Warning: Undefined variable $offset in /home/aaynetcom/dev01.aaynet.com/includes/class-user.php on line 1
AAYNET - Social Network - البحث

البحث

  • ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية

    أفضل ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية وفق منهجية شرعية علمية رصينة..

    ستعتمد أساساً لكل الترجمات الأخرى إلى اللغات المختلفة.

    المستهدفون: غير المسلمين من الزائرين
    النشر والتوزيع: توزع في غرف الفنادق العالمية

    مزايا الترجمة:

    ترجمة جديدة احترافية لتفسير أي الكتاب المبين تجمع بين الفهم العميق للمصدر والهدف.
    لغة واضحة معاصرة تُوصل إلى الفهم الكامل للقرآن الكريم وتذوق بيانهِ، والنظر في إعجازه، ومعرفة مقاصده ومدلولاته.
    جهود فريق من الخبراء والمتخصصين في ترجمة معاني القرآن الكريم.
    https://qw.sa/shop/tarjamah-e
    ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية أفضل ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية وفق منهجية شرعية علمية رصينة.. ستعتمد أساساً لكل الترجمات الأخرى إلى اللغات المختلفة. المستهدفون: غير المسلمين من الزائرين النشر والتوزيع: توزع في غرف الفنادق العالمية مزايا الترجمة: ترجمة جديدة احترافية لتفسير أي الكتاب المبين تجمع بين الفهم العميق للمصدر والهدف. لغة واضحة معاصرة تُوصل إلى الفهم الكامل للقرآن الكريم وتذوق بيانهِ، والنظر في إعجازه، ومعرفة مقاصده ومدلولاته. جهود فريق من الخبراء والمتخصصين في ترجمة معاني القرآن الكريم. https://qw.sa/shop/tarjamah-e
    1
    0
  • فقه الترجمة
    (مرجع شامل في أصول الترجمة)

    تأليف :
    د/ وليد بليهش العمري د/ عبدالحميد عليوة
    فقه الترجمة (مرجع شامل في أصول الترجمة) تأليف : د/ وليد بليهش العمري د/ عبدالحميد عليوة
    1
  • Easy Quran Hafiz - Quran Memorization‏
    "سهل القرآن حافظ" هو تطبيق تعليمي إسلامي مجاني يساعدك على حفظ القرآن الكريم بسهولة.
    تم دعم ترجمة الحروف الصوتية باللغة الانجليزية
    "سهل القرآن حافظ" هو تطبيق تعليمي إسلامي مجاني يساعدك على حفظ القرآن الكريم بسهولة. تم دعم ترجمة الحروف الصوتية باللغة الانجليزية
    0
  • المصحف الأمهري - قرآن‏ ታላቁ ቁርዐን በዐማርኛ Amharic Quran
    المصحف الأمهري
    ترجمة موثوقة لمعاني القرآن الكريم باللغة الأمهرية مع التلاوة والترجمة الصوتية

    هدفنا تزويد الناس نسخة من القرآن الكريم باللغة الأمهریة لتكون معاني كتاب الله وفهمه متاحًا بين يدي جميع الناس بمختلف الأعراق والثقافات.
    مشروع مجاني وبدون إعلانات وقفا لله تعالى

    ***خصائص التطبيق***
    - سهولة الاستخدام: واجهة بسيطة بإمكانيات متطورة
    - البحث الفوري والسريع: البحث في نصوص القرآن وترجمة معانيه وفي أسماء السور والأجزاء.
    - قراءة القرآن: استمتع بقراءة القرآن الكريم من نسخة موثوقة مصمَّمة بتصميم جذاب.
    - ترجمات معاني القرآن الكريم: افهم القرآن الكريم بلغتك من خلال ترجمة معانيه إلى اللغة الأمهریة.
    - تعدد اللغات: تصفح التطبيق بلغتك أو اللغة التي ترغب في الاطلاع على المصحف بها.
    - التلاوات: الاستماع لتلاوة القرآن الكريم بصوت القراء المشهورين وأصحاب التلاوات العذبة.
    - الترجمة الصوتية: الاستماع إلى الترجمة الصوتية لمعاني القرآن الكريم باللغة الأمهریة.
    - مُشغِّل صوت متطور: يتيح لك المشغل إمكانيات متطورة من التكرار وتوقيت الاستماع وغير ذلك.
    - فواصل: إضافة العلامات المرجعية وإدارتها، لسهولة الرجوع إلى مواضع التوقف عند آيات معينة.
    - المفضلة: إضافة أي عدد من الآيات إلى المفضلة، لسرعة العودة إليها لاحقا.
    - إضافة الخواطر: إضافة الخواطر والتدبرات أثناء تلاوة القرآن، أو قراءة ترجمة معانيه.
    - المشاركة: مشاركة الآيات أو معانيها إلى أصدقائك عبر التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعية.
    - تصميم مميز: تم اختيار ألوان وزخارف مريحة للعين، وتصميمات معاصرة مقتبسة من ثقافة المتکلمین باللغة الأمهرية.

    المصحف الأمهري ترجمة موثوقة لمعاني القرآن الكريم باللغة الأمهرية مع التلاوة والترجمة الصوتية هدفنا تزويد الناس نسخة من القرآن الكريم باللغة الأمهریة لتكون معاني كتاب الله وفهمه متاحًا بين يدي جميع الناس بمختلف الأعراق والثقافات. مشروع مجاني وبدون إعلانات وقفا لله تعالى ***خصائص التطبيق*** - سهولة الاستخدام: واجهة بسيطة بإمكانيات متطورة - البحث الفوري والسريع: البحث في نصوص القرآن وترجمة معانيه وفي أسماء السور والأجزاء. - قراءة القرآن: استمتع بقراءة القرآن الكريم من نسخة موثوقة مصمَّمة بتصميم جذاب. - ترجمات معاني القرآن الكريم: افهم القرآن الكريم بلغتك من خلال ترجمة معانيه إلى اللغة الأمهریة. - تعدد اللغات: تصفح التطبيق بلغتك أو اللغة التي ترغب في الاطلاع على المصحف بها. - التلاوات: الاستماع لتلاوة القرآن الكريم بصوت القراء المشهورين وأصحاب التلاوات العذبة. - الترجمة الصوتية: الاستماع إلى الترجمة الصوتية لمعاني القرآن الكريم باللغة الأمهریة. - مُشغِّل صوت متطور: يتيح لك المشغل إمكانيات متطورة من التكرار وتوقيت الاستماع وغير ذلك. - فواصل: إضافة العلامات المرجعية وإدارتها، لسهولة الرجوع إلى مواضع التوقف عند آيات معينة. - المفضلة: إضافة أي عدد من الآيات إلى المفضلة، لسرعة العودة إليها لاحقا. - إضافة الخواطر: إضافة الخواطر والتدبرات أثناء تلاوة القرآن، أو قراءة ترجمة معانيه. - المشاركة: مشاركة الآيات أو معانيها إلى أصدقائك عبر التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعية. - تصميم مميز: تم اختيار ألوان وزخارف مريحة للعين، وتصميمات معاصرة مقتبسة من ثقافة المتکلمین باللغة الأمهرية.
    0
  • مصحف نستعليق
    تطبيق مصحف نستعليق
    يقدم تطبيق Quran Nastaleeq، نص المصحف العثماني المكتوب بخط النستعليق (indopak).
    النسخة المستخدمة في التطبيق ممسوحة ضوئيًا وخالية من الأخطاء. كما تمت مراجعة الترجمات الواردة في التطبيق بجميع اللغات من قبل مجموعة قاف المتخصصة في خدمة القرآن الكريم وترجمة معانيه باللغات العالمية (https://qafgroup.net)
    تطبيق مصحف نستعليق يقدم تطبيق Quran Nastaleeq، نص المصحف العثماني المكتوب بخط النستعليق (indopak). النسخة المستخدمة في التطبيق ممسوحة ضوئيًا وخالية من الأخطاء. كما تمت مراجعة الترجمات الواردة في التطبيق بجميع اللغات من قبل مجموعة قاف المتخصصة في خدمة القرآن الكريم وترجمة معانيه باللغات العالمية (https://qafgroup.net)
    0
  • مصاحف - موسوعة التلاوات (اندرويد)
    تطبيق مصاحف موسوعة صوتية لتلاوات القرآن الكريم تضم العشرات من مشاهير القراء برواية حفص عن عاصم وورش عن نافع وقالون عن نافع وغيرها، كما يضم تلاوات مجودة وتلاوات مترجمة لعدد كبير من اللغات الأجنبية (الانجليزية والفرنسية والأوردية والاندونيسية وغيرها).
    تطبيق مصاحف موسوعة صوتية لتلاوات القرآن الكريم تضم العشرات من مشاهير القراء برواية حفص عن عاصم وورش عن نافع وقالون عن نافع وغيرها، كما يضم تلاوات مجودة وتلاوات مترجمة لعدد كبير من اللغات الأجنبية (الانجليزية والفرنسية والأوردية والاندونيسية وغيرها).
    0
  • مصاحف - موسوعة التلاوات (iOS)
    تطبيق مصاحف موسوعة صوتية لتلاوات القرآن الكريم تضم العشرات من مشاهير القراء برواية حفص عن عاصم وورش عن نافع وقالون عن نافع وغيرها، كما يضم تلاوات مجودة وتلاوات مترجمة لعدد كبير من اللغات الأجنبية (الانجليزية والفرنسية والأوردية والاندونيسية وغيرها).
    تطبيق مصاحف موسوعة صوتية لتلاوات القرآن الكريم تضم العشرات من مشاهير القراء برواية حفص عن عاصم وورش عن نافع وقالون عن نافع وغيرها، كما يضم تلاوات مجودة وتلاوات مترجمة لعدد كبير من اللغات الأجنبية (الانجليزية والفرنسية والأوردية والاندونيسية وغيرها).
    0
  • #ترجمة معاني سورة الناس باللغة الفرنسية
    Sourate 114 AN-NAS LES HOMMES
    #ترجمة معاني سورة الناس باللغة الفرنسية Sourate 114 AN-NAS LES HOMMES
    14 1
  • #ترجمة معاني سورة الفلق باللغة الفرنسية
    Sourate 113 AL-FALAQ L'AUBE NA SSANTE
    #ترجمة معاني سورة الفلق باللغة الفرنسية Sourate 113 AL-FALAQ L'AUBE NA SSANTE
    6 0
  • #ترجمة معاني سورة الإخلاص باللغة الفرنسية
    Sourate 112 AL- HLAS LE MONOTHE SME PUR
    #ترجمة معاني سورة الإخلاص باللغة الفرنسية Sourate 112 AL- HLAS LE MONOTHE SME PUR
    4 1
  • #ترجمة معاني سورة المسد باللغة الفرنسية
    Sourate 111 AL-MASAD LES F BRES
    #ترجمة معاني سورة المسد باللغة الفرنسية Sourate 111 AL-MASAD LES F BRES
    1 0

