني البصري، أبو عمر (ت: 154هـ)، وراوياه الدُّوري والسُّوسي، فأما الدوريُّ فهو حفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدُّوري النَّحْوي (ت: 240هـ)، والسوسي هو صالح بن زياد بن عبدالله الرستبي، أبو شعيب السوسي الرَّقي (ت: 261هـ)، ورويا عن يحيى بن المبارك اليزيدي، عن أبي عمرو البصري.

    4 - عبدالله بن عامر الشامي، أبو عمران (ت: 118هـ)، وراوياه هشام وابن ذَكْوان، فأما هشام فهو ابن عمار بن نصر بن ميسرة، أبو الوليد السلمي الدمشقي (ت: 245هـ)، روى عن ابن عامر بواسطة عراك بن خالد المري، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن ابن عامر، وأما ابن ذَكْوان فهو عبدالله بن بشير بن ذكوان (ت: 242هـ) بدمشق، روى عن ابن عامر بواسطة أيوب بن تميم التميمي، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن ابن عامر.

    5 - عاصم بن أبي النَّجود الأسدي الكوفي الحناط، أبو بكر (ت: 127هـ)، وراوياه شعبة وحفص، فأما شعبة فهو أبو بكر شعبة بن عياش بن سالم الكوفي الأسدي الحناط (ت: 193هـ)، وحفص هو ابن سليمان بن المغيرة، أبو عمر الأسدي الكوفي الغاضري البزار (ت: 180هـ).

    6 - حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الكوفي، أبو عمارة (ت: 156هـ)، وراوياه خلف وخلاد، فأما خلف فهو ابن هشام بن ثعلب البزار، أبو محمد الأسدي البغدادي (ت: 229هـ) ببغداد، وأما خلاد فهو ابن خالد، أبو عيسى الشيباني، مولاهم، الصيرفي الكوفي (ت: 220هـ)، روَيا عن حمزة بواسطة؛ فقد قرأ على سُلَيْم بن عيسى عن حمزة الزيات.
    7 - علي بن حمزة بن عبدالله بن بهمن بن فيروز الأسدي، أبو الحسن الكسائي (ت: 189هـ)، وراوياه أبو الحارث الليث بن خالد البغدادي (ت: 240هـ)، وحفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدوري (ت: 240هـ)، وهو راوي أبي عمرو البصري.

    وهناك من الرواة من أخذ عن القارئ مباشرة، ومنهم من أخذ عنه بواسطة كما رأينا، وهنا قد يقول قائل: وما المقصود بطرق حفص بن سليمان؟ ولماذا اختلفت الروايات بين الرواة مع أنهم أخذوا عن قارئ واحد؟!

    أقول: اعلم - أيها السائل الحبيب - أن هناك فرقًا بين القراءة والرواية والطريق؛ فالقراءة هي كل خلاف نُسب لإمام من أئمة القراءة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه؛ فالقرَّاء العشرة هم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي - هؤلاء السبعة من الشاطبية، وأبو جعفر، ويعقوب الحضرمي، وخلف البغدادي العاشر، وهؤلاء الثلاثة من الدُّرة، وقد جمع الإمام ابن الجزري - رحمه الله - العشرة في طيبته، فنقول - مثلاً -: قراءة عاصم، وقراءة نافع، وقراءة ابن كثير، وقراءة أبي جعفر، وهكذا، ولكن عندما نقول: قراءة، فشرط أن يكون الراويان قد اتفقا مع بعضهما في نفس هذه القراءة، ومثال ذلك ما قاله الشاطبي - رحمه الله - في الحرز: "ومالك يوم الدين راويه ناصر"، والمعنى أنه قرأ كلمة "مالك" التي في سورة الفاتحة بإثبات الألف بعد الميم الكسائي - راء راويه - وعاصم - نون ناصر - فنقول: قراءة الكسائي، لماذا؟ لأن راويا الكسائي - وهما أبو الحارث والدوري - اتفقا في قراءة هذه الكلمة بإثبات الألف بعد الميم، أما لو اختلف راوٍ في قراءة كلمة "مالك" فلا نقول قراءة حينئذ، بل نقول: رواية، وأوضِّح ذلك بهذا المثال: كلمة "مجراها" التي في سورة هود، قرأها حفص بالإمالة الكبرى - كما هو معلوم - وقرأها شعبة بضم الميم وفتح الراء، فهنا - في هذه الكلمة - لا نقول: قراءة عاصم؛ لأن الراويينِ اختلفا، بل نقول: رواية حفص، ورواية شعبة.

    أما لماذا اختلفت الروايات بين الرواة مع أنهم أخذوا عن نفس القارئ؟ فالجواب: أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعة بقراءات مختلفة، ونقل ذلك على ما قرأ، فمن قرأ عليه بأي حرف لم يرده إذا كان مما قرأ به على أئمته؛ قال نافع: "قرأت على سبعين من التابعين، فما اتفق عليه اثنان أخذتُه، وما شذ فيه واحد تركته"، فمن قرأ عليه بما اتفق عليه اثنان من أئمته لم ينكر عليه، فهذا قالون ربيبه وأخص الناس به، وورش أشهر الرواة عنه، اختلفا في أكثرَ من ثلاثة آلاف حرف من قطع وهمز وإدغام وشبهه، ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه، وإنما ذلك لأن ورشًا قرأ عليه بما تعلمه في بلده، فوافق ما قرأ به نافع على بعض أئمته، فأقره عليه، وقال حفص: قلت لعاصم: أبو بكر يخالفني، فقال: أقرأتك بما أقرأني أبو عبدالرحمن السلمي عن عليِّ بن أبي طالب، وأقرأته بما أقرأني زر بن حبيش عن عبدالله بن مسعود، وهكذا، فالمهم أن القراءة هي كل خلاف نسب للأئمة العشرة.

    وبعد وفاة القراء حلَّ مكانهم تلاميذهم، وأخذوا يُقرئون الناس القرآن، وسُمِّيَ الآخذ عن الراوي طريقًا، فالطريق: هو كل ما أخذ عن الراوي وإن سَفُل، مثل طريق عبيد بن الصباح، وطريق الهاشمي، وطريق التيسير عن حفص، ومثل طريق الأزرق عن ورش، وبهذا يتضح الفرق بين القراءة والرواية والطريق؛ فالقراءة هي خلاف نسب لإمام من أئمة القراءة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه، والرواية هي كل ما نُسِب للراوي عن الإمام، وكل راوٍ من الرواة له طرق رواها أصحابه عنه.

    وموضوع هذه الرسالة - إن شاء الله - هو الكلام عن طرق حفص بن سليمان؛ فحفص يُعتَبر راويًا عن عاصم، وحفص ليس له طريق واحد فقط، بل له من الطرق حوالي ثمانية وخمسين طريقًا، جمعها ابن الجزري - رحمه الله - في طيبته.

    وقد يقول قائل: وهل كل هذه الطرق التي وردت عن حفص صحيحة؟!

    أقول: نعم؛ لأن حفصًا أخذ عنه رواة كُثرٌ، تعلموا منه العلم وصاروا أعلامًا، وكما ذكرت فإن الذي يأخذ عن الراوي يعتبر طريقًا، وأنا أذكر هذا الكلام لأن بعض الإخوة لا يعلم شيئًا عن هذه الطرق، فيؤدي ذلك الأمر عندهم إلى الوقوع في الخلط بين الطرق؛ فمثلاً: بعض الإخوة يقرأ بقصر المنفصل حركتين، ويظن أن المحافظة على قصر المنفصل حركتين إلى أن ينتهي من القراءة هو المطلوب فقط، لا يا أخي الكريم، ليس الأمر كذلك، نعم إن المحافظة على قصر المنفصل حركتين في جميع القراءة أمر مطلوب من القارئ؛ كما قال ابن الجزري في المقدمة: "واللفظ في نظيره كمثله"، ولكن القراءة بقصر المنفصل حركتين ليست من طريق الشاطبية، الذي ضبطت مصاحفنا عليه، كما أنها تترتب عليها أحكام لا بد للقارئ من مراعاتها عند قراءته، فإذا أردت أن تقرأ بقصر المنفصل حركتين - لقِصَر النفس، أو لقراءة جزء كبير من القرآن، أو للإسراع في صلاة القيام، أو لغير ذلك من الأسباب - فعليك يا أخي الكريم أن تراعي الأحكام المترتبة على قَصر المنفصل، وأيضًا عليك أن تعلم الطريق الذي تقرأ به؛ حتى لا تخلط بين الطرق، ومن هنا جاء هذا البحث ليساعدك على ضبط مسألة الطرق، والله المستعان.

    أيها الأحبة الكرام، بعد أن ألف الإمام ابن مجاهد كتابه في القراءات السبع توالت التآليف في القراءات، ومن أشهر الكتب في هذا الموضوع: كتاب التذكرة في القراءات الثمان لأبي الحسن طاهر بن غلبون (ت: 399هـ)، وقد طُبع بتحقيق: أيمن سُوَيِّد، وطبع طبعة أخرى بتحقيق د/ سعد زعيمة، ومنها كتاب التبصرة لأبي محمد مكي بن أبي طالب (ت: 437هـ)، وكتاب التيسير لأبي عمرو الداني (ت: 444هـ)، وكتاب العنوان في القراءات السبع لأبي طاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد الأنصاري (ت: 455هـ).

    ثم نظم الإمام أبو محمد القاسم بن فيره الشاطبي (ت: 590هـ) كتاب التيسير لأبي عمرو الداني في قصيدته: حِرْز الأماني ووجه التهاني - المعروفة بالشاطبية - ويعتبر عمل الشاطبي هذا مرحلة أخرى، وهي المرحلة الرابعة.

    رابعًا: نظم الشاطبية واشتهارها.
    حيث نظم الإمام أبو القاسم بن فيره الشاطبي (ت: 590هـ) كتاب التيسير لأبي عمرو الداني في قصيدته: "حرز الأماني ووجه التهاني" المعروفة بالشاطبية، ويعتبر عمل الشاطبي هذا مرحلة أخرى بعد عمل ابن مجاهد - كما ذكرت - فإذا كان ابن مجاهد قد اختار القراء والرواة، فقد اشتهر طريق الشاطبية عن باقي الطرق، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

    وقد قام كثير من العلماء - قديمًا وحديثًا - بشرح قصيدة الشاطبي هذه، ولاقت قبولاً واسعًا عند العلماء من ناحية الحفظ والشرح والتدريس، وهكذا اشتهر طريق الشاطبية؛ حتى صار أكثر طلاب العلم لا يعرفون غيرها.
    خامسًا: نظم طيبة النشر في القراءات العشر.
    يعتبر الإمام محمد بن محمد الجزري من عباقرة علم التجويد والقراءات، وخاتمة المحققين، وكل من جاء بعده عالة عليه في هذا العلم، وقد قام ابن الجزري - رحمه الله - بعدة أمور:
    أولاً: زاد على كتاب التيسير لأبي عمرو الداني ثلاثة قراء، واختار لكل قارئ راويينِ، ولكل راوٍ طريقًا واحدًا، وسمى الكتاب: "تحبير التيسير في القراءات العشر"، وإليك أسماءهم:
    1 - يزيد بن القعقاع المخزومي، أبو جعفر المدني القارئ (ت: 130هـ)، وراوياه: عيسى بن وردان المدني، أبو الحارث الحذاء (ت: 160هـ) بالمدينة، وابن جماز سليمان بن مسلم بن جماز، أبو الربيع الزهري، مولاهم المدني (ت: 170هـ).
    2 - يعقوب بن إسحاق بن يزيد الحضرمي البصري، أبو محمد (ت: 205هـ)، وراوياه: رُوَيْس محمد بن المتوكل اللؤلؤي، أبو عبدالله البصري (ت: 238هـ)، ورَوْح بن عبدالمؤمن، أبو الحسن الهُذَلي، مولاهم، البصري النَّحْوي (ت: 234هـ).
    3 - خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف، أبو محمد الأسدي البغدادي البزار (ت: 229هـ) - وهو راوي حمزة - وراوياه: إسحاق بن إبراهيم بن عثمان، أبو يعقوب المروزي البغدادي (ت: 286هـ)، وإدريس بن عبدالكريم الحداد، أبو الحسن البغدادي (ت: 292هـ).
    ثانيًا: نظم ابن الجزري - رحمه الله - خلافات القراء الثلاثة في قصيدته: الدرة المضيئة، فإذا أضيفت هذه القصيدة إلى الشاطبية عمَّت الفائدة، وأصبحت شاملة للقراءات العشر، وبذلك تكون القراءات العشر قد نُظمت نظمًا كما نُثرت نثرًا، وأصبح لدينا القراء العشر برواتهم العشرين من طريق واحد، وسميت بالقراءات العشر الصغرى.
    ثالثًا: قام ابن الجزري - رحمه الله - بجمع جميع طرق الرواة من عدد كثير من كتب القراءات - بلغت ثمانية وخمسين كتابًا، ومنها الشاطبية - في كتابه المسمى: "النشر في القراءات العشر"، فجمع هذا الكتاب القراء العشر برواتهم العشرين بطرقهم التي بلغت 980 طريقًا؛ حيث قال:
    وهذه الرُّواةُ عنهم طُرُقُ
    أصحُّها في نَشرِنا يحقَّقُ
    باثنينِ في اثنينِ وإلا أربعُ
    فَهْيَ زُهَا ألفِ طريقٍ تجمَعُ