  • انتشار ترجمات معاني القرآن الكريم في مشرق العالم ومغربه
    بقلم : السيد أحمد أبو الفضل عوض الله

    (مجلة البحوث الإسلامية بإشراف ومسؤولية الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية - العدد الثلاثون - الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1411هـ)

    لقد كان ظهور الإسلام حدثا عالميا أوجد حركة إنسانية كبرى ، ترتبت عليها نتائج ضخمة لم تقف عند الحدود الجغرافية للبلاد التي شهدت بوادره الأولى ، بل لقد تجاوزت هذه الحدود إلى ما وراءها . واستمرت تفاعلاتها الفكرية تنتقل من بلد إلى آخر ، ومن زمن إلى زمن ، حتى فرضت نفسها على تطور الحضارة العالمية ، وأصبحت إحدى الظواهر الأساسية لتطلع الإنسان إلى حياة أفضل ، وبذلك لم يجد أهل العلم من رجال الفكر على تباين لغاتهم ومذاهبهم بدا من العودة إلى الكتاب الذي ضم بين دفتيه شعائر هذا الدين وأركانه ، للاطلاع عليه ودراسته وتدبره وتمحيصه . ومن ثم أصبحت ترجمة معاني القرآن ، هذا الكتاب الخالد الذي لا يشبع منه العلماء ولا يبلى من كثرة الترداد ، هكذا أصبحت ترجمة معاني القرآن الكريم هدفا لمحاولات جادة قام بها العلماء في مشرق العالم ومغربه ، ولا تزال هذه المحاولات قائمة حتى الآن ، وكلها تسعى إلى ترجمة النص العربي لمعاني القرآن الكريم ونقله إلى لغات العالم الحية بقدر الإمكان .
    ولسنا هنا بصدد تحليل هذه الترجمات ومناقشتها في قربها أو بعدها عن الغرض الذي تسامت إليه ، وإنما نريد أن نعطي القارئ عرضا تاريخيا لهذا الموضوع الخطير ، ونضع بين يدي المهتمين بالدراسات القرآنية تعريفا بهؤلاء الأشخاص الذين ندبوا أنفسهم للتصدي لهذا العمل الجليل . ولا نزاع أن الترجمة الحرفية للقرآن الكريم ستبقى الضالة المنشودة ، كما أنها ستبقى الغاية التي لن تدرك ؛ لأن ترجمة الوحي الإلهي الذي نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليست بالأمر الهين ، وفي ذلك يقول المستشرق الألماني " فيشر " : " لا يداخل الذين تعمقوا في أسرار العربية شك في أنه لا يوجد بين تراجم القرآن ، سواء أكانت كاملة أم قاصرة على بعض آيات منه - ترجمة تفي بالمطالب اللغوية الدقيقة " .

    القرآن الكريم في أوروبا :
    إن التواتر الدائم الذي كانت تتميز به العلاقات بين الإسلام والنصرانية لا سيما في أثناء الحروب الصليبية وبعدها ، كان يقف حجر عثرة يحول دون اطلاع الأوربيين على القرآن الكريم ، سواء بغلته العربية الأصيلة أو مترجما إلى إحدى اللغات الأوربية السائدة .
    وعندما أقدم العالم الإيطالي " باكانين " على طبع القرآن الكريم في مدينة البندقية سنة 1530 ميلادية ، بادر البابا بولس الثالث [ 1534 - 1537 م ] إلى إصدار الأمر المشدد بإتلاف كافة النسخ المطبوعة في الحالة . غير أن البابا الكسندر السابع [ 1555 -1567 ] عاد فألغى أمر الباب السابق وسمح بطبع القرآن الكريم لمن شاء كما سمح بترجمته والقيام بدراسته .

    أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا .
    إن أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا كانت بإشارة من بطرس المحترم abbot GLUG ny petrus venerabilis رئيس دير كلوني المتوفى سنة 1157 ميلادية فبعد قيامه برحلة إلى إسبانيا بين سنتي 1141 - 1143 م وبمساعدة ريمون الطليطلي كما هو مظنون ، ألف لجنة رأسها روبرت الراتيني ( إنجليزي ) Robert of Ratina الذي كان يشغل منصب رئيس الشمامسة بمدينة بمبلونا يساعده راهب ألماني يدعى هرمان Hermann ورجل آخر اسمه بطرس الطيطلي ويرجح أن هذا الأخير هو المترجم الحقيقي لمعاني القرآن الكريم إذ كان يتقن العربية اتقانا تاما .
    وتمت هذه الترجمة حوالي سنة 1143 م ، وأرسلت بعد إنجازها إلى رئيس دير كلوني العام برندوس الذي وضعها تحت تصرف رجال الكنيسة ليستفيدوا منها في استكمال دراساتهم اللاهوتية أو القيام بأعمال التبشير وكان ظهور هذه الترجمة بعد الحملة الصليبية بأربع سنوات .
    وقد ذكر هذه الترجمة المفهرس الألماني شتور في الصفحة ( 421 : 427 ) من الفهرس الذي وضعه بعنوان " المكتبة العربية " وكذلك أشار إليها مفهرس ألماني آخر هو " بيفان مولر " في الصفحة ( 213 ) والجدير بالذكر أن هذه الترجمة بالذات هي التي طبعها تيودور بيبلنياندر Theodor Bibilander : في بازل سنة 1543 ونقلت بعد ذلك إلى الإيطالية والألمانية والهولندية .
    وقد ظهرت فيما بعد طبعات أخرى لترجمة بيبلياندر وذلك سنة 1550م م سسنة 1721م في مدينة ليبزج EBZIG كما طبع في هذه المدينة أيضا ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم مع أصله العربي سنة 1768 قام بها جوستاس فريد ريكوس فورياب justas وثمة اعتقاد بأن الكتاب الذي نشره العالم الإيطالي " أندريا اريفايانيه سنة 1547م بعنوان : " قرآن محمد L ، alcorno de Macometto " لم يكن في الواقع سوى الترجمة الإيطالية من الأصل اللاتيني الذي وضعه كما ذكرنا من قبل روبرت الراتيني ، وهذه الترجمة بالذات هي التي نقلت فيما بعد إلى الألمانية وطبعت سنة 1616م ، وإلى الهولندية سنة 1647م وطبعت في هامبورج .
    ولقد ترجمت معاني القرآن الكريم مرة أخرى إلى اللاتينة على يد الأب بولس لويس مراكشي owis Marracciوذلك سنة 1698م وقد تضمنت هذه الترجمة الأصل العربي والترجمة اللاتينية والألفاظ المصححة .
    ومن الطريف أن رجال الدين النصارى في أوربا حاربوا القرآن الكريم ، عن طريق إطلاق الشائعات بأن من يطبعه أو يحاول طبعه فإنه يلاقي الموت الزؤام قبل أن يحل أجله الطبيعي .

    القرآن الكريم في ألمانيا :
    على أنه على الرغم من حرب الأعصاب التي شنتها الكنيسة على أتباعها ، لكي تصرفهم عن الاهتمام بطبع القرآن الكريم ، فإنه ما إن حل القرن السابع عشر للميلاد حتى ظهر هذا الكتاب المقدس في ألمانيا نفسها على يد المستشرق " هيابل " الذي نقله إلى الألمانية عن الترجمة الإيطالية للنسخة الأصلية التي وضعت في الأساس باللغة اللاتينية .
    محاولات ألمانية لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا .
    ولقد جرت في ذلك الزمن عدة محاولات جادة لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا ، يقول المؤرخ الألماني المعروف " ولهلم ايرنست تينتزل من مدينة جونا " في أحد أعداد مجلته الشهرية " مكالمات شهرية يا أصدقاء " الصادرسنة 1662م : " علمنا من البروفسور يوهان أندرياس دانتز ، أستاذ اللغات الشرقية أنه مزمع على طبع القرآن باللغة العربية . . وقد ذكر " فون أوست " بفايفر من لوبيك بألمانيا عن طبعات القرآن وذلك في مقدمة كتابه " علوم الدين في اليهودية والإسلام " الذي ظهر سنة 1687م ، في هذا الوقت الذي يسعى فيه كثيرون من الذين يدرسون اللغات الشرقية وعلومها للحصول على نسخ مطبوعة للقرآن ، تقرر طباعة مجموعة جديدة للقرآن . . . ولكن هذا الحلم لم يتحقق آنذاك لصعوبات وقفت في وجه كل من الرجلين ا . هـ " .

    أول طبعة للقرآن الكريم في ألمانيا :
    كانت أول طبعة لترجمة معاني القرآن الكريم في ألمانيا باللاتينية ، ثم تلتها ترجمات أخرى إحداها لسكويجر ( schweigger ) وكانت عن الإيطالية طبعت في نورنبرج سنة 1616م ، وفي سنة 1693 م ، سنحت الفرصة للناشر هينكلمان في ألمانيا فتم له طبع القرآن الكريم سفر 1694م . وتقع هذه الطبعة في 560 صفحة بحجم 17 . 5 X 21 . 5 سم ، ولقد لقي هينكلمان الاحترام من الجميع ، وفي مقدمة هذه الطبعة التي بلغ عدد صفحاتها 80 صفحة ضمن هينكلمان آراءه الشخصية في الآداب والعلوم الشرقية بالعربية ، وفي نهاية هذه المقدمة أبدى أسفه لقلة ما يعرفه الأوربيون بصورة عامة عن العرب واللغة العربية . ولا تزال نسختان من طبعة هينكلمان للقرآن الكريم موجودتين في ألمانيا إحداهما في المكتبة العامة بمدينة هامبورج والأخرى بمكتبة جامعتها .