    رابعًا: نظم ابن الجزري - رحمه الله - كتاب النشر في قصيدته المشهورة: طيبة النشر، وأصبحت القراءات العشر برواتها العشرين بجميع طرقها منظومة نظمًا كما هي منثورة نثرًا، وسميت بالقراءات العشر الكبرى، وكل هذه الطرق متواترة مقطوع بصحتها، ولا يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشر.
    والقراءة الشاذة هي التي فقَدت شرطًا - أو أكثر - من شروط القراءة الصحيحة، ولم ينقل لنا من القراءات الشاذة قراءة كاملة في المصنفات إلا قراءة الأئمة الأربعة بعد العشرة، وهي قراءات صحيحة الإسناد، ولكن لم تتوفر فيها جميع أركان القراءة الصحيحة، وهي قراءة:
    1 - محمد بن عبدالرحمن بن محيصن السهمي المكي (ت: 123هـ)، وراوياه: أحمد بن محمد بن عبدالله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة البزي - راوي ابن كثير - وابن شنبوذ، محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ المقرئ، أبو الحسن (ت: 328هـ).
    2 - يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري النحوي، أبو محمد اليزيدي (202هـ)، وراوياه: سليمان بن الحكم البغدادي، أبو أيوب الخياط صاحب البصري (235هـ)، وابن فرح، أحمد بن فرح بن جبريل العسكري البغدادي الضرير، أبو جعفر (ت: 303هـ).
    3 - الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري (ت: 110هـ)، وراوياه: شجاع بن أبي نصر البلخي أبو نعيم (ت: 190هـ)، وحفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدوري - وهو راوي أبي عمرو البصري.
    4 - سليمان بن مهران الأعمش، أبو محمد الأسدي الكوفي (ت: 148هـ)، وراوياه: المطوعي الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي، أبو العباس (ت: 371هـ)، والشنبوذي، محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يونس، أبو الفرج الشطواني البغدادي (ت: 388هـ).
    ومما سبق يتضح لنا أهم فرق بين الشاطبية والطيبة، وهو أن الشاطبية فيها طريق واحد للراوي، بينما الطيبة فيها جميع طرق الراوي بما فيها الشاطبية.
    ولتوضيح هذا الأمر عمليًّا، كان هذا البحث - الذي طلبه بعض الطلبة الذين يقرؤون عليَّ - في مقارنة رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ببقية طرق الطيبة في نفس هذه الرواية؛ لأنها أشهر الروايات في العالم الإسلامي، وبها نقرأ.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * موقع الألوكة: (https://www.alukah.net/sharia/0/85067/#ixzz6Y3TEMdjP).
    في نشأة القراءات * الكاتب: محمود العشري الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وعلم به الإنسان من العلوم ما يعجِز عن عدها اللسان، وجعله المعجزة المستمرة على تعاقب الأزمان، ويسَّره للذكر حتى استظهره صغار الولدان، ووفَّق لجمع حروفه ورواياته وطرقه وأوجهه ولضبط رسمه قرَّاءً عظامًا من أهل الحِذْق والإتقان، وسخَّر لاستنباط ما فيه من الأحكام فقهاء ذوي علم وورع وإحسان... والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبدالله النبي الأمِّي المؤتَى فصل الخطاب وروائع البيان، القائل - في الصحيح -: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وعلى آله وصحبه الذين نقلوا القرآن، كما نزل به جبريل - عليه السلام - على قلب سيد الأنام، وأتقنوا تجويده غاية الإتقان، وعملوا بما فيه من الآداب والتعاليم فكانت لهم العزة والكرامة والاحترام، أما بعد: فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام أهل القرآن، وقال - كما روى أبو داود، وقال الألباني: حديث حسن -: ((إن مِن إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))... وسماهم النبي صلى الله عليه وسلم اسمًا ينبض بأعظم المعاني، سماهم: أهل الله وخاصته، فقال - كما عند ابن ماجه، وفي الترغيب والترهيب وصحيح الجامع -: ((إن للهِ أهلِينَ من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)). ولأن خير الكلام كلامُ الله -تعالى- فإن خير الناس من اشتغل بخير الكلام - وهو كلام الله - مخلِصًا لله - تعالى؛ فعن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلمه)). ومن أجلِ هذا الحديث الشريف جلس أبو عبدالرحمن السلمي - مع جلالة قدرِه وكثرة علمه - أربعين عامًا يُقرئ الناس في جامع الكوفة... وسُئل سفيان الثوري - رحمه الله - عن الجهاد وتعليم القرآن، فرجَّح الثاني، واستدل بهذا الحديث: ((خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)). وعن أنس - رضي الله عنه - قال: بعثني الأشعري - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال لي - أي عمر -: كيف تركت الأشعري؟ قلت: تركته يعلم الناس القرآن، فقال: أما إنه كيِّس، ولا تسمعها إياه"... وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن صاحب القرآن في غِبطة، وأنه يحق له الاغتباط الشديد بما هو فيه، وأنه يُستحب تغبيطه بذلك؛ أي: تمني مثل ما هو فيه من النعمة دون زوالها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، فسمعه جار له فقال: يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعمِلت مثل ما يعمل..)). وآثر النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بالأحقية في إمامة الصلاة فقال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنَّة)).. وقال: ((إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحق بالإمامة أقرؤهم))... وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كان صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟!))، فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد.. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان القراءُ أصحابَ مجالس عمر - رضي الله عنه - ومشاورته؛ كهولاً كانوا أو شبَّانًا". وعن عباد أبي محمد البصري قال: توسع المجالس لثلاثة: لحامل القرآن، ولحامل الحديث، ولذي الشيبة في الإسلام... وإن القرآنَ العظيم يغني صاحبَه عن كل حسَب ونسب، والتشرف بحفظه والتفقه فيه فوق كل شرف، ألا ترى أنه لا يُصَدُّ واحد من أهل القرآن عن إمامة الناس حتى ولو كان أعرابيًّا أو ولدَ زنًا! وروى مسلم في قصة ابن أبزى الخزاعي أن عمر - رضي الله عنه - قال: "أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا القرآن يرفع الله به أقوامًا، ويضَعُ به آخرين))". فممن رفعه الله بالقرآن: كبار أئمة التابعين من أصحاب ابن مسعود - رضي الله عنه.. وفي كل واحد منهم عيب؛ فعُبَيد أعور، ومسروق أحدَب، وعلقمة أعرج، وشريح كَوْسَج - لا شَعر على عارضيه - والحارث أعور.. وكلهم رفَعهم حِفظ القرآن وتعلمه وتعليمه... وقال المُزَنِيُّ: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظُمت قيمته.. وعن يحيى بن معين قال: بلغني أن الأعمش قال: أنا ممن رفعه الله -تعالى- بالقرآن؛ لولا القرآن لكان على رقبتي دنٌّ من صحناء أبيعه.. وقال أيضًا: لولا القرآن وهذا العلم عندي لكنتُ من بقَّالي الكوفة... وممن رفعه الله -تعالى- بالقرآن: أبو العالية رفيع بن مهران، الإمام المقرئ الحافظ المسند، وكان مولى لامرأة.. قال - رحمه الله -: كان ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعني على السرير - يعني سرير ديار الإمرة لما وليها - وقريش أسفل السرير.. فتغامزت بي قريش، فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرَفًا، ويُجلس المملوك على الأسِرَّة.. وكان المحدثون يعظِّمون أهل القرآن أيما تعظيم؛ فهذا الإمام الهمام، شيخ الإسلام، وشيخ المقرئين والمحدثين سليمان بن مهران الأعمش - رحمه الله - مع أنه كان معروفًا بشدته على طلاب الحديث - يقول: كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، فربما اشتهيت أن أُقَبِّلَ رأسَه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد... وقال أبو يعقوب الفسوي: سمعت أحمد بن يونس فذكر له حديثًا أنكروه من حديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش، فقال: كان الأعمش يضرب هؤلاء ويشتمهم ويطردهم، وكان يأخذ بيد أبي بكر بن عياش ليجلس معه في زاوية لحال القرآن... وقال الحسين بن فهم: ما رأيت أنبل من خلف بن هشام، كان يبدأ بأهل القرآن، ثم يأذن لأصحاب الحديث.. وكان لا يرى استصغار حامل القرآن، بل لا بد من توقيره؛ فإن معه أعظم ما يُرفع به الناس، ولو كان حامل القرآن صغير السن بالنسبة لكبار القراء.. فهكذا نرى كيف أن أهل القرآن هم أهل الله، وهم خاصة الله تعالى. وإن من أجلِّ العلوم وأشرفها تلاوة القرآن الكريم، وتعلم أحكامه من أفواه العلماء المتقنين.. فصفة التلاوة متلقاة من الله - تعالى؛ ولذلك قال السلف: القراءة سنَّة متبعة، يأخذها الآخِر عن الأول... فأول ما يبدأ به طالب العلم: حفظ القرآن، وتعلم أحكام التلاوة والتجويد؛ فلقد كان السلف الصالح - رحمهم الله تعالى - لا يرضون لطالب العلم أن يبدأ في طلب الحديث والعلوم إلا بعد أن يتقن القرآن الكريم.. قال الوليد بن مسلم: كنا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدَثًا، قال: يا غلام، قرأتَ القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، وإن قال: لا، قال: اذهب تعلَّم القرآن قبل أن تطلب العلم... فإذا حصل طالب العلم على الإجازة برواية حفص بن سليمان من طريق الشاطبية، انتقل بعدها لغيرها من العلوم الشرعية، ويبدأ بعدها ينهل من علم القراءات، فيبدأ بدراسة مقدمة في علم القراءات ونشأتها ومؤلفاتها.. ثم يتعرف على طرق الطيبة لرواية حفص، كل طريق على حدة، والفرق بينها وبين الشاطبية.. ويعرف متى يمكنه القراءة بقصر المنفصل وتوسط المتصل، ومتى يقرأ بالسكت الخاص أو العام، أو بغنة النون عند اللام أو الراء، ومتى يكبِّر بين السورتين التكبير الخاص أو العام.. ومن أجل ذلك أعددت هذه الرسالة، التي أسأل الله -تعالى- أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يكتب لها القَبول عند عباده الصالحين؛ إن ربي على كل شيء قدير. فإذا أتقن الطالب هذه الرواية، انتقل بعدها لتعلم غيرها من الروايات؛ ممتثلاً قول الله -تعالى-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30]، وقولَه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند الترمذي: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعَشْر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألِفٌ حرف، ولام حرف، وميم حرف". جعلني الله وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.. في نشأة القراءات: قبل أن أبدأ بشرح طرق الطيبة، أقدم بمقدمة مختصرة، أوضِّح فيها علم القراءات منذ نشأته حتى نضوجه واستقراره، وأُجْمِلُ ذلك في خمس مراحل كما فعل شيخنا فضيلة الشيخ: توفيق ضمرة - حفظه الله. أولاً: مرحلة الرواية الشفوية. وذلك من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة: 25 هـ؛ إذ كان القرآن محفوظًا في الصدور، مكتوبًا في الوسائل المعروفة في ذلك الوقت، كما في التفصيل التالي: نزول القرآن على سبعة أحرف: نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة المكية على حرف واحد؛ لأن الدعوة الإسلامية كانت محصورة في مكة، وعدد المسلمين قليل.. وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ودخول القبائل العربية - التي كانت تختلف في لهجاتها - في دين الله أفواجًا، طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الله -تعالى- أن يخفف على أمته؛ فأنزل الله -تعالى- القرآن على سبعة أحرف؛ كما جاء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند البخاري ومسلم وأحمد وعبدالرزاق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجَعته، فلم أزل أستزيده ويَزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف))؛ مما سهَّل تلاوة القرآن وفهمَه، لا سيما في القبائل التي لها لهجة مختلفة، وفيها الشيخ العجوز والمرأة والضعيف، الذين أَلِفَ لسانُهم لهجتَهم، ولا يستطيعون الرحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستماع منه. وقد روى الترمذي وأحمد من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا جبريل، إني بُعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قط، قال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف))، وللحديث شاهد عند الطيالسي في المسند برقم: 543. هذا، وقد أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام وفق هذه الأحرف السبعة، وقد لاحظوا - رضي الله عنهم - الاختلاف بينها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وصوَّب النبي صلى الله عليه وسلم قراءتَهم على اختلافها، وأمَر كل واحد منهم أن يقرأ كما عُلِّمَ، وقصة عمر مع هشام بن حكيم - رضي الله عنهما - مشهورة معروفة، وقد رواها البخاري ومسلم ومالك وأحمد والترمذي والنسائي وأبو داود وعبدالرزاق. معنى الأحرف السبعة: المراد بالسبعة حقيقة العدد، وهو ما بين الستة والثمانية؛ لِما ورد في حديث أُبَي بن كعب - رضي الله عنه - الذي رواه أحمد في مسند الأنصار رقم: 20223. والمراد بالأحرف: اللغات أو اللهجات التي نزل بها القرآن؛ فالعرب وإن جمعها جميعًا اسم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام، فإن قيل: فلهجات العرب أكثر من سبع، قلت: هي أفصحُها، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وسفيان بن عيينة، والأعمش، وأبي عبيدٍ القاسم بن سلام، وابن جَرير الطبري، وأبي شامة، والقرطبي، وابن الجوزي، وغيرهم. ما المقصود بلغات العرب؟! المقصود أن تقرأ كل قبيلة من العرب بلغتهم وما جرى على عادتهم؛ من الإدغام، والإظهار، والفتح، والإمالة، والتفخيم، والترقيق، والإشمام، والهمز، والتليين، وغير ذلك، ولكن بشرط في غاية الأهمية، ألا وهو: التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، لا بما شاء القارئ أن يقرأ مما يوافق لغته من غير توقيف. ومن خلال النظر في اختلاف القراءات وُجِدَ أنه زيادة على اختلاف اللهجات العربية، هناك الذِّكر والحذف، والتقديم والتأخير، فذهب بعض العلماء إلى أن معنى الأحرف السبعة هو الأوجه اللفظية التي نزل بها القرآن، وذلك من خلال استقراء أنواع الاختلاف الموجودة في القراءات، وهو قول ابن قتيبة، وأبي الفضل الرازي، والزركشي، وابن الجزري، وغيرهم، مع اختلاف يسير بينهم. والخلاصة: أن الأحرف السبعة لها حقيقة العدد، وأنها موجودة إلى الآن ولم تُنسخ - وهذا القول على الغالب، وإلا فقد نُسِخَ جزءٌ من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، ثم نسخ منها ما خالف خط المصاحف العثمانية، ثم شُذِّذَ منها ما فقَدَ أركان القراءة الصحيحة - وأنها نزلت بلهجات العرب المختلفة، وأن هذا الاختلاف في اللهجات هو في طريقة نطق الكلمات، وأنَّا عرفنا هذه الأحرف من خلال آثارها الباقية في القراءات العشر، ودخل في هذا الذِّكر والحذف، والتقديم والتأخير، وهنا سؤال مُلِحٌّ يطرح نفسه: هل القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان أم هما شيء واحد؟! أقول: إذا عنَيْنا القراءات العشر، فالقرآن والقراءات شيء واحد؛ قال ابن مسعود - كما في صحيح مسلم -: "ولقد رأيتُنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا فنقرأ عليه، فيخبرنا أنَّا كلنا محسنون"، وإذا أردنا القراءات الشاذة فهما متغايران؛ فالقراءة التي تفقد أهم ركن - وهو التواتر - لا يصحُّ أن نطلق عليها اسم القرآن؛ فهو المنقول إلينا بالتواتر، أما الأخرى فهى قراءة وليست قرآنًا. هذه هي الأحرف السبعة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلَّمها أصحابه الكرام، فمنهم من أقرأه على حرف، ومنهم من أقرأه على حرف آخر، ومنهم من أقرأه على أكثر من حرف. القراءة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: كان الصحابة يستمعون القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستمع لقراءة الحاذقين من أصحابه، ويشهد لهم بالإتقان، ويرغِّب الناس في تلقي القرآن عنهم، وبما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قائد الأمة وإمامها، والمسؤول عن جميع أحوالها، صعب عليه أن يتفرغ لإقراء الصحابة واحدًا واحدًا، فكان لزامًا أن يتخصص بعض الصحابة - ممن أقرأهم النبي صلى الله عليه وسلم - لإقراء الناس نيابة عنه، فكان إذا قدم الرجل مهاجرًا على النبي صلى الله عليه وسلم دفعه إلى أحد الصحابة يعلمه القرآن - كما روى أحمد عن عبادة - فما يرجع أحد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد تعلم شيئًا من القرآن؛ فقد روى أحمد وابن أبي شيبة عن عمرو بن سلمة قال: "كنا على حاضر، فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنو منهم فأسمع، حتى حفظت قرآنًا كثيرًا"، وهذا لا يكون إلا بحرصهم على معاودته ودراسته واستذكاره، وانطلاق ألسنتهم به، ولصوقه بقلوبهم. وفي العرضة الأخيرة نُسخ من هذه الأحرف ما نسخ، وثبت ما ثبت، وبعض الصحابة كان أعلم بهذا النَّسْخ من الآخر. كتابة القرآن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: عندما كانت تنزل الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر كتَبَة الوحي بكتابتها، فتُكتب أمامه، ثم تُقرأ عليه، فإذا كان فيها سقط أقامه، ثم تُخرج للناس - كما قال زيد - حتى تُظاهرَ الكتابةُ في السطورِ ما حُفظ في الصدور، وقُبض الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور، مكتوب بالأحرف السبعة على اللخاف والعُسُب والرقاع والأكتاف، مُفرَّق بين الصحابة، ما عند صحابي ليس عند آخر. كتابة القرآن في عهد الصديق - رضي الله عنه -: في حروب المرتدين استَحَرَّ القتلُ بالقراء في معركة اليمامة حتى قُتل منهم سبعون، عندئذ خاف عمر الفاروق - رضي الله عنه - ضَياع القرآن بمقتل حفَّاظه، فأشار على الصِّدِّيق - رضي الله عنه - بجمع القرآن في مصحف واحد، ولم يزل يراجعه في ذلك حتى شرح الله -تعالى- صدر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - لذلك، فأرسل إلى زيد - رضي الله عنه - وعهِد إليه بذلك - كما عند البخاري والترمذي وأحمد - فقام زيد - رضي الله عنه - بمهمته خير القيام، وكان لا يقبل من أحد شيئًا مكتوبًا إلا إذا شهد شاهدان أنه كتب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن كاملاً في صحف مشتملاً على الأحرف السبعة وفق العرضة الأخيرة - وكانت سورًا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا، وكانت هذه الصحف عند أبي بكر - رضي الله عنه - حتى توفاه الله -تعالى- ثم عند عمر - رضي الله عنه - حياته، ثم عند حفصة بنت عمر - رضي الله عنها. إرسال عمر - رضي الله عنه - قراء الصحابة إلى الأمصار: في عهد عمر - رضي الله عنه - اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فطلب ولاة الأمصار من عمرَ أن يرسل إليهم من يعلم الناس القرآن، فأرسل أبا موسى الأشعري إلى البَصرة، وابن مسعود إلى الكوفة، ومعاذًا إلى فلسطين، وعبادة بن الصامت إلى حمص، وأبا الدرداء إلى دمشق، وبهذا نشأت مدارس في الأمصار الرئيسة لها منهجها الخاص. ثانيًا: مرحلة نسخ المصاحف في عهد عثمان - رضي الله عنه - وإرسال القراء إلى الأمصار: كان الصحابة يُقرئون القرآن وفق ما تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأحرف، ولا شك أن هناك فرقًا بين تعليم أحدهم وتعليم الآخر، كلٌّ حسبما تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل تلاميذهم يلتقون فيختلفون، ويُخَطِّئ بعضهم بعضًا في القرآن، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفَّر بعضهم بعضًا، وجعلوا يفاضلون بين قراءات الصحابة، فبلغ ذلك عثمان - رضي الله عنه - فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافًا"، فجمع الصحابة واستشارهم، ثم استقر الرأي على جمع الناس على مصحف واحد؛ حتى لا تكون فُرقة، ولا يكون اختلاف. فنسخ القرآن وفق ما ثبت من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، وبعث مع كل مصحف قارئًا يقرئ الناس وفق ما كتب في هذه المصاحف، مع العلم أنها لم تكن منقطة أو مشكلة في ذلك الوقت، وأمر عثمان - رضي الله عنه - بحرق جميع المصاحف التي كانت مكتوبة عند بقية الصحابة؛ حيث إن بعض هذه المصاحف لم يكن كاملاً بسبب النقص في بعض الآيات والسور، وبعضها كان في حواشيه كلمات تفسيرية قد يحسبها البعض من القرآن. وقد كتب عثمان - رضي الله عنه - ستة مصاحف، وأرسل واحدًا منها إلى مكة مع عبدالله بن السائب، وواحدًا إلى الشام مع المغيرة بن شهاب، وواحدًا إلى الكوفة مع أبي عبدالرحمن السُّلمي، وآخر إلى البصرة مع عامر بن عبدالقيس، وأبقى واحدًا في المدينة مع زيد بن ثابت، وواحدًا لنفسه. وأمر كل قارئ أن يقرئ الناس وفق مصحفه، فقرأ أهل كل مصرٍ مصحفهم الذي وُجِّهَ إليهم على ما كانوا يقرؤون قبل وصول مصحفهم إليهم مما يوافق خط المصحف، وسقط العمل بما يخالف خط المصحف، ومن ثَمَّ نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار في قراءة بعض الحروف بناءً على كتابتها في المصحف أو لا. وأقول: إن القراءات العشر التي يقرأ بها الناس اليوم إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق خط المصحف، وهي متفرقة في القرآن في كل قراءة، ولا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة، فإذا قرأ القارئ برواية من الروايات فإنما قرأ ببعضها لا بكلها، وهي منزلة من عند الله - تعالى، لا اجتهاد فيها لجبريل - عليه السلام - أو النبي صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد من العلماء بعده أن يغير شيئًا بزيادة أو نقصان أو إبدال؛ قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فيما رواه أحمد وابن حبان والحاكم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما عُلِّمْتُم. وفي هذه المرحلة تم ضبط القراءات، وظهرت مصطلحات ضبط المصحف الشريف، وذلك على مراحل، أهمها: • وضع نقاط الإعراب: فبعد أن كثرت الفتوحات الإسلامية، ودخل كثير من الأعاجم في الإسلام، واختلط اللسان العربي بالعجمي، وفشا اللحن على الألسنة - قام أبو الأسود الدؤلي بتنقيط المصحف نقاط الإعراب، فوضع نقطة فوق الحرف لتدل على الفتح، ونقطة أمام الحرف لتدل على الضم، ونقطة تحت الحرف لتدل على الكسر، ونقطتين لتدلا على التنوين، وذلك بمداد يخالف لونُه لونَ مداد المصحف. • وضع نقاط الإعجام: لما صعب على كثير من المسلمين التمييز بين الحروف المتشابهة، طلب الحَجَّاج بن يوسف من نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر أن يعملا على إبعاد التحريف عن ساحة القرآن، فوضعا نقاط الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة رسمًا من بعضها بلون مداد المصحف؛ فالباء نقطة واحدة تحت، والتاء بالمثناة الفوقية، والثاء بالمثلثة الفوقية، وهكذا. • طوَّر الخليل بن أحمد الفراهيدي نقاط الإعراب إلى حركات الإعراب؛ فجعل الضمة واوًا صغيرة فوق الحرف، والفتحة ألفًا صغيرة مبطوحة فوق الحرف، والكسرة ألفًا مبطوحة تحت الحرف، والتنوين حركتين، والشَّدَّة رأس شين، والسكون رأس خاء، وهكذا تنامى علم مصطلحات ضبط المصحف حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، مع فَرْق بين المشارقة والمغاربة في علامات الضبط. وقد تجرَّد قوم للقراءة والإقراء، واعتنَوْا بضبط القراءة حتى صاروا أئمة يُقتدى بهم في القراءة، وكانوا كثيرًا في العدد، كثيرًا في الاختلاف، فأراد الناس أن يقتصروا من القراءات التي توافق خط المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى كل إمام مشهور بالثقة والأمانة وحسن الدين وكمال العلم، قد طال عمره، واشتهر أمره بالثقة، وقد أجمع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول، ولتصديهم للقراءة نُسبت إليهم، ومنهم في المدينة: أبو جعفر بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن أبي نعيم، وفي مكة: عبدالله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن، وفي الشام: عبدالله بن عامر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، وإبراهيم بن أبي عبلة، ثم شريح بن يزيد الحضرمي، وفي الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النَّجُود، وسليمان بن مهران الأعمش، ثم حمزة الزيات، ثم الكسائي، وفي البصرة: عبدالله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي. وهؤلاء قُلٌّ من كثر، ونزر من بحر؛ فإن القراء الذين أخذوا عن التابعين كانوا أممًا لا تحصى، وطوائف لا تستقصى، والذين أخذوا عنهم أيضًا أكثر، وهلم جرًّا، وفي هذه الفترة بُدِئَ التأليف في علم القراءات؛ حيث إن أول من ألف في علم القراءات هو يحيى بن يعمر (ت90هـ). وذهب الكثير من العلماء إلى أن أول من ألف فيها هو الإمام/ أبو عُبيدٍ القاسم بن سلام (ت224هـ)، ثم أبو حاتم السجستاني (ت225هـ)، وبعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي جمع كتابًا في القراءات الخمسة (ت258هـ)، ثم إسماعيل بن إسحاق المكي صاحب قالون ألَّف كتابًا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إمامًا (ت282هـ)، ثم ابن جرير الطبري (ت310هـ)، وفي هذا الوقت كان قد اشتهر القراء الذين نُسبت إليهم القراءة نسبة مداومة وملازمة واشتهار، لا اختراع ورأي واجتهاد. ثالثًا: مرحلة تسبيع السبعة وجمعها في مؤلف خاص: حيث ألف الإمام أبو بكر أحمد بن مجاهد التميمي البغدادي (ت324هـ) كتابه المشهور: "السبعة في القراءات"، جمع فيه القراءات الصحيحة، وهذا الكتاب يعتبر ثمرة التأليف في القراءات، ونقلة نوعية بعد نسخ عثمان - رضي الله عنه - للمصاحف؛ حيث يعتبر قد جمع أشهر ما صح من قراءات قراء الأمصار وفق مصاحف الأمصار. واشتهر هذا الكتاب، وصار عمدة لمن بعده، واستقرت في هذه المرحلة أركان القراءة الصحيحة، ووضح الفرق بين القراءة الصحيحة والقراءة الشاذة وفق قواعد وأركان للقراءة الصحيحة، وهي: 1 - التواتر. 2 - موافقة القراءة للرسم العثماني، ولو احتمالاً. 3 - موافقة القراءة لوجه من وجوه النحو، فصيحًا كان أو أفصح. واختار ابن مجاهد في كتابه سبعة من القراء المشهورين، واختار لكل قارئ راويين، إليك أسماءهم: 1 - نافع بن عبدالرحمن بن أبي نعيم، أبو عبدالرحمن الليثي، مولاهم، المدني (ت: 169هـ)، وراوياه: قالون وورش، فأما قالون فهو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي أبو موسى (ت: 220هـ)، ووَرْش هو عثمان بن سعيد بن عبدالله، أبو سعيدٍ المصري (ت: 197هـ). 