    طبعات قديمة للقرآن الكريم في ألمانيا :
    ثم توالت طبعات القرآن الكريم في ألمانيا ، ومن ذلك طبعة لفردريك مجرلين ( Fredrick Megrerlin ) التي صدرت في فرانكفورت سنة 1772م وطبعة ترجمة سيل ( Sale ) الإنجليزية التي نقلها إلى الألمانية ثيو أرنولد ( Theo Arnold ) التي طبعت في لمجو ( Lemgo ) سنة 1746 م . على أن أحسن الترجمات الألمانية هي التي قام بها بويسون ( Beyson ) سنة 1773 م ، وهي التي نقحها فيما بعد وهل ( G . Wahl ) سنة 1828م ، وهناك طبعة أولمان ( ( Uilmannسنة 1953م والتي أعيد طبعها عدة مرات .
    عرض سريع للترجمات الأوربية والشرقية لمعاني القرآن الكريم :
    الفرنسية ترجم معاني القرآن الكريم إلى الفرنسية أندرو راير ( Andreo Du Ryer ) الذي كان يعمل قنصلا عاما لفرنسا في مصر ، وكانت له معرفة طيبة باللغتين التركية والعربية ، وطبعت ترجمة عام 1647م وفي سنة 1783 طبعت ترجمة سفاري Savaryثم تلا ذلك ترجمة كازيميرسكي KASIMIRSKIالتي طبعت مرتين سنة1840 م ، 1841م ثم طبعة ثالثة سنة 1875م .
    وفي سنة 1852 طبعت ترجمة يونية .
    السويدية : في سنة 1874م تولى تورنبرج ( G . G . Tomberg ) ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة السويدية .
    الأسبانية : في القرن الثالث عشر الميلادي طلب الفونس العاشر أن تترجم معاني سورة الإسراء إلى اللغة الإسبانية ، فقام بهذا العمل طبيبه الخاص الدون إبراهيم ، وقد نقلت هذه الترجمة إلى الفرنسية بواسطة بونا فنتورا دي سيف Bonna Ventura A save .
    الهولندية : وأول ترجمة هولندية نقلت عن ترجمة سكويجر ( Schweigger ) طبعت في هامبورج سنة1641م ، ثم ترجمة جلاماكر ( J . H . Glasemaker ) الذي اعتمد فيها على ترجمة راير الفرنسية وقد طبعت في ليدن ( Leyden ) سنة 1658م ثم طبعت هذه الترجمة مرتين إحداهما في سنة 1698 م وأخرى سنة 1734م .
    وفي سنة 1806 م قام بترجمة معاني القرآن الكريم الدكتور كيزر ( Keyser ) الذي كان يتولى تدريس الشريعة الإسلامية بجامعة دلفت ( Deleft ) وطبعت هذه الترجمة باللغة الهولندية في مدينة هارلم .
    الروسية : وفي سنة 1776م . ظهرت ترجمة روسية لمعاني القرآن الكريم في مدينة بتراجراد ( لينينجراد اليوم ) .
    الإيطالية : وفي سنة 1547م قام أندر أريفابين ( Ander Arivaben ) بنقل ترجمة بيبلياندر اللاتينية إلى الإيطالية . ومن الترجمات الإيطالية ترجمة أكيلو فاراكسي ( ( Aquilio Fracassiأحد أساتذة الفنون الملكية بميلانو سنة 1914م ، وقدم لها بمقدمة عن التراجم الإيطالية القديمة مع ملخص للسور وشرح أسمائها .
    الإنجليزية : كانت أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية هي التي قام بها الكسندر روس ( Alexander Ross ) التي نقلها عن ترجمة راير الفرنسية ثم ترجمة الدكتور سيل ( Sale ) وهذا الأخير نقلها عن العربية مباشرة سنة 1734 م ؛ وقد طبعت هذه الترجمة عدة مرات مع مقدمة مسهبة تحت عنوان " مقالة في الإسلام " وقد وضع المترجم على هامش ترجمته بعض التفاسير عن البيضاوي وكذلك ترجم معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية القسيس رودويل ( Rodwell ) وهو إنجليزي وجعل ترجمته وفقا لترتيب نزول الآيات تاريخيا ، وقد طبعت هذه الترجمة على الحجر على هامش القرآن الكريم سنة 1833م .
    وقد حاول ريتشارد برتن مع آخرين ترجمة معاني القرآن الكريم بالسجع الشعري ونشرت أجزاء من هذه الترجمة في مجلة أدنبرج سنة 1866م .
    بلغة الاسبرانتو العالمية : وقد قام بهذه الترجمة خالد شلدريك ( Khalid Sheldrake ) وظهر بعضها في مجلة إسلاميك ريفيوا وفيما يلي سورة الفاتحة بهذه اللغة .
    AL FATHA PRO LA SURA NOMO de dio la indugema and IMALSEVSRA Laudo esto al dio la majstro de la mondoj Plena de kompato Rego en la Tago de lajogo Al vi Servu ni Kaj al vi ni prgu Konduleo nin en la gusta vojo Ne de Tiujj Kiu Koleras Kontrau via vola Ne de tiujj eraras Amin

    الترجمات الشرقية لمعاني القرآن الكريم .
    الفارسية : إن هذه اللغة هي أول ما ترجمت إليه معاني القرآن الكريم من اللغات ، وقد ذكر الفقيه الكبير شمس الأئمة السرخسي في كتابه المبسوط ( ص73 ) أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله روى أن الفرس كتبوا إلى مواطنهم سلمان رضي الله عنه أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية . فكانوا يقرأون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم العربية ، وبذلك تكون هذه الترجمة أقدم ما عرف على الإطلاق من ترجمات معاني القرآن الكريم .
    وذكر الجاحظ في " البيان والتبيين " أن موسى بن سيار الأسواري المتوفى سنة 255 هجرية كان يدرس تفسير القرآن الكريم بالفارسية . ووصل إلينا ترجمة معاني القرآن الكريم على أيدي علماء ما وراء النهر سنة 345هجرية للملك منصور بن نوح الساماني وأضافوا إلى الترجمات تفسير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية .
    وفي العصور الحديثة ظهرت نسخة فارسية وعربية وجزءان طبع كل منهما سنة 1831م وأشار برونيه ( BRUNET ) إلى ترجمة فارسية أخرى في أصفهان ، وقد طبعت خصيصا للشاه رافع الدين ترجمة فارسية وعلى هامشها تفسير باللغتين الفرنسية والأوردية ( لغة الهند ) وباكستان .
    السريانية : وأول ما ترجم القرآن الكريم من غير المسلمين هم السريان ؛ فقد عثر على كتاب جدل ، فيه ترجمة لمعاني آيات القرآن بالسريانية ، وهو مخطوط على رق ، لا تزال محفوظة في مكتبة منشستر بإنجلترا ، ويقول الأستاذ مانكانا : إن " هذه الترجمة هي من وضع بارصليبي المعاصر للحجاج بن يوسف ، أي في الثلث الثالث من القرن الأول للهجرة " .
    العبرية : ذكرت دائرة المعارف اليهودية أنه توجد بعض ترجمات لمعاني القرآن الكريم باللغة العبرية وأن بعض أجزاء من هذه الترجمات توجد في المكتبة البودلية ( BODELLIAN ( بأكسفورد بإنجلترا تحت رقم 1221 . وفي فهرست تلك المكتبة ، عنوان لكتاب عبراني يشتمل في آن واحد على التوراة والترجوم والقرآن الكريم .
    وقد ترجم معاني القرآن الكريم من اللاتينية إلى العبرانية يعقوب بن إسرائيل حاخام زنتى سنة1634م ، ثم ترجمه هرمان ريكندوف ( HERMANN REEKENDORF ) وطبع في ليبزج سنة 1857م .
    الأوردية ( الهندية ) أقدم الترجمات الأوردية قام بها الشيخ عبد القادر بن الشاه ولي الله ، طبعت في دلهي سنة 1790م ، وظهرت في طبعات مختلفة مع الأصل العربي ، وترجم معاني القرآن الكريم إلى الأوردية كذلك الدكتور عماد الدين أمرتسار ( AMRITSAR ) : وقد طبعت ترجمته في " الله أباد " وهي أول طبعة بحروف أوردية أفرنجية . وهناك طبعة 1315 هـ اسمها : ( القرآن الكريم ) وفيها الأصل العربي وترجمته بالفارسية والأوردية .

    البنجالية ( الهند ) : في سنة 1908م بدأ القس ( وليم جلود ساك ) ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة بنجالي في الهند .
    الجاوية : ترجمت معاني القرآن الكريم إلى لغة مالي بجاوة مع تفسير البيضاوي ، وظهرت ترجمته باللغة الجاوية سنة 1913م لرجل كان يسمي نفسه خادم سلطان تركيا .
    التركية : كان السلطان عبد الحميد الثاني يمنع منعا باتا ترجمة معاني القرآن إلى اللغة التركية ، وبعد إعلان الدستور سنة 1908م بدأ بعض الكتاب الأتراك في ترجمته إلى اللغة التركية وسط مقاومة بعض المتمسكين من المحافظين على القديم ، وأول ترجمة من هذا النوع ظهرت لإبراهيم حلمي ، كما ظهرت كذلك ترجمة أخرى في المجلة التركية ( إسلام مجموعة س ) لمحررها سليم ثابت بقلم رجل كان يوقع اسمه : خ . ن .
    ولا بد من الملاحظة بأن هذه الترجمات الشرقية لم تكن في الواقع ترجمة بالمعنى المفهوم من هذه الكلمة بل هي عبارة عن تفسير لآيات القرآن الكريم ومن هذا القبيل ما وضع كل من فرجنيل ( M . F Fargenal ) وبوفات ( M . BOUVAT ) من شرح للقرآن الكريم باللغة الصينية في مجلة ريفودي موند مسلمان ( ( Reveue de Monde Musulman ( جزء 4 ص540 ) .