2 - عبدالله بن كثير، أبو سعيد المكي الداري العطار (ت: 120هـ)، وراوياه البزِّي وقُنْبُل، فأما البزي فهو أحمد بن محمد بن عبدالله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة (ت: 250هـ)، روى عن ابن كثير بواسطة عكرمة بن سليمان، عن إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين - المعروف بالقسط - عن ابن كثير، وقُنْبُل هو محمد بن عبدالرحمن بن خالد المخزومي، مولاهم، أبو عمر (ت: 291هـ)، روى عن ابن كثير بواسطة، عن أبي الحسن أحمد بن عون القواس، عن وهب بن واضح، عن إسماعيل بن عبدالله القسط، عن ابن كثير. 3 - زبان بن العلاء بن العريان التميمي المازني البصري، أبو عمر (ت: 154هـ)، وراوياه الدُّوري والسُّوسي، فأما الدوريُّ فهو حفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدُّوري النَّحْوي (ت: 240هـ)، والسوسي هو صالح بن زياد بن عبدالله الرستبي، أبو شعيب السوسي الرَّقي (ت: 261هـ)، ورويا عن يحيى بن المبارك اليزيدي، عن أبي عمرو البصري. 4 - عبدالله بن عامر الشامي، أبو عمران (ت: 118هـ)، وراوياه هشام وابن ذَكْوان، فأما هشام فهو ابن عمار بن نصر بن ميسرة، أبو الوليد السلمي الدمشقي (ت: 245هـ)، روى عن ابن عامر بواسطة عراك بن خالد المري، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن ابن عامر، وأما ابن ذَكْوان فهو عبدالله بن بشير بن ذكوان (ت: 242هـ) بدمشق، روى عن ابن عامر بواسطة أيوب بن تميم التميمي، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن ابن عامر. 5 - عاصم بن أبي النَّجود الأسدي الكوفي الحناط، أبو بكر (ت: 127هـ)، وراوياه شعبة وحفص، فأما شعبة فهو أبو بكر شعبة بن عياش بن سالم الكوفي الأسدي الحناط (ت: 193هـ)، وحفص هو ابن سليمان بن المغيرة، أبو عمر الأسدي الكوفي الغاضري البزار (ت: 180هـ). 6 - حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الكوفي، أبو عمارة (ت: 156هـ)، وراوياه خلف وخلاد، فأما خلف فهو ابن هشام بن ثعلب البزار، أبو محمد الأسدي البغدادي (ت: 229هـ) ببغداد، وأما خلاد فهو ابن خالد، أبو عيسى الشيباني، مولاهم، الصيرفي الكوفي (ت: 220هـ)، روَيا عن حمزة بواسطة؛ فقد قرأ على سُلَيْم بن عيسى عن حمزة الزيات. 7 - علي بن حمزة بن عبدالله بن بهمن بن فيروز الأسدي، أبو الحسن الكسائي (ت: 189هـ)، وراوياه أبو الحارث الليث بن خالد البغدادي (ت: 240هـ)، وحفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدوري (ت: 240هـ)، وهو راوي أبي عمرو البصري. وهناك من الرواة من أخذ عن القارئ مباشرة، ومنهم من أخذ عنه بواسطة كما رأينا، وهنا قد يقول قائل: وما المقصود بطرق حفص بن سليمان؟ ولماذا اختلفت الروايات بين الرواة مع أنهم أخذوا عن قارئ واحد؟! أقول: اعلم - أيها السائل الحبيب - أن هناك فرقًا بين القراءة والرواية والطريق؛ فالقراءة هي كل خلاف نُسب لإمام من أئمة القراءة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه؛ فالقرَّاء العشرة هم: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي - هؤلاء السبعة من الشاطبية، وأبو جعفر، ويعقوب الحضرمي، وخلف البغدادي العاشر، وهؤلاء الثلاثة من الدُّرة، وقد جمع الإمام ابن الجزري - رحمه الله - العشرة في طيبته، فنقول - مثلاً -: قراءة عاصم، وقراءة نافع، وقراءة ابن كثير، وقراءة أبي جعفر، وهكذا، ولكن عندما نقول: قراءة، فشرط أن يكون الراويان قد اتفقا مع بعضهما في نفس هذه القراءة، ومثال ذلك ما قاله الشاطبي - رحمه الله - في الحرز: "ومالك يوم الدين راويه ناصر"، والمعنى أنه قرأ كلمة "مالك" التي في سورة الفاتحة بإثبات الألف بعد الميم الكسائي - راء راويه - وعاصم - نون ناصر - فنقول: قراءة الكسائي، لماذا؟ لأن راويا الكسائي - وهما أبو الحارث والدوري - اتفقا في قراءة هذه الكلمة بإثبات الألف بعد الميم، أما لو اختلف راوٍ في قراءة كلمة "مالك" فلا نقول قراءة حينئذ، بل نقول: رواية، وأوضِّح ذلك بهذا المثال: كلمة "مجراها" التي في سورة هود، قرأها حفص بالإمالة الكبرى - كما هو معلوم - وقرأها شعبة بضم الميم وفتح الراء، فهنا - في هذه الكلمة - لا نقول: قراءة عاصم؛ لأن الراويينِ اختلفا، بل نقول: رواية حفص، ورواية شعبة. أما لماذا اختلفت الروايات بين الرواة مع أنهم أخذوا عن نفس القارئ؟ فالجواب: أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعة بقراءات مختلفة، ونقل ذلك على ما قرأ، فمن قرأ عليه بأي حرف لم يرده إذا كان مما قرأ به على أئمته؛ قال نافع: "قرأت على سبعين من التابعين، فما اتفق عليه اثنان أخذتُه، وما شذ فيه واحد تركته"، فمن قرأ عليه بما اتفق عليه اثنان من أئمته لم ينكر عليه، فهذا قالون ربيبه وأخص الناس به، وورش أشهر الرواة عنه، اختلفا في أكثرَ من ثلاثة آلاف حرف من قطع وهمز وإدغام وشبهه، ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه، وإنما ذلك لأن ورشًا قرأ عليه بما تعلمه في بلده، فوافق ما قرأ به نافع على بعض أئمته، فأقره عليه، وقال حفص: قلت لعاصم: أبو بكر يخالفني، فقال: أقرأتك بما أقرأني أبو عبدالرحمن السلمي عن عليِّ بن أبي طالب، وأقرأته بما أقرأني زر بن حبيش عن عبدالله بن مسعود، وهكذا، فالمهم أن القراءة هي كل خلاف نسب للأئمة العشرة. وبعد وفاة القراء حلَّ مكانهم تلاميذهم، وأخذوا يُقرئون الناس القرآن، وسُمِّيَ الآخذ عن الراوي طريقًا، فالطريق: هو كل ما أخذ عن الراوي وإن سَفُل، مثل طريق عبيد بن الصباح، وطريق الهاشمي، وطريق التيسير عن حفص، ومثل طريق الأزرق عن ورش، وبهذا يتضح الفرق بين القراءة والرواية والطريق؛ فالقراءة هي خلاف نسب لإمام من أئمة القراءة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه، والرواية هي كل ما نُسِب للراوي عن الإمام، وكل راوٍ من الرواة له طرق رواها أصحابه عنه. وموضوع هذه الرسالة - إن شاء الله - هو الكلام عن طرق حفص بن سليمان؛ فحفص يُعتَبر راويًا عن عاصم، وحفص ليس له طريق واحد فقط، بل له من الطرق حوالي ثمانية وخمسين طريقًا، جمعها ابن الجزري - رحمه الله - في طيبته. وقد يقول قائل: وهل كل هذه الطرق التي وردت عن حفص صحيحة؟! أقول: نعم؛ لأن حفصًا أخذ عنه رواة كُثرٌ، تعلموا منه العلم وصاروا أعلامًا، وكما ذكرت فإن الذي يأخذ عن الراوي يعتبر طريقًا، وأنا أذكر هذا الكلام لأن بعض الإخوة لا يعلم شيئًا عن هذه الطرق، فيؤدي ذلك الأمر عندهم إلى الوقوع في الخلط بين الطرق؛ فمثلاً: بعض الإخوة يقرأ بقصر المنفصل حركتين، ويظن أن المحافظة على قصر المنفصل حركتين إلى أن ينتهي من القراءة هو المطلوب فقط، لا يا أخي الكريم، ليس الأمر كذلك، نعم إن المحافظة على قصر المنفصل حركتين في جميع القراءة أمر مطلوب من القارئ؛ كما قال ابن الجزري في المقدمة: "واللفظ في نظيره كمثله"، ولكن القراءة بقصر المنفصل حركتين ليست من طريق الشاطبية، الذي ضبطت مصاحفنا عليه، كما أنها تترتب عليها أحكام لا بد للقارئ من مراعاتها عند قراءته، فإذا أردت أن تقرأ بقصر المنفصل حركتين - لقِصَر النفس، أو لقراءة جزء كبير من القرآن، أو للإسراع في صلاة القيام، أو لغير ذلك من الأسباب - فعليك يا أخي الكريم أن تراعي الأحكام المترتبة على قَصر المنفصل، وأيضًا عليك أن تعلم الطريق الذي تقرأ به؛ حتى لا تخلط بين الطرق، ومن هنا جاء هذا البحث ليساعدك على ضبط مسألة الطرق، والله المستعان. أيها الأحبة الكرام، بعد أن ألف الإمام ابن مجاهد كتابه في القراءات السبع توالت التآليف في القراءات، ومن أشهر الكتب في هذا الموضوع: كتاب التذكرة في القراءات الثمان لأبي الحسن طاهر بن غلبون (ت: 399هـ)، وقد طُبع بتحقيق: أيمن سُوَيِّد، وطبع طبعة أخرى بتحقيق د/ سعد زعيمة، ومنها كتاب التبصرة لأبي محمد مكي بن أبي طالب (ت: 437هـ)، وكتاب التيسير لأبي عمرو الداني (ت: 444هـ)، وكتاب العنوان في القراءات السبع لأبي طاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد الأنصاري (ت: 455هـ). ثم نظم الإمام أبو محمد القاسم بن فيره الشاطبي (ت: 590هـ) كتاب التيسير لأبي عمرو الداني في قصيدته: حِرْز الأماني ووجه التهاني - المعروفة بالشاطبية - ويعتبر عمل الشاطبي هذا مرحلة أخرى، وهي المرحلة الرابعة. رابعًا: نظم الشاطبية واشتهارها. حيث نظم الإمام أبو القاسم بن فيره الشاطبي (ت: 590هـ) كتاب التيسير لأبي عمرو الداني في قصيدته: "حرز الأماني ووجه التهاني" المعروفة بالشاطبية، ويعتبر عمل الشاطبي هذا مرحلة أخرى بعد عمل ابن مجاهد - كما ذكرت - فإذا كان ابن مجاهد قد اختار القراء والرواة، فقد اشتهر طريق الشاطبية عن باقي الطرق، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وقد قام كثير من العلماء - قديمًا وحديثًا - بشرح قصيدة الشاطبي هذه، ولاقت قبولاً واسعًا عند العلماء من ناحية الحفظ والشرح والتدريس، وهكذا اشتهر طريق الشاطبية؛ حتى صار أكثر طلاب العلم لا يعرفون غيرها. خامسًا: نظم طيبة النشر في القراءات العشر. يعتبر الإمام محمد بن محمد الجزري من عباقرة علم التجويد والقراءات، وخاتمة المحققين، وكل من جاء بعده عالة عليه في هذا العلم، وقد قام ابن الجزري - رحمه الله - بعدة أمور: أولاً: زاد على كتاب التيسير لأبي عمرو الداني ثلاثة قراء، واختار لكل قارئ راويينِ، ولكل راوٍ طريقًا واحدًا، وسمى الكتاب: "تحبير التيسير في القراءات العشر"، وإليك أسماءهم: 1 - يزيد بن القعقاع المخزومي، أبو جعفر المدني القارئ (ت: 130هـ)، وراوياه: عيسى بن وردان المدني، أبو الحارث الحذاء (ت: 160هـ) بالمدينة، وابن جماز سليمان بن مسلم بن جماز، أبو الربيع الزهري، مولاهم المدني (ت: 170هـ). 2 - يعقوب بن إسحاق بن يزيد الحضرمي البصري، أبو محمد (ت: 205هـ)، وراوياه: رُوَيْس محمد بن المتوكل اللؤلؤي، أبو عبدالله البصري (ت: 238هـ)، ورَوْح بن عبدالمؤمن، أبو الحسن الهُذَلي، مولاهم، البصري النَّحْوي (ت: 234هـ). 3 - خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف، أبو محمد الأسدي البغدادي البزار (ت: 229هـ) - وهو راوي حمزة - وراوياه: إسحاق بن إبراهيم بن عثمان، أبو يعقوب المروزي البغدادي (ت: 286هـ)، وإدريس بن عبدالكريم الحداد، أبو الحسن البغدادي (ت: 292هـ). ثانيًا: نظم ابن الجزري - رحمه الله - خلافات القراء الثلاثة في قصيدته: الدرة المضيئة، فإذا أضيفت هذه القصيدة إلى الشاطبية عمَّت الفائدة، وأصبحت شاملة للقراءات العشر، وبذلك تكون القراءات العشر قد نُظمت نظمًا كما نُثرت نثرًا، وأصبح لدينا القراء العشر برواتهم العشرين من طريق واحد، وسميت بالقراءات العشر الصغرى. ثالثًا: قام ابن الجزري - رحمه الله - بجمع جميع طرق الرواة من عدد كثير من كتب القراءات - بلغت ثمانية وخمسين كتابًا، ومنها الشاطبية - في كتابه المسمى: "النشر في القراءات العشر"، فجمع هذا الكتاب القراء العشر برواتهم العشرين بطرقهم التي بلغت 980 طريقًا؛ حيث قال: وهذه الرُّواةُ عنهم طُرُقُ أصحُّها في نَشرِنا يحقَّقُ باثنينِ في اثنينِ وإلا أربعُ فَهْيَ زُهَا ألفِ طريقٍ تجمَعُ رابعًا: نظم ابن الجزري - رحمه الله - كتاب النشر في قصيدته المشهورة: طيبة النشر، وأصبحت القراءات العشر برواتها العشرين بجميع طرقها منظومة نظمًا كما هي منثورة نثرًا، وسميت بالقراءات العشر الكبرى، وكل هذه الطرق متواترة مقطوع بصحتها، ولا يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشر. والقراءة الشاذة هي التي فقَدت شرطًا - أو أكثر - من شروط القراءة الصحيحة، ولم ينقل لنا من القراءات الشاذة قراءة كاملة في المصنفات إلا قراءة الأئمة الأربعة بعد العشرة، وهي قراءات صحيحة الإسناد، ولكن لم تتوفر فيها جميع أركان القراءة الصحيحة، وهي قراءة: 1 - محمد بن عبدالرحمن بن محيصن السهمي المكي (ت: 123هـ)، وراوياه: أحمد بن محمد بن عبدالله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة البزي - راوي ابن كثير - وابن شنبوذ، محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ المقرئ، أبو الحسن (ت: 328هـ). 2 - يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري النحوي، أبو محمد اليزيدي (202هـ)، وراوياه: سليمان بن الحكم البغدادي، أبو أيوب الخياط صاحب البصري (235هـ)، وابن فرح، أحمد بن فرح بن جبريل العسكري البغدادي الضرير، أبو جعفر (ت: 303هـ). 3 - الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري (ت: 110هـ)، وراوياه: شجاع بن أبي نصر البلخي أبو نعيم (ت: 190هـ)، وحفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدوري - وهو راوي أبي عمرو البصري. 4 - سليمان بن مهران الأعمش، أبو محمد الأسدي الكوفي (ت: 148هـ)، وراوياه: المطوعي الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي، أبو العباس (ت: 371هـ)، والشنبوذي، محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يونس، أبو الفرج الشطواني البغدادي (ت: 388هـ). ومما سبق يتضح لنا أهم فرق بين الشاطبية والطيبة، وهو أن الشاطبية فيها طريق واحد للراوي، بينما الطيبة فيها جميع طرق الراوي بما فيها الشاطبية. ولتوضيح هذا الأمر عمليًّا، كان هذا البحث - الذي طلبه بعض الطلبة الذين يقرؤون عليَّ - في مقارنة رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ببقية طرق الطيبة في نفس هذه الرواية؛ لأنها أشهر الروايات في العالم الإسلامي، وبها نقرأ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * موقع الألوكة: (https://www.alukah.net/sharia/0/85067/#ixzz6Y3TEMdjP).
    0
  • ياسين الجويجاتي (1)

    هو الشيخ ياسين بن محمَّد وحيد بن صالح الجويجاتي، ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: وجاء في "أعلام دمشق" (2) هو محمَّد ياسين بن وحيد صالح الجويجاتي.
    ولد في دمشق عام 1301 هـ إحدى وثلاثمائة وألف من الهجرة بمحلة سوق الصوف المجاورة لسوق مدحت باشا التابعة لحي الشاغور.

    [حياته العلمية]
    عندما بلغ سن التعليم أخذ يتعلم مبادئ التعليم إلى أن أتم دراسته ثم أكرمه الله عَزَّ وَجَلَّ بحفظ القرآن الكريم وجوده برواية حفص عن عاصم ثم تعلم الحديث والفقه والتفسير والعلوم الدينية والعربية.
    ثم جمع القراءات العشر الصغرى والكبرى على شيوخ عصره.
    قام بتدريس القرآن الكريم في الثانوية الشرعية.
    قام بنشر العلوم الدينية والقراءات، وقلما تجد قارئاً في دمشق لم يتلق عنة.
    تصدر للتدريس في الجامع الأموي يقرأ للطلاب كتاب مراقي الفلاح وكان مرجعاً للفتوى في وقته.

    [شيوخه]
    1 - الشيخ عيد السفرجلاني.
    2 - الشيخ عبد القادر الصباغ، حيث حفظه عنده القرآن الكريم.
    3 - الشيخ جميل الميداني.
    4 - الشيخ أبو الصفا المالكي (3)، حفظ عليه القرآن الكريم وقرأ عليه التجويد.
    5 - الشيخ نجيب كيوان.
    6 - الشيخ عبد الكريم الحمزاوي.
    7 - الشيخ صالح الحمصي.
    8 - الشيخ أبو الخير الميداني.
    9 - الشيخ راشد القوثلي.
    10 - الشيخ محمَّد عطا الكسم، مفتي دمشق.
    11 - الشيخ بدر الدين الحسني.
    12 - الشيخ محمَّد سليم الحلواني، جمع عليه القراءات العشر الصغرى من طريقي الشاطبية والدرة.
    3 - الشيخ عبد القادر قويدر العربيني، قرأ عليه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة.
    14 - الشيخ عيسى الكردي.