    قائمة باللغة التي ترجمت إليها معاني القرآن وعدد كل منها

    عددها
    1 - أرغونية 1
    2 - أسوجية 6
    3 - أفريقانية ( لهجة من الونديزية بالحرف العربي ) 4
    4 - ألبانية 2
    5 - الخميادو ( إسبانية بالحرف العربي ) 35
    6 - ألمانية 42
    7 - إنجليزية 57
    8 - أوكرانية 1
    9 - ايسبرانتو 1
    10 - برتغالية 4
    11 - بلغارية 2
    12 - بشنافية ( يوغسلافية بالحرف العرب ) 2
    13 - بولونية لاتيني بالعربي 7
    14 - بوهيمية من تشيكوسلافاكية 3
    15 - تركية - باللاتيني بالإيفور القديم 3 قطعات بالعربي ( في فهرست د . يشاء ) 60 تقريبا
    16 - دانماركية 3
    17 - روسية 11
    18 - رومانية 1
    19 - إيطالية 11
    20 - فرنسية 33
    21 - فنلندية 1
    22 - لاتينية 42
    23 - مجرية ( هنجارية ) 6
    24 - نوريجية 1
    25 - ولنديزية 7
    26 - أسبانية ( باللاتيني ) 18
    27 - اليونانية 3

    بعد هذا العرض التاريخي لترجمات معاني القرآن الكريم في اللغات المختلفة . فإني أهيب بعلماء المسلمين في أنحاء العالم العربي والإسلامي كافة وبخاصة في المملكة العربية السعودية إلى جمع ترجمات معاني القرآن الكريم من مظانها ودراستها ومراجعتها وتمحيصها بالاستعانة بنخبة مصطفاة من المترجمين المسلمين النابهين في اللغتين العربية واللغات المترجم إليها ، وذلك لتدارك ما قد يكون قد وقع سهوا أو لعدم قدرة المترجم وتمكنه من النقل عن العربية من أخطاء طباعية أو نتيجة لعدم قدرة المترجم على فهم أسرار اللغة العربية وسبر أغوارها التي قد تخفى أحيانا على أهلها والناطقين بها . وهذه دعوة أرجو أن تجد سبيلها إلى أسماع قادة المسلمين والمحافظين على كتابها الأعظم والله من وراء القصد .
    انتشار ترجمات معاني القرآن الكريم في مشرق العالم ومغربه بقلم : السيد أحمد أبو الفضل عوض الله (مجلة البحوث الإسلامية بإشراف ومسؤولية الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية - العدد الثلاثون - الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1411هـ) لقد كان ظهور الإسلام حدثا عالميا أوجد حركة إنسانية كبرى ، ترتبت عليها نتائج ضخمة لم تقف عند الحدود الجغرافية للبلاد التي شهدت بوادره الأولى ، بل لقد تجاوزت هذه الحدود إلى ما وراءها . واستمرت تفاعلاتها الفكرية تنتقل من بلد إلى آخر ، ومن زمن إلى زمن ، حتى فرضت نفسها على تطور الحضارة العالمية ، وأصبحت إحدى الظواهر الأساسية لتطلع الإنسان إلى حياة أفضل ، وبذلك لم يجد أهل العلم من رجال الفكر على تباين لغاتهم ومذاهبهم بدا من العودة إلى الكتاب الذي ضم بين دفتيه شعائر هذا الدين وأركانه ، للاطلاع عليه ودراسته وتدبره وتمحيصه . ومن ثم أصبحت ترجمة معاني القرآن ، هذا الكتاب الخالد الذي لا يشبع منه العلماء ولا يبلى من كثرة الترداد ، هكذا أصبحت ترجمة معاني القرآن الكريم هدفا لمحاولات جادة قام بها العلماء في مشرق العالم ومغربه ، ولا تزال هذه المحاولات قائمة حتى الآن ، وكلها تسعى إلى ترجمة النص العربي لمعاني القرآن الكريم ونقله إلى لغات العالم الحية بقدر الإمكان . ولسنا هنا بصدد تحليل هذه الترجمات ومناقشتها في قربها أو بعدها عن الغرض الذي تسامت إليه ، وإنما نريد أن نعطي القارئ عرضا تاريخيا لهذا الموضوع الخطير ، ونضع بين يدي المهتمين بالدراسات القرآنية تعريفا بهؤلاء الأشخاص الذين ندبوا أنفسهم للتصدي لهذا العمل الجليل . ولا نزاع أن الترجمة الحرفية للقرآن الكريم ستبقى الضالة المنشودة ، كما أنها ستبقى الغاية التي لن تدرك ؛ لأن ترجمة الوحي الإلهي الذي نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليست بالأمر الهين ، وفي ذلك يقول المستشرق الألماني " فيشر " : " لا يداخل الذين تعمقوا في أسرار العربية شك في أنه لا يوجد بين تراجم القرآن ، سواء أكانت كاملة أم قاصرة على بعض آيات منه - ترجمة تفي بالمطالب اللغوية الدقيقة " . القرآن الكريم في أوروبا : إن التواتر الدائم الذي كانت تتميز به العلاقات بين الإسلام والنصرانية لا سيما في أثناء الحروب الصليبية وبعدها ، كان يقف حجر عثرة يحول دون اطلاع الأوربيين على القرآن الكريم ، سواء بغلته العربية الأصيلة أو مترجما إلى إحدى اللغات الأوربية السائدة . وعندما أقدم العالم الإيطالي " باكانين " على طبع القرآن الكريم في مدينة البندقية سنة 1530 ميلادية ، بادر البابا بولس الثالث [ 1534 - 1537 م ] إلى إصدار الأمر المشدد بإتلاف كافة النسخ المطبوعة في الحالة . غير أن البابا الكسندر السابع [ 1555 -1567 ] عاد فألغى أمر الباب السابق وسمح بطبع القرآن الكريم لمن شاء كما سمح بترجمته والقيام بدراسته . أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا . إن أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا كانت بإشارة من بطرس المحترم abbot GLUG ny petrus venerabilis رئيس دير كلوني المتوفى سنة 1157 ميلادية فبعد قيامه برحلة إلى إسبانيا بين سنتي 1141 - 1143 م وبمساعدة ريمون الطليطلي كما هو مظنون ، ألف لجنة رأسها روبرت الراتيني ( إنجليزي ) Robert of Ratina الذي كان يشغل منصب رئيس الشمامسة بمدينة بمبلونا يساعده راهب ألماني يدعى هرمان Hermann ورجل آخر اسمه بطرس الطيطلي ويرجح أن هذا الأخير هو المترجم الحقيقي لمعاني القرآن الكريم إذ كان يتقن العربية اتقانا تاما . وتمت هذه الترجمة حوالي سنة 1143 م ، وأرسلت بعد إنجازها إلى رئيس دير كلوني العام برندوس الذي وضعها تحت تصرف رجال الكنيسة ليستفيدوا منها في استكمال دراساتهم اللاهوتية أو القيام بأعمال التبشير وكان ظهور هذه الترجمة بعد الحملة الصليبية بأربع سنوات . وقد ذكر هذه الترجمة المفهرس الألماني شتور في الصفحة ( 421 : 427 ) من الفهرس الذي وضعه بعنوان " المكتبة العربية " وكذلك أشار إليها مفهرس ألماني آخر هو " بيفان مولر " في الصفحة ( 213 ) والجدير بالذكر أن هذه الترجمة بالذات هي التي طبعها تيودور بيبلنياندر Theodor Bibilander : في بازل سنة 1543 ونقلت بعد ذلك إلى الإيطالية والألمانية والهولندية . وقد ظهرت فيما بعد طبعات أخرى لترجمة بيبلياندر وذلك سنة 1550م م سسنة 1721م في مدينة ليبزج EBZIG كما طبع في هذه المدينة أيضا ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم مع أصله العربي سنة 1768 قام بها جوستاس فريد ريكوس فورياب justas وثمة اعتقاد بأن الكتاب الذي نشره العالم الإيطالي " أندريا اريفايانيه سنة 1547م بعنوان : " قرآن محمد L ، alcorno de Macometto " لم يكن في الواقع سوى الترجمة الإيطالية من الأصل اللاتيني الذي وضعه كما ذكرنا من قبل روبرت الراتيني ، وهذه الترجمة بالذات هي التي نقلت فيما بعد إلى الألمانية وطبعت سنة 1616م ، وإلى الهولندية سنة 1647م وطبعت في هامبورج . ولقد ترجمت معاني القرآن الكريم مرة أخرى إلى اللاتينة على يد الأب بولس لويس مراكشي owis Marracciوذلك سنة 1698م وقد تضمنت هذه الترجمة الأصل العربي والترجمة اللاتينية والألفاظ المصححة . ومن الطريف أن رجال الدين النصارى في أوربا حاربوا القرآن الكريم ، عن طريق إطلاق الشائعات بأن من يطبعه أو يحاول طبعه فإنه يلاقي الموت الزؤام قبل أن يحل أجله الطبيعي . القرآن الكريم في ألمانيا : على أنه على الرغم من حرب الأعصاب التي شنتها الكنيسة على أتباعها ، لكي تصرفهم عن الاهتمام بطبع القرآن الكريم ، فإنه ما إن حل القرن السابع عشر للميلاد حتى ظهر هذا الكتاب المقدس في ألمانيا نفسها على يد المستشرق " هيابل " الذي نقله إلى الألمانية عن الترجمة الإيطالية للنسخة الأصلية التي وضعت في الأساس باللغة اللاتينية . محاولات ألمانية لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا . ولقد جرت في ذلك الزمن عدة محاولات جادة لتعميم طبع القرآن الكريم في ألمانيا ، يقول المؤرخ الألماني المعروف " ولهلم ايرنست تينتزل من مدينة جونا " في أحد أعداد مجلته الشهرية " مكالمات شهرية يا أصدقاء " الصادرسنة 1662م : " علمنا من البروفسور يوهان أندرياس دانتز ، أستاذ اللغات الشرقية أنه مزمع على طبع القرآن باللغة العربية . . وقد ذكر " فون أوست " بفايفر من لوبيك بألمانيا عن طبعات القرآن وذلك في مقدمة كتابه " علوم الدين في اليهودية والإسلام " الذي ظهر سنة 1687م ، في هذا الوقت الذي يسعى فيه كثيرون من الذين يدرسون اللغات الشرقية وعلومها للحصول على نسخ مطبوعة للقرآن ، تقرر طباعة مجموعة جديدة للقرآن . . . ولكن هذا الحلم لم يتحقق آنذاك لصعوبات وقفت في وجه كل من الرجلين ا . هـ " . أول طبعة للقرآن الكريم في ألمانيا : كانت أول طبعة لترجمة معاني القرآن الكريم في ألمانيا باللاتينية ، ثم تلتها ترجمات أخرى إحداها لسكويجر ( schweigger ) وكانت عن الإيطالية طبعت في نورنبرج سنة 1616م ، وفي سنة 1693 م ، سنحت الفرصة للناشر هينكلمان في ألمانيا فتم له طبع القرآن الكريم سفر 1694م . وتقع هذه الطبعة في 560 صفحة بحجم 17 . 5 X 21 . 5 سم ، ولقد لقي هينكلمان الاحترام من الجميع ، وفي مقدمة هذه الطبعة التي بلغ عدد صفحاتها 80 صفحة ضمن هينكلمان آراءه الشخصية في الآداب والعلوم الشرقية بالعربية ، وفي نهاية هذه المقدمة أبدى أسفه لقلة ما يعرفه الأوربيون بصورة عامة عن العرب واللغة العربية . ولا تزال نسختان من طبعة هينكلمان للقرآن الكريم موجودتين في ألمانيا إحداهما في المكتبة العامة بمدينة هامبورج والأخرى بمكتبة جامعتها . طبعات قديمة للقرآن الكريم في ألمانيا : ثم توالت طبعات القرآن الكريم في ألمانيا ، ومن ذلك طبعة لفردريك مجرلين ( Fredrick Megrerlin ) التي صدرت في فرانكفورت سنة 1772م وطبعة ترجمة سيل ( Sale ) الإنجليزية التي نقلها إلى الألمانية ثيو أرنولد ( Theo Arnold ) التي طبعت في لمجو ( Lemgo ) سنة 1746 م . على أن أحسن الترجمات الألمانية هي التي قام بها بويسون ( Beyson ) سنة 1773 م ، وهي التي نقحها فيما بعد وهل ( G . Wahl ) سنة 1828م ، وهناك طبعة أولمان ( ( Uilmannسنة 1953م والتي أعيد طبعها عدة مرات . عرض سريع للترجمات الأوربية والشرقية لمعاني القرآن الكريم : الفرنسية ترجم معاني القرآن الكريم إلى الفرنسية أندرو راير ( Andreo Du Ryer ) الذي كان يعمل قنصلا عاما لفرنسا في مصر ، وكانت له معرفة طيبة باللغتين التركية والعربية ، وطبعت ترجمة عام 1647م وفي سنة 1783 طبعت ترجمة سفاري Savaryثم تلا ذلك ترجمة كازيميرسكي KASIMIRSKIالتي طبعت مرتين سنة1840 م ، 1841م ثم طبعة ثالثة سنة 1875م . وفي سنة 1852 طبعت ترجمة يونية . السويدية : في سنة 1874م تولى تورنبرج ( G . G . Tomberg ) ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة السويدية . الأسبانية : في القرن الثالث عشر الميلادي طلب الفونس العاشر أن تترجم معاني سورة الإسراء إلى اللغة الإسبانية ، فقام بهذا العمل طبيبه الخاص الدون إبراهيم ، وقد نقلت هذه الترجمة إلى الفرنسية بواسطة بونا فنتورا دي سيف Bonna Ventura A save . الهولندية : وأول ترجمة هولندية نقلت عن ترجمة سكويجر ( Schweigger ) طبعت في هامبورج سنة1641م ، ثم ترجمة جلاماكر ( J . H . Glasemaker ) الذي اعتمد فيها على ترجمة راير الفرنسية وقد طبعت في ليدن ( Leyden ) سنة 1658م ثم طبعت هذه الترجمة مرتين إحداهما في سنة 1698 م وأخرى سنة 1734م . وفي سنة 1806 م قام بترجمة معاني القرآن الكريم الدكتور كيزر ( Keyser ) الذي كان يتولى تدريس الشريعة الإسلامية بجامعة دلفت ( Deleft ) وطبعت هذه الترجمة باللغة الهولندية في مدينة هارلم . الروسية : وفي سنة 1776م . ظهرت ترجمة روسية لمعاني القرآن الكريم في مدينة بتراجراد ( لينينجراد اليوم ) . الإيطالية : وفي سنة 1547م قام أندر أريفابين ( Ander Arivaben ) بنقل ترجمة بيبلياندر اللاتينية إلى الإيطالية . ومن الترجمات الإيطالية ترجمة أكيلو فاراكسي ( ( Aquilio Fracassiأحد أساتذة الفنون الملكية بميلانو سنة 1914م ، وقدم لها بمقدمة عن التراجم الإيطالية القديمة مع ملخص للسور وشرح أسمائها . الإنجليزية : كانت أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية هي التي قام بها الكسندر روس ( Alexander Ross ) التي نقلها عن ترجمة راير الفرنسية ثم ترجمة الدكتور سيل ( Sale ) وهذا الأخير نقلها عن العربية مباشرة سنة 1734 م ؛ وقد طبعت هذه الترجمة عدة مرات مع مقدمة مسهبة تحت عنوان " مقالة في الإسلام " وقد وضع المترجم على هامش ترجمته بعض التفاسير عن البيضاوي وكذلك ترجم معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية القسيس رودويل ( Rodwell ) وهو إنجليزي وجعل ترجمته وفقا لترتيب نزول الآيات تاريخيا ، وقد طبعت هذه الترجمة على الحجر على هامش القرآن الكريم سنة 1833م . وقد حاول ريتشارد برتن مع آخرين ترجمة معاني القرآن الكريم بالسجع الشعري ونشرت أجزاء من هذه الترجمة في مجلة أدنبرج سنة 1866م . بلغة الاسبرانتو العالمية : وقد قام بهذه الترجمة خالد شلدريك ( Khalid Sheldrake ) وظهر بعضها في مجلة إسلاميك ريفيوا وفيما يلي سورة الفاتحة بهذه اللغة . AL FATHA PRO LA SURA NOMO de dio la indugema and IMALSEVSRA Laudo esto al dio la majstro de la mondoj Plena de kompato Rego en la Tago de lajogo Al vi Servu ni Kaj al vi ni prgu Konduleo nin en la gusta vojo Ne de Tiujj Kiu Koleras Kontrau via vola Ne de tiujj eraras Amin الترجمات الشرقية لمعاني القرآن الكريم . الفارسية : إن هذه اللغة هي أول ما ترجمت إليه معاني القرآن الكريم من اللغات ، وقد ذكر الفقيه الكبير شمس الأئمة السرخسي في كتابه المبسوط ( ص73 ) أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله روى أن الفرس كتبوا إلى مواطنهم سلمان رضي الله عنه أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية . فكانوا يقرأون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم العربية ، وبذلك تكون هذه الترجمة أقدم ما عرف على الإطلاق من ترجمات معاني القرآن الكريم . وذكر الجاحظ في " البيان والتبيين " أن موسى بن سيار الأسواري المتوفى سنة 255 هجرية كان يدرس تفسير القرآن الكريم بالفارسية . ووصل إلينا ترجمة معاني القرآن الكريم على أيدي علماء ما وراء النهر سنة 345هجرية للملك منصور بن نوح الساماني وأضافوا إلى الترجمات تفسير الطبري المتوفى سنة 310 هجرية . وفي العصور الحديثة ظهرت نسخة فارسية وعربية وجزءان طبع كل منهما سنة 1831م وأشار برونيه ( BRUNET ) إلى ترجمة فارسية أخرى في أصفهان ، وقد طبعت خصيصا للشاه رافع الدين ترجمة فارسية وعلى هامشها تفسير باللغتين الفرنسية والأوردية ( لغة الهند ) وباكستان . السريانية : وأول ما ترجم القرآن الكريم من غير المسلمين هم السريان ؛ فقد عثر على كتاب جدل ، فيه ترجمة لمعاني آيات القرآن بالسريانية ، وهو مخطوط على رق ، لا تزال محفوظة في مكتبة منشستر بإنجلترا ، ويقول الأستاذ مانكانا : إن " هذه الترجمة هي من وضع بارصليبي المعاصر للحجاج بن يوسف ، أي في الثلث الثالث من القرن الأول للهجرة " . العبرية : ذكرت دائرة المعارف اليهودية أنه توجد بعض ترجمات لمعاني القرآن الكريم باللغة العبرية وأن بعض أجزاء من هذه الترجمات توجد في المكتبة البودلية ( BODELLIAN ( بأكسفورد بإنجلترا تحت رقم 1221 . وفي فهرست تلك المكتبة ، عنوان لكتاب عبراني يشتمل في آن واحد على التوراة والترجوم والقرآن الكريم . وقد ترجم معاني القرآن الكريم من اللاتينية إلى العبرانية يعقوب بن إسرائيل حاخام زنتى سنة1634م ، ثم ترجمه هرمان ريكندوف ( HERMANN REEKENDORF ) وطبع في ليبزج سنة 1857م . الأوردية ( الهندية ) أقدم الترجمات الأوردية قام بها الشيخ عبد القادر بن الشاه ولي الله ، طبعت في دلهي سنة 1790م ، وظهرت في طبعات مختلفة مع الأصل العربي ، وترجم معاني القرآن الكريم إلى الأوردية كذلك الدكتور عماد الدين أمرتسار ( AMRITSAR ) : وقد طبعت ترجمته في " الله أباد " وهي أول طبعة بحروف أوردية أفرنجية . وهناك طبعة 1315 هـ اسمها : ( القرآن الكريم ) وفيها الأصل العربي وترجمته بالفارسية والأوردية . البنجالية ( الهند ) : في سنة 1908م بدأ القس ( وليم جلود ساك ) ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة بنجالي في الهند . الجاوية : ترجمت معاني القرآن الكريم إلى لغة مالي بجاوة مع تفسير البيضاوي ، وظهرت ترجمته باللغة الجاوية سنة 1913م لرجل كان يسمي نفسه خادم سلطان تركيا . التركية : كان السلطان عبد الحميد الثاني يمنع منعا باتا ترجمة معاني القرآن إلى اللغة التركية ، وبعد إعلان الدستور سنة 1908م بدأ بعض الكتاب الأتراك في ترجمته إلى اللغة التركية وسط مقاومة بعض المتمسكين من المحافظين على القديم ، وأول ترجمة من هذا النوع ظهرت لإبراهيم حلمي ، كما ظهرت كذلك ترجمة أخرى في المجلة التركية ( إسلام مجموعة س ) لمحررها سليم ثابت بقلم رجل كان يوقع اسمه : خ . ن . ولا بد من الملاحظة بأن هذه الترجمات الشرقية لم تكن في الواقع ترجمة بالمعنى المفهوم من هذه الكلمة بل هي عبارة عن تفسير لآيات القرآن الكريم ومن هذا القبيل ما وضع كل من فرجنيل ( M . F Fargenal ) وبوفات ( M . BOUVAT ) من شرح للقرآن الكريم باللغة الصينية في مجلة ريفودي موند مسلمان ( ( Reveue de Monde Musulman ( جزء 4 ص540 ) . قائمة باللغة التي ترجمت إليها معاني القرآن وعدد كل منها عددها 1 - أرغونية 1 2 - أسوجية 6 3 - أفريقانية ( لهجة من الونديزية بالحرف العربي ) 4 4 - ألبانية 2 5 - الخميادو ( إسبانية بالحرف العربي ) 35 6 - ألمانية 42 7 - إنجليزية 57 8 - أوكرانية 1 9 - ايسبرانتو 1 10 - برتغالية 4 11 - بلغارية 2 12 - بشنافية ( يوغسلافية بالحرف العرب ) 2 13 - بولونية لاتيني بالعربي 7 14 - بوهيمية من تشيكوسلافاكية 3 15 - تركية - باللاتيني بالإيفور القديم 3 قطعات بالعربي ( في فهرست د . يشاء ) 60 تقريبا 16 - دانماركية 3 17 - روسية 11 18 - رومانية 1 19 - إيطالية 11 20 - فرنسية 33 21 - فنلندية 1 22 - لاتينية 42 23 - مجرية ( هنجارية ) 6 24 - نوريجية 1 25 - ولنديزية 7 26 - أسبانية ( باللاتيني ) 18 27 - اليونانية 3 بعد هذا العرض التاريخي لترجمات معاني القرآن الكريم في اللغات المختلفة . فإني أهيب بعلماء المسلمين في أنحاء العالم العربي والإسلامي كافة وبخاصة في المملكة العربية السعودية إلى جمع ترجمات معاني القرآن الكريم من مظانها ودراستها ومراجعتها وتمحيصها بالاستعانة بنخبة مصطفاة من المترجمين المسلمين النابهين في اللغتين العربية واللغات المترجم إليها ، وذلك لتدارك ما قد يكون قد وقع سهوا أو لعدم قدرة المترجم وتمكنه من النقل عن العربية من أخطاء طباعية أو نتيجة لعدم قدرة المترجم على فهم أسرار اللغة العربية وسبر أغوارها التي قد تخفى أحيانا على أهلها والناطقين بها . وهذه دعوة أرجو أن تجد سبيلها إلى أسماع قادة المسلمين والمحافظين على كتابها الأعظم والله من وراء القصد .
    1
  • Quran 7m القران الكريم
    هذا العمل امتداد لموقع السبع المثاني quran7m.com ومن أهم مزايا البرنامج:
    1- المكتبة الصوتية :تحتوي هذه المكتبة على أكثر من 13000 مقطع صوتي بصيغة mp3 عالي الجودة لأكثر من 150 قارئ* .تستطع تفضيل وحفظ ماتشاء منها على جهازك.
    2- مصحف إلكتروني من أفضل المصاحف على الإطلاق يتيح لك الترجمة الفورية مباشرة عند الضغط على الآية ب 37 تفسير وترجمة. كما تتوفر خاصية المصحف المعلم فبمجرد الضغط المطول على الآية سوف يتم قراءتها.
    هذا العمل امتداد لموقع السبع المثاني quran7m.com ومن أهم مزايا البرنامج: 1- المكتبة الصوتية :تحتوي هذه المكتبة على أكثر من 13000 مقطع صوتي بصيغة mp3 عالي الجودة لأكثر من 150 قارئ* .تستطع تفضيل وحفظ ماتشاء منها على جهازك. 2- مصحف إلكتروني من أفضل المصاحف على الإطلاق يتيح لك الترجمة الفورية مباشرة عند الضغط على الآية ب 37 تفسير وترجمة. كما تتوفر خاصية المصحف المعلم فبمجرد الضغط المطول على الآية سوف يتم قراءتها.
    0
  • #ترجمة معاني سورة الفاتحة