    [تلاميذه]
    1 - الشيخ محمَّد السيد إسماعيل العربيني، شيخ قراء غوطة دمشق.
    2 - الشيخ حسين خطاب، شيخ القراء في دمشق.
    3 - الشيخ محمَّد كريم راجح، شيخ القراء في دمشق حالياً.
    4 - الشيخ محمود فايز الدير عطاني.
    5 - إبراهيم حبيبة (4).
    كلهم قرؤوا عليه القراءات العشر.
    6 - الدكتور محمَّد عبد اللطيف صالح الفرقور (5) قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم ثلاث ختمات.

    [وفاته]
    توفي بدمشق عام 1384 هـ أربعة وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة ودفن بمقبرة الباب الصغير.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 392 - 394)، تأليف: د. إلياس البرماوي، نقل المؤلف الترجمة من كتاب: تاريخ علماء دمشق جـ 2 ص 782.
    (2) أعلام دمشق ص 303.
    (3) قال المؤلف: أفادنى بذلك فضيلة الشيخ صفوان داودي.
    (4) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان داودي.
    (5) صاحب كتاب "أعلام دمشق" انظر ص 304.
    ياسين الجويجاتي (1) هو الشيخ ياسين بن محمَّد وحيد بن صالح الجويجاتي، ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: وجاء في "أعلام دمشق" (2) هو محمَّد ياسين بن وحيد صالح الجويجاتي. ولد في دمشق عام 1301 هـ إحدى وثلاثمائة وألف من الهجرة بمحلة سوق الصوف المجاورة لسوق مدحت باشا التابعة لحي الشاغور. [حياته العلمية] عندما بلغ سن التعليم أخذ يتعلم مبادئ التعليم إلى أن أتم دراسته ثم أكرمه الله عَزَّ وَجَلَّ بحفظ القرآن الكريم وجوده برواية حفص عن عاصم ثم تعلم الحديث والفقه والتفسير والعلوم الدينية والعربية. ثم جمع القراءات العشر الصغرى والكبرى على شيوخ عصره. قام بتدريس القرآن الكريم في الثانوية الشرعية. قام بنشر العلوم الدينية والقراءات، وقلما تجد قارئاً في دمشق لم يتلق عنة. تصدر للتدريس في الجامع الأموي يقرأ للطلاب كتاب مراقي الفلاح وكان مرجعاً للفتوى في وقته. [شيوخه] 1 - الشيخ عيد السفرجلاني. 2 - الشيخ عبد القادر الصباغ، حيث حفظه عنده القرآن الكريم. 3 - الشيخ جميل الميداني. 4 - الشيخ أبو الصفا المالكي (3)، حفظ عليه القرآن الكريم وقرأ عليه التجويد. 5 - الشيخ نجيب كيوان. 6 - الشيخ عبد الكريم الحمزاوي. 7 - الشيخ صالح الحمصي. 8 - الشيخ أبو الخير الميداني. 9 - الشيخ راشد القوثلي. 10 - الشيخ محمَّد عطا الكسم، مفتي دمشق. 11 - الشيخ بدر الدين الحسني. 12 - الشيخ محمَّد سليم الحلواني، جمع عليه القراءات العشر الصغرى من طريقي الشاطبية والدرة. 3 - الشيخ عبد القادر قويدر العربيني، قرأ عليه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة. 14 - الشيخ عيسى الكردي. [تلاميذه] 1 - الشيخ محمَّد السيد إسماعيل العربيني، شيخ قراء غوطة دمشق. 2 - الشيخ حسين خطاب، شيخ القراء في دمشق. 3 - الشيخ محمَّد كريم راجح، شيخ القراء في دمشق حالياً. 4 - الشيخ محمود فايز الدير عطاني. 5 - إبراهيم حبيبة (4). كلهم قرؤوا عليه القراءات العشر. 6 - الدكتور محمَّد عبد اللطيف صالح الفرقور (5) قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم ثلاث ختمات. [وفاته] توفي بدمشق عام 1384 هـ أربعة وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة ودفن بمقبرة الباب الصغير. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 392 - 394)، تأليف: د. إلياس البرماوي، نقل المؤلف الترجمة من كتاب: تاريخ علماء دمشق جـ 2 ص 782. (2) أعلام دمشق ص 303. (3) قال المؤلف: أفادنى بذلك فضيلة الشيخ صفوان داودي. (4) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان داودي. (5) صاحب كتاب "أعلام دمشق" انظر ص 304.
    0
  • محيي الإِسلام العثماني (1)

    هو الشيخ قاري أبو محمَّد محيي الإِسلام ابن الحاج قاضي مفتاح الإِسلام. العثماني فانيفتي، يتصل نسبه بالخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه (2).
    ولد عام 1295 هـ خمسة وتسعين ومائتين وألف من الهجرة، الموافق 1878م ثمانية وسبعين وثمانمائة وألف من الميلاد، في مدينة فاينفت (3) بالهند.

    [حياته العلمية]
    كعادة أقرانه في ذلك الوقت تعلم القراءة والكتابة ثم قرأ القرآن وحفظه، ثم جوده وأتقنه، ثم قرأ الشاطبية وقرأ القرآن بالروايات والقراءات وأخذ الإجازة والسند في ذلك وكان قد بلغ من العمر أربعاً وعشرين سنة.
    ثم تعلم القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة ثم من طريق الطيبة.
    قام بتدريس القرآن والقراءات والتجويد معظم حياته إلى أن توفاه الله عز وجل.
    عين مدرساً للقرآن والقراءات في المدرسة الأشرفية، ثم أعير مدرساً في مدرسة "مسلم هايسكول" وكان هو الذي يقوم باختبار الطلاب في المدرسة.
    ومن أشهر شيوخه: المقرئ الكبير الشيخ عبد الرحمن الأعمى فانيفتى.
    قرأ عليه القراءات العشر الكبرى والصغرى والمقدمة الجزرية وغيرها وأجازه في كل ما تلقاه عنه.

    [تلاميذه]
    من أشهر تلاميذه
    1 - قاري شير محمَّد صاحب، قرأ عليه القراءات السبع والشاطبية.
    2 - الشيخ فتح محمَّد، قرأ عليه المقدمة الجزرية والشاطبية والدرة والطيبة، وقرأ عليه القرآن والقراءات وأجازه فيها.
    3 - عبد الشكور الترمذي، قرأ عليه القراءات السبع.

    [مؤلفاته]
    1 - شرح القراءات السبعة.
    2 - شجرة القراءات السبعة.
    3 - أحوال قراء فانيفت.

    [وفاته]
    توفي في أواخر شعبان عام 1372هـ اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق 3/ 4/ 1953م الثالث من شهر إبريل عام ثلاثة وخسمين وتسعمائة وألف من الميلاد، وكان قد بلغ من العمر 78 ثمانية وسبعين عاماً.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 385 - 387)، تأليف: د. إلياس البرماوي، قال المؤلف: انظر كتاب: "سوانح فتحية" ص 186 وهو باللغة الأوردية -كما سبق- وقد أعاننى على ترجمته الأستاذ قاسم أحمد قاسم البرماوي.
    (2) قال المؤلف: ونسبه مبسوط في المصدر السابق.
    (3) قال المؤلف: وأصل كتابتها باللغة الأوردية هكذا (بانيبت).
    محيي الإِسلام العثماني (1) هو الشيخ قاري أبو محمَّد محيي الإِسلام ابن الحاج قاضي مفتاح الإِسلام. العثماني فانيفتي، يتصل نسبه بالخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه (2). ولد عام 1295 هـ خمسة وتسعين ومائتين وألف من الهجرة، الموافق 1878م ثمانية وسبعين وثمانمائة وألف من الميلاد، في مدينة فاينفت (3) بالهند. [حياته العلمية] كعادة أقرانه في ذلك الوقت تعلم القراءة والكتابة ثم قرأ القرآن وحفظه، ثم جوده وأتقنه، ثم قرأ الشاطبية وقرأ القرآن بالروايات والقراءات وأخذ الإجازة والسند في ذلك وكان قد بلغ من العمر أربعاً وعشرين سنة. ثم تعلم القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة ثم من طريق الطيبة. قام بتدريس القرآن والقراءات والتجويد معظم حياته إلى أن توفاه الله عز وجل. عين مدرساً للقرآن والقراءات في المدرسة الأشرفية، ثم أعير مدرساً في مدرسة "مسلم هايسكول" وكان هو الذي يقوم باختبار الطلاب في المدرسة. ومن أشهر شيوخه: المقرئ الكبير الشيخ عبد الرحمن الأعمى فانيفتى. قرأ عليه القراءات العشر الكبرى والصغرى والمقدمة الجزرية وغيرها وأجازه في كل ما تلقاه عنه. [تلاميذه] من أشهر تلاميذه 1 - قاري شير محمَّد صاحب، قرأ عليه القراءات السبع والشاطبية. 2 - الشيخ فتح محمَّد، قرأ عليه المقدمة الجزرية والشاطبية والدرة والطيبة، وقرأ عليه القرآن والقراءات وأجازه فيها. 3 - عبد الشكور الترمذي، قرأ عليه القراءات السبع. [مؤلفاته] 1 - شرح القراءات السبعة. 2 - شجرة القراءات السبعة. 3 - أحوال قراء فانيفت. [وفاته] توفي في أواخر شعبان عام 1372هـ اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق 3/ 4/ 1953م الثالث من شهر إبريل عام ثلاثة وخسمين وتسعمائة وألف من الميلاد، وكان قد بلغ من العمر 78 ثمانية وسبعين عاماً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 385 - 387)، تأليف: د. إلياس البرماوي، قال المؤلف: انظر كتاب: "سوانح فتحية" ص 186 وهو باللغة الأوردية -كما سبق- وقد أعاننى على ترجمته الأستاذ قاسم أحمد قاسم البرماوي. (2) قال المؤلف: ونسبه مبسوط في المصدر السابق. (3) قال المؤلف: وأصل كتابتها باللغة الأوردية هكذا (بانيبت).
    0
  • ـمحمود العطار (1)

    هو الشيخ محمود بن محمَّد رشيد العطار.
    ولد في دمشق عام 1284 هـ أربعة وثمانين ومائتين وألف من الهجرة النبوية.