    د. وليد العمري
    #ترجمة معاني سورة الفاتحة د. وليد العمري
    1
    2
  • #ترجمة معاني سورة الفاتحة

    د. وليد العمري
    #ترجمة معاني سورة الفاتحة د. وليد العمري
    0
  • الفرق بين التدبر والتفسير *
    الكاتب: د. فريد الإنصاري رحمه الله

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: حول مفهوم التدبر للقرآن كتب أخونا سعد كلمات قيمة، ترجم فيها إشكالاً مهمًا، أو شبهة تعرض لكثير من الناس، حول تدبر كتاب الله ومدارسة آياته. وكان فيما قال أسعده الله: "لا شك أنه من اللافت فعلاً شدة إعراض الناس عن القرآن الكريم! فأغلب الناس لا يُقبلون عليه إلا مرة في السنة أو في سنوات!" ثم قال: "يبدو لي أن أحد الأسباب التي تكمن وراء هذا الإعراض هو (تهيب) الإقبال على القرآن مباشرة ودون واسطة. صحيح أن من الناس من يتفادى التدبر؛ لأنه لا يعرف قيمة القرآن! ولكن هنالك أيضاً صنف من المسلمين يخافون أن يُعْمِلُوا فكرهم في آيات الله -وإن كان بحضور التفسير!- لأنه "شيء جديد وغير مألوف!" ولأنه (اجتراء) على الله! فما هي الضوابط التي ينبغي الالتزام بها أثناء تدارس القرآن أو تدبره؟ ما الذي يضمن أن العبد لن ينجرف وراء خواطر شيطانية، وهو يظنها رحمانية؟ وإلى أي حد يمكن أن يقول (برأيه) في استخراج معاني القرآن وحقائقه الإيمانية؟ أعتقد أن توضيح هذه النقاط مهم للغاية، خاصة وأنني أعرف بعض الصالحين ممن يخافون فعلاً أن يتدبروا القرآن. ولقد سمعت بأذني أحدهم يقول لصديق لي حين سمعه يتدبر آية من سورة العلق: "هل تريد أن تكون مفسراً؟"!! فَوَضْعُ هذه الحدود كفيل إن شاء الله بتشجيع الناس على الإقبال على القرآن دون خوف أو وجل.. والسلام عليكم". وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. بارك الله فيك أخي سعداً! تساؤل في غاية الأهمية، وملحوظة في غاية الدقة! ولقد أشرتُ إلى بعض حقائق التدبر في كتيب (مجالس القرآن)، وكشفتُ هنالك عن طبيعة الإشكال. ولقد استقريت -بتوفيق الله- عشرين ضابطاً لمجلس التدارس والتدبر؛ ما يحفظه -بإذن الله- عن الشرود والانحراف. ولعل الأحبة يجدون في الطبعة الجديدة للكتاب -بزياداتها- ما يكفي لذلك، إن شاء الله، وبه الثقة. وإنما المحفوظ من حفظه الله! وإنما الذي أفزعني ههنا هو ما حكاه سعدٌ عن بعض الإخوان، من الاستعظام لفعل التدبر، والإنكار على المتدبر بما يشبه السخرية! ولذلك فقد أحببت نزع ما يلقيه الشيطان في النفس- تحت ستار الورع وذريعة التقوى!- من الصد عن تدبر كتاب الله! وحرمان الأمة من أعظم أصل في منهاج التعامل مع رسالات الله! ويمكن توضيح القول ههنا حول التدبر بطريقة أخرى، وبيان ذلك -بحول الله- هو كما يلي: - أولًا: لا بد من بيان أن التدبر هو غير التفسير! هذا أمر مهم جدًا! ونحن نعلم أن بعض العلماء المعاصرين قد استعملهما على سبيل الترادف. وهو غير صحيح! فالتفسير بيان وشرح للمعنى، بينما التدبر اتعاظ بالمعنى واعتبار به وتذكر! وبينهما فرق كبير! إن التفسير من الفَسْرِ، وهو: الكشف والبيان. ولذلك سمي بيان كتاب الله تفسيراً؛ لأنه يكشف اللثام عن معانيه اللغوية والسياقية والشرعية، باستعمال قواعد التفسير المعروفة عند أهله. وهذا هو علم التفسير. وقد كنا -مع بعض إخواننا- نتدارس كتاب الشيخ العلامة عبد الرحمن حبنكة الميداني رحمه الله: (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل)؛ فوجدنا أنما هو كتاب في قواعد التفسير! وهو كتاب من العمق والدقة بمكان! لكنه لا تدبر فيه بالمعنى القرآني للكلمة! وإنما هو قواعد منهجية تضبط عمل المفسر لكتاب الله. أما التدبر-من التفعل- فهو: النظر إلى دُبُرِ الشيء، أي التأمل في دَوَابِرِ الأمور المتوقعة، بمعنى النظر إلى عاقبتها، وما يمكن أن تؤول إليه. كما يدخل فيه النظر في دوابر الأمور الواقعة من قبل؛ لمعرفة أسبابها ومقدماتها. وهذا لا يوجد في كتب التفسير إلا نادراً. لأنه -في الغالب- عمل قلبي شخصي، ونظر نفسي لا ينوب فيه أحد عن أحد. وهل يستطيع أحد أن ينوب عن غيره في الخوف والرجاء، أو في الكسل والنشاط؟ هذا ممتنع عقلاً وطبعاً وشرعاً! اللهم إلا ما تعلق بربط الأسباب بمسبباتها -على المستوى الخارجي- وما كان في معناه. - ثانياً: إن التدبر هو مرحلة ما بعد التفسير! أي ما بعد الفهم للآية. لكن الفهم المطلوب لتحصيل التدبر إنما هو الفهم الكلي العام، أو بعبارة أخرى: الفهم البسيط. ولا يشترط في ذلك تحقيق أقوال المفسرين والغوص في دقائق كتب التفسير! وإلا صار القرآن موجهاً إلى طائفة محصورة فقط! ومن ثم يمكن لأي شخص أن يتدبر القرآن بعد التحقق من المعنى المشهور للآية، يقرؤها من أي تفسير أو يسمعها. إن التدبر حركة نفسية باطنية! تنظر إلى صيرورة النفس في الزمان والمكان، بالنسبة إلى احتمالين: الأول احتمال متابعة القرآن والاستسلام لأحكامه وحكمه. والثاني: عكسه، وهو النكوص والتمرد والجحود والعصيان! ففي كلا الأمرين ينظر المتأمل إلى مآل الحال المحتمل! ذلك هو التدبر! ولذلك كان التدبر لغة -كما ذكرنا- نظراً إلى أدبار الحوادث ونتائجها، وربطاً للأسباب بمسبباتها، فيما وقع وفيما يحتمل أن يقع، على المستوى النفسي والاجتماعي. في الخير والشر سواء! إنه إذن ضرب من المحاسبة للنفس في ضوء القرآن، والمراقبة لأحولها، في صيرورتها الذاتية والاجتماعية. إن التدبر إذن هو نظر في الآية باعتبارها مبصاراً، يكشف عن أمراض النفس وعللها، ويقوم في الوقت نفسه بتهذيبها وتشذيبها. أي بتزكيتها وتربيتها. ومن ثم فإنه يكفي المتدبر للقرآن أن يعلم المعنى العام للآية أو السورة، مما أُثِرَ عن جمهور السلف؛ ليدخل في مسلك التدبر. ولا شك أن علم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصةً أكبر بكثير؛ لتعميق التدبر في الآيات، والوصول بها إلى أرقى منازل الإيمان! ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن غير المختصين بالتفسير، أو حتى العوام محجوبون من التدبر! إن غير العالم لن يعجز عن تدبر آية {الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] مثلاً، والنظر في مآلات فعل الحمد في نفسه وفي المجتمع -على قدر طاقته طبعاً- وكذا مآلات نقيضه من النكران والجحود كيف يكون؟ وإن غير العالم إذا فسرتَ له أن {الفَلَقَ} هو الفجر؛ أمكنه آنئذ أن يتدبر قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق:1-2]. وكذلك إذا علم أن {الْجُدَدَ} هي: الطرق والمسالك الجبلية، وأن {الغَرَابِيبَ} هي: الصخور السوداء؛ أمكنه أن ينطلق في آفاق تدبر قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر:27]. ولقد تعمدت أن أمثل بهذه الكلمات القرآنية الغريبة إلى حد ما، وإلا فجمهور المعجم القرآني من الميسور المعلوم، بل إن كثيراً منه متداول في اللهجات العامية العربية! ولم لا يتدبر؟ أليس يرى القارئ للآية المذكورة مثلاً، مشهدَ نزول الماء من السماء؟ أليس يرى بعينيه آثار الغيث كلَّ ربيع في الروابي، والجنات، والبساتين، وأشكال الفاكهة والثمار، والجداول، والأنهار، والأطيار، بل في الحياة كلها؟ أليس ينظر إلى الجبال الشاهقة المنتصبة بهيئتها العظيمة بين يديه؟ أليس يرى مسالكها من بعيد تتلوى حولها خطوطاً حمراء وبيضاء على حسب لون الصخور والتربة الناسجة لها؟ أليس يعجب من مشهد الحجارة الصماء السوداء، الراسية على قمم هذه الجبال أو تلك؟ فكل من أبصر عظمة الخالق في عظمة المخلوق، واتخذ آثار الصنعة مسلكًا يسير به إلى معرفة الله فهو متدبر وهو متفكر! وهذا أمر ليس حكراً على المفسرين ولا على الجيولوجيين، وإن كان لهؤلاء وأولئك من العلم ما يجعلهم يتفوقون ويسبقون به غيرهم، إذا أخلصوا النظر لله! نعم، ولكن الله قد أتاح لكل ذي عينين، وأذنين، وقلب حي، أن يسلك إلى ربه عبر ما يسر الله له من التدبر والتفكر.. ولربما سبق القنفذُ الفرس! وإنما ذلك على حسب صفاء القلب وإخلاص السير! وإنني لأنسى كثيراً، لكنني ما نسيت قط حَدَّاداً شابًا في قريتي الصغيرة بجنوب المغرب، أواخرَ السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الميلادي الماضي.. وكانت الشيوعية آنئذ تنتشر في المغرب انتشار النار في الهشيم! وقد كان دعاتها عندنا من بعض رجال التعليم وطلبة الجامعات، مع الأسف! وكان أحدهم يجلس إلى ذلك الحداد البسيط يعلمه (حقوق العمال) و(ديكتاتورية البروليتاريا!) وكأن مطرقته الثقيلة، وما كان يصنعه للفلاحين الصغار من مناجلَ ومَزَابِرَ ومِحَشَّاتٍ، كانت تذكره بشعار الشيوعية الشهير: "المطرقة والمنجل"! فطمع الأحمق أن يضمه إلى صفوف الشيوعيين! حتى إنه سار معه بعيداً فجعل يشرح له عقيدة الإلحاد، وكيف أن "الدين أفيون الشعوب" على حد تعبير كارل ماركس! وكنتُ أنا أيضاً وأصحابي نجلس إلى هذا الحداد، فيحدثنا بحديث الشيوعي، ثم نتداول الكلام.. وإنني لا أنسى يومًا إذ أخرج من التنور حديدةً مُجَمَّرَةً، قد احْمَرَّ نصلها من النار حتى إنها لتكاد تذوب! ثم انهال عليها بالدق والطرق بقوة، وهو يقول دون أن يرفع رأسه: "يا أخي.. إنهم ينكرون وجود الله ووجود الآخرة! هكذا يقولون.. أما أنا فإنه لربما أصابتني أحيانا شرارةٌ طائشة من هذا الحديد المجمَّر بين يديَّ؛ فتثقب ثوبي ثم جلدي، فيكون لها من الألم الشديد ما الله به عليم! وإن ذلك ليكفيني ترهيباً وتحذيراً من نار جهنم! وإن صاحبنا الشيوعي كلما حدثني بحديثه قلت في نفسي: هذه مجرد ذرة من نار الدنيا، فترى كيف تكون نار الآخرة! وإنني لأرى بعينيَّ أن نار الدنيا هذه التي بين يديَّ لدليل كاف على وجود نار الآخرة!" كذا قال! وإنني ما زلت إلى اليوم أعجب من عمق ملاحظة ذلك الحداد الفطري البسيط! وأتساءل في نفسي: أي تفكر هذا وأي تدبر؟ بل أي علم بالله هذا وأي إبصار! حَقّاً حَقّاً! {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46]. هذا ضرب عجيب من التدبر لحقائق القرآن، ونوع من التفكر العميق في الوجود، وهو ممكن لكل الناس، خاصتهم وعامتهم على السواء. وأنت ترى أن الله جل جلاله أمر الكفار بالتدبر لكتابه! كما في قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء:82]. وقال سبحانه: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]. فإذا كان الكافر-وهو المجرد قطعًا من كل قواعد التفسير ومناهجه- مأموراً بالتدبر فالمسلم أولى وأحرى! إن المسلم -أي مسلم- إنما عليه أن يصطحب مختصراً صغيراً من كتب التفسير، كتفسير الجلالين مثلاً، أو أحد مختصرات ابن كثير، أو غيرهما؛ وذلك فقط حتى يضبط بوصلة الاتجاه العام لمعنى الآيات، ثم يشرع آنئذ في التدبر للقرآن، ولا حرج. لأن التدبر لكتاب الله لا ينبني عليه حلال ولا حرام، ولا تصدر عنه فتوى ولا قضاء! وإنما هو مسلك روحي يقود القلب إلى التوبة والإنابة، وإلى مجاهدة النفس من أجل الترقي بمراتب العلم بالله! أما صناعة التفسير والاستنباط فهذا هو الذي يخص فئة محصورة من الناس وهم أهل الاجتهاد من العلماء، ممن يفتون ويقررون في القضايا والنوازل. وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:83]. وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122]. فذاك علم الخاصة. وأما التدبر-بما هو تذكر واعتبار- فهو لعامة المسلمين. قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]. وعليه؛ فالمفسر عالم وفقيه، يقوم ببيان الحقائق القرآنية والأحكام الشرعية، والتصدر للفتوى. بينما المتدبر مجرد متعظ وواعظ. وقد يجمع الله للمرء بين الخيرين. والعالم الحق لا يصح له إلا ذلك! ومن ثم جاز لنا أن نقول: "كُلُّ عالِمٍ أو كلُّ مفسِّرٍ متدبرٌ، وليس كل متدبرٍ مفسِّراً!" فتأمل! إن الذي يمتنع عن تدبر القرآن أو ينهى غيره عن ذلك؛ بدعوى أن التدبر أمر خاص بعلماء التفسير، إنما هو جاهل بهذا الفرق الجوهري الكبير بين التفسير والتدبر.. وأخشى أن يكون الشيطان قد لبَّس عليه تلبيساً؛ ليحرمه هو في نفسه من نور القرآن! أو يجعله أداة لقطع الطريق أمام السائرين إلى الله! إن التدبر للقرآن مطلوب من العالِم، ومن المهندس، والطبيب، والأستاذ، والفلاح، والحداد، والنجار، والتاجر... إلخ! بل إن التدبر مطلوب من الكافر الأعجمي، إنجليزياً كان أو فرنسياً أو صينياً، أو ما كان! نعم! نعم! لكن فقط بعد أن تترجم له المعاني العامة للآيات! بينما التفسير إنما هو صناعة العلماء فقط. ومصطلح (التدبر) في القرآن قريب من مصطلح (التفكر) وإن لم يكونا مترادفين. فكأن (التدبر) ينصرف استعماله غالبًا إلى تأمل القرآن، بينما (التفكر) ينصرف استعماله إلى تأمل الكون المنظور. قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190-191]. وإذا تأملت وجدت نتيجة كُلٍّ من التدبر والتفكر واحدة، ألاَ وهي: الاتعاظ والاعتبار! وهو ما حكاه الله عن الذاكرين المتفكرين: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. إن هذا معناه أيضا أن النظر (التفكري) في الكون ليس عملًا عقليًا معقدًا، خاصا بعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات والبيولوجيا والطبيعيات... إلخ! نعم هم مشمولون بأمره، بل هم أولى به! لكن (التفكر) كالتدبر، مطلوب أيضًا من غير المتخصصين، بل حتى من العوام! كُلٌّ على قدر فكره!.. وما يدريك؟ لعل فلاحًا بسيطاً، يصل إلى عِبَرٍ للقلب لا يتحقق بها المتخصص الخبير! لأن نتائج كُلٍّ من التدبر والتفكر محض هبة من الرحمن، ومجرد هُدًى منه تعالى! إن التدبر والتفكر يؤولان معاً إلى مصطلح قرآني مركزي ثالث، ألا وهو (التَّذَكُّرُ) بالذال المعجمة، أو (الاِدِّكَارُ) بالدال المهملة، ومشتقاتهما وهما سواء (قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى من سورة القمر: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: "وأصل "مُدَّكِر": مفتعل من ذَكر، اجتمعت فاء الفعل، وهي ذال، وتاءٌ وهي بعد الذال، فَصُيِّرَتَا دالا مشددة. وكذلك تفعل العرب فيما كان أوله ذالا يتبعها تاءُ الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالا مشددة، فيقولون: اِدَّكَرْتُ ادِّكَاراً، وإنما هو: اِذْتَكَرْتُ اذْتِكَاراً"). قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} [ص:29]. وقال سبحانه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]. وإنما يختص (التدبر) بتحصيل الذكرى عن طريق النظر في الآيات القرآنية. بينما يختص (التفكر) بتحصيل الذكرى بالآيات الكونية. هذا هو الغالب، وربما وجدت هذا بمعنى ذاك. إذ بينهما علاقة جدلية؛ لأن أحدهما يؤدي إلى الآخر. فالتدبر للقرآن يقودك إلى التفكر في الوجود، والتفكر في الوجود يعود بك إلى القرآن. وهما معًا في جميع الأحوال يثمران تَذَكُّراً للقلب وذكرى. ولا يقول عاقل بأن التذكر والذكر يحتاج فيها الإنسان إلى خبرة علمية وتخصص دقيق! سواء في الشرعيات أو في الكونيات. كلا! كلا! إنما هو عمل قلبي محض، مفتوح لكل ذي قلب! وبذلك قامت حجة الله على جميع الخلق عربهم وعجمهم، خاصتهم وعامتهم! قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]. وبذلك يتبين ما لتعقيد الضوابط والشروط للتدبر أو للتفكر، من خروج عن منهاج القرآن! قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2]. إن المتدبر أو المتفكر-كليهما- في حاجة إلى التحقق بأمرين اثنين: - الأول: الفهم العام للآية قراءةً، أو سماعاً إن كان أميًا. ويحسن أن يكون ذلك بمجلس مدارسة، تعلما وتعليما، على منهاج رسول الله -معلم الأميين- صلى الله عليه وسلم. - الثاني: إخلاص النظر لله! وكلاهما بمقدور جميع الناس، إلا من رُفِعَ عنه القلم! قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ:46]. وهذا خطاب موجه في الأصل للكفار، فتأمل! وأحب قبل ختام هذه الكلمات أن أعززها بإيراد أمثلة عن تدبر النبي صلى الله عليه وسلم وتفكره. فالسنة هي البيان الرئيس للقرآن الكريم ومفاهيمه. وأمثلة أخرى عن تدبر الصحابة رضي الله عنهم، وكذا بعض التابعين. ففي مشهد من أَجَلِّ مَشَاهِدِ النبوة، لم يزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبكي في صلاته من تدبره وتفكره؛ إذْ أَرَاهُ اللهُ من أسرار مَلَكُوتِهِ ما أَرَاهُ؛ حتى بكت الأرض ببكائه عليه الصلاة والسلام! فقد سَأَلَ عُبَيْدٌ بْنُ عُمَيْرٍ عائشةَ رضي الله عنها، قَالَ: "أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم!" قالَ: فَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ! ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي!» قُلْتُ: "وَاللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ" قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الأرْضَ! فَجَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟" قَالَ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟ لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا! {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ. رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}» [آل عمران:190-191] (رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الشيخ الألباني: إسناده جيد، وحسنه في صحيح الترغيب). وقد ورد التدبر والتفكر ههنا بمعنى واحد كما أشرنا إليه من قبل، لارتباطهما الجدلي. فقوله صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا!» هو بمعنى: لم "يتدبرها" لأن تدبرها مُفْضٍ بالضرورة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض؛ ولذلك عبر هنا بالتفكر. وأما وعيده عليه الصلاة والسلام للممتنع عن التفكر بالويل؛ فهو دليل قوي على وجوب التفكر والتدبر-إجمالاً- على جميع الناس! سواء منهم العالم والعامي، كُلٌّ على ما يسر الله له.. فتأمل! وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل، قام فقال: «يا أيها الناس!.. اذكروا الله! جاءتِ {الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات:6-7]. جاء الموت بما فيه! جاء الموت بما فيه!» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في الصحيحة وفي صحيح الترمذي وصحيح الجامع الصغير). ولا يخفى ما في الحديث من تضمين لآيتي النازعات: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 6-7]. وما في ذلك من تدبر عجيب لهذه الحقيقة الإيمانية في جوف الليل؛ وذلك لِشَبَهِ الليل بظلمة القبر من جهة، ولأن الليل -من جهة أخرى- هو موتٌ لحركة النهار! وفي ذلك أيضًا إشارة إلى أن على المؤمن أن يجعل تفكره في الظواهر الكونية مرتبطًا بتدبره للآيات القرآنية؛ بسبب ما ينتج عن ذلك من التشمير والجد والعمل! حيث تقع الآيات بعد ذلك على النفس الكسولة الغافلة، موقع السوط اللاهب على ظهر الدابة الخاملة! فتقفز مسرعة بصاحبها في الطريق إلى الله! وكذلك كان تدبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن التابعي العابد الزاهد ابن أبي مليكة رحمه الله، قال: "صَحِبْتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شَطْرَ الليل! فَسُئِلَ: "كيف كانت قِرَاءَتُهُ؟" قال: "قرأ: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق:19] فجَعلَ يُرَتِّلُ ويُكْثِرُ في ذلك النَّشِيجَ!" (سير أعلام النبلاء للذهبي: [3/342]) والنَّشِيجُ: شدة البكاء، إذا هاج على صاحبه؛ فبكى بصوت مخنوق في صدره، فصار له أَزِيزٌ كأزيزِ القِدْرِ أو الْمِرْجَلِ! وفي تفسير الطبري: "أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرأ هذه الآية: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون:104]، قال: ألم تر إلى الرأس الْمُشَيَّطِ بالنار، وقد قَلُصَتْ شفتَاه وبدت أسنانُه!". (تفسير الطبري للآية:104 من سورة المؤمنون) يقصد التمثيل التدبري للمعنى برأس الكبش الْمُشَيَّطِ، أي بعد تشويطه بالنار. تقول: شَوَّطَ وشَيَّطَ، سواء. وهذا تدبر عجيب؛ لما فيه من ربطٍ للآيات القرآنية بالمشاهَدَات اليومية في الحياة ا لدنيا-رغم عظم الفرق- ولكن الاتعاظ بالصغير الحقير أدعى إلى الاتعاظ بالكبير الخطير! وفي ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الإصابة لابن حجر، أنه: "كان رضي الله عنه إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} [الحديد:16]، يبكي حتى يغلبه البكاء..!" (ترجمته في: "من اسمه عبد الله" في "الإصابة في معرفة الصحابة" لابن حجر). وورد "أن أبا طلحة رضي الله عنه قرأ هذه الآية: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التوبة:41]، فقال: "أرى ربي يستنفرنا شيوخَنا وشُبَّانَنَا! جهزوني أيْ بَنِيَّ! جهزوني!" (يعني للجهاد! وكان يومها قد شاخ وكَبُرَ!) فقال بنوه: "قد غزوتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ونحن نغزو عنك!" (أي بعدما عجزت) فقال: "جهزوني!" فركب البحر، فمات. فلم يجدوا له جزيرة (لدفنه) إلا بعد سبعة أيام! فدفنوه فيها ولم يتغير!" (الطبقات الكبرى لابن سعد: [3/507]). وعند تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49]، قال الإمام القرطبي: "وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتاه..! ضَجُّوا إلى الله تعالى من الصغائر قبل الكبائر!" (تفسير القرطبي للآية:49 من سورة الكهف). وروى الإمام البيهقي في شعب الإيمان بسنده عن الواعظ الكبير مالك بن دينار أنه رحمه الله: "قرأ هذه الآية: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88]. قال: فَأُسَمَّى في القيامة ِ مَالِكاً الصَّادِقَ، أو مَالِكاً الكاذبَ!" (شعب الإيمان، رقم: [1802]) وهو بذلك يُنَـزِّلُ مضمون الآية على نفسه -حيث كان واعظاً- فجعل يحاسب نفسه بميزان القرآن، ويتدبر الآية بالنظر إلى نفسه، مشفقاً من حالها ومآلها، وما قد يكون من مصيرها! قصد تهذيبها، وكسر شوكة غرورها، وتصفية مقاصدها، وتجريد إخلاصها لربها! وهو من أجل ضروب التدبر والتفكر! وفي الزهد لأحمد بن حنبل -وغيره- أن مالكا بن دينار أيضا قرأ هذه الآية: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} [الحشر:21] فبكى، وقال: "أقسم لكم! لا يؤمن عبدٌ بهذا القرآن إلا صدع قلبَه!" (الزهد لأحمد بن حنبل، رقم: [1878]). والأثر أورده أيضًا أبو نعيم في الحلية عند ترجمة مالك بن دينار، كما أورده السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية:21 من سورة الحشر) الله أكبر..! ألا ما أجله من تدبر! وما أدقه من تفكر! لقد وضع مالك بن دينار رحمه الله قلبَه موضع الجبل! فكيف تراه يكون؟ أيكون أشد صلابةً من الجبل؟ كيف بقلب يتلقى القرآن حق التلقي، كيف