    [حياته العلمية]
    حفظ القرآن الكريم منذ صغره، ثم تلقى علوم الحديث والتفسير والفقه والأصول والتوحيد والتفسير والحديث والآلات والبلاغة والنحو والمنطق.
    وتعلم القراءات السبع من الشاطبية ثم العشر الصغرى.
    رحل إلى الديار المصرية وأخذ عن علمائها حتى أجيز فيما أخذ منهم وكذلك رحل إلى الديار المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة ونهل من علم علمائها ونال منهم الإجازات والأسانيد.
    وكذلك رحل إلى علماء الهند وأخذ منهم العلم الوافر وأجيز فيما أخذ منهم من العلم النافع، وعرف بغزارة علمه.
    أقام يدرس مدة من الزمن بدار الحديث.
    عين مفتياً في الطفيلة من أعمال الكرك بالأردن، ثم مدرساً بمدرسة الفلاح بجدة، ثم مدرساً في يومباي بالهند، ثم مدرساً بالثانوية الشرعية بدمشق.
    عين مدرساً في الجامع الأموي، وكان يجلس بعد الظهر كل يوم بجوار المنبر ساعة أو أكثر ليجيب على أسئلة المستفتين.
    كانت له دروس في بلدة كفر سوسية؛ فكان يأتيه إليها خاصة طلابه مشياً على الأقدام من دمشق وقراها.
    وكان له مجلس للإقراء بمجلس الخميس أثناء إقامته في بلدة القَدَم، جنوبي دمشق حيث ظل فيها مدة طويلة. وظل كذلك يخدم العلم وأهله وطلابه إلى آخر حياته لا يفتر ولا يسأم.

    [شيوخه]
    1 - الشيخ محمَّد رشيد العطار (والده) حفظ على يديه القرآن الكريم.
    2 - الشيخ محمَّد الحطابي النابلسي.
    3 - الشيخ سليم العطار.
    4 - الشيخ بكري العطار.
    5 - الشيخ محمَّد العطار.
    6 - الشيخ محمَّد الخاني
    تلقى عنهم علوم الحديث والتفسير والآلات.
    7 - الشيخ عبد الحكيم الأفغاني، تلقى عنه الفقه والأصول والتوحيد والتفيسير والحديث، حيث لازمه ثلاثين عاماً ينهل من علمه.
    8 - الشيخ بدر الدين، لازمه مدة أربعين عاماً قرأ خلالها عليه في الحديث وأصوله والبلاغة والنحو والمنطق.
    9 - الشيخ عبد الرحمن البحراوي.
    10 - الشيخ سليم البشري، شيخ الأزهر.
    11 - الشيخ خطوة.
    12 - الشيخ محمَّد بخيت، مفتي مصر.
    13 - الشيخ محمَّد الأشموني، وغيرهم.
    14 - الشيخ حسين موسى شرف الدين المصري الأزهري، جمع عليه القراءات السبع من الشاطبية (2).
    15 - الشيخ عبد الله الحموي قرأ عليه القراءات العشر من الشاطبية والدرة (3).

    [تلاميذه]
    1 - الشيخ أبو الخير الميداني.
    2 - الشيخ إبراهيم الفلاييني.
    3 - الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت.
    4 - الشيخ سعيد البرهاني.
    5 - الشيخ تاج الدين الحسني.
    6 - الشيخ عبد القادر بركة.
    7 - الشيخ عبد الجواد خضير.
    8 - الشيخ حسن زكريا.
    9 - الشيخ علي حامدة.

    [مؤلفاته]
    لم يكن مهتماً بالتأليف إلا أن له كتاباً في ترجمة شيخه المحدث بدر الدين الحسني.

    [وفاته]
    توفي في 20/ 10/ 1362 هـ عشرين من شهر شوال عام اثنتين وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية.
    ودفن في مقبرة الباب الصغير.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 381 - 384)، تأليف: د. إلياس البرماوي، نقل المؤلف الترجمة من مقدمة كتاب: تاريخ علماء دمشق جـ 2 ص 596.
    (2) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان عدنان داودي المترجم له في هذا الكتاب الجزء الأول.
    (3) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان عدنان داودي المترجم له في هذا الكتاب الجزء الأول.
    ـمحمود العطار (1) هو الشيخ محمود بن محمَّد رشيد العطار. ولد في دمشق عام 1284 هـ أربعة وثمانين ومائتين وألف من الهجرة النبوية. [حياته العلمية] حفظ القرآن الكريم منذ صغره، ثم تلقى علوم الحديث والتفسير والفقه والأصول والتوحيد والتفسير والحديث والآلات والبلاغة والنحو والمنطق. وتعلم القراءات السبع من الشاطبية ثم العشر الصغرى. رحل إلى الديار المصرية وأخذ عن علمائها حتى أجيز فيما أخذ منهم وكذلك رحل إلى الديار المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة ونهل من علم علمائها ونال منهم الإجازات والأسانيد. وكذلك رحل إلى علماء الهند وأخذ منهم العلم الوافر وأجيز فيما أخذ منهم من العلم النافع، وعرف بغزارة علمه. أقام يدرس مدة من الزمن بدار الحديث. عين مفتياً في الطفيلة من أعمال الكرك بالأردن، ثم مدرساً بمدرسة الفلاح بجدة، ثم مدرساً في يومباي بالهند، ثم مدرساً بالثانوية الشرعية بدمشق. عين مدرساً في الجامع الأموي، وكان يجلس بعد الظهر كل يوم بجوار المنبر ساعة أو أكثر ليجيب على أسئلة المستفتين. كانت له دروس في بلدة كفر سوسية؛ فكان يأتيه إليها خاصة طلابه مشياً على الأقدام من دمشق وقراها. وكان له مجلس للإقراء بمجلس الخميس أثناء إقامته في بلدة القَدَم، جنوبي دمشق حيث ظل فيها مدة طويلة. وظل كذلك يخدم العلم وأهله وطلابه إلى آخر حياته لا يفتر ولا يسأم. [شيوخه] 1 - الشيخ محمَّد رشيد العطار (والده) حفظ على يديه القرآن الكريم. 2 - الشيخ محمَّد الحطابي النابلسي. 3 - الشيخ سليم العطار. 4 - الشيخ بكري العطار. 5 - الشيخ محمَّد العطار. 6 - الشيخ محمَّد الخاني تلقى عنهم علوم الحديث والتفسير والآلات. 7 - الشيخ عبد الحكيم الأفغاني، تلقى عنه الفقه والأصول والتوحيد والتفيسير والحديث، حيث لازمه ثلاثين عاماً ينهل من علمه. 8 - الشيخ بدر الدين، لازمه مدة أربعين عاماً قرأ خلالها عليه في الحديث وأصوله والبلاغة والنحو والمنطق. 9 - الشيخ عبد الرحمن البحراوي. 10 - الشيخ سليم البشري، شيخ الأزهر. 11 - الشيخ خطوة. 12 - الشيخ محمَّد بخيت، مفتي مصر. 13 - الشيخ محمَّد الأشموني، وغيرهم. 14 - الشيخ حسين موسى شرف الدين المصري الأزهري، جمع عليه القراءات السبع من الشاطبية (2). 15 - الشيخ عبد الله الحموي قرأ عليه القراءات العشر من الشاطبية والدرة (3). [تلاميذه] 1 - الشيخ أبو الخير الميداني. 2 - الشيخ إبراهيم الفلاييني. 3 - الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت. 4 - الشيخ سعيد البرهاني. 5 - الشيخ تاج الدين الحسني. 6 - الشيخ عبد القادر بركة. 7 - الشيخ عبد الجواد خضير. 8 - الشيخ حسن زكريا. 9 - الشيخ علي حامدة. [مؤلفاته] لم يكن مهتماً بالتأليف إلا أن له كتاباً في ترجمة شيخه المحدث بدر الدين الحسني. [وفاته] توفي في 20/ 10/ 1362 هـ عشرين من شهر شوال عام اثنتين وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية. ودفن في مقبرة الباب الصغير. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري (2/ 381 - 384)، تأليف: د. إلياس البرماوي، نقل المؤلف الترجمة من مقدمة كتاب: تاريخ علماء دمشق جـ 2 ص 596. (2) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان عدنان داودي المترجم له في هذا الكتاب الجزء الأول. (3) قال المؤلف: أفدناه من الشيخ صفوان عدنان داودي المترجم له في هذا الكتاب الجزء الأول.
    0
شاهد المزيد

Warning: Undefined array key "articles" in /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/content/themes/default/templates_compiled/8ba3de4b4f15ce781822631c5e8074d9d8757cb1_0.file.search.tpl.php on line 275

Fatal error: Uncaught TypeError: count(): Argument #1 ($value) must be of type Countable|array, null given in /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/content/themes/default/templates_compiled/8ba3de4b4f15ce781822631c5e8074d9d8757cb1_0.file.search.tpl.php:275 Stack trace: #0 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/libs/Smarty/sysplugins/smarty_template_resource_base.php(123): content_68befdb1e29013_62787904() #1 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/libs/Smarty/sysplugins/smarty_template_compiled.php(114): Smarty_Template_Resource_Base->getRenderedTemplateCode() #2 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/libs/Smarty/sysplugins/smarty_internal_template.php(216): Smarty_Template_Compiled->render() #3 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/libs/Smarty/sysplugins/smarty_internal_templatebase.php(232): Smarty_Internal_Template->render() #4 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/libs/Smarty/sysplugins/smarty_internal_templatebase.php(134): Smarty_Internal_TemplateBase->_execute() #5 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/functions.php(1121): Smarty_Internal_TemplateBase->display() #6 /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/search.php(55): page_footer() #7 {main} thrown in /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/content/themes/default/templates_compiled/8ba3de4b4f15ce781822631c5e8074d9d8757cb1_0.file.search.tpl.php on line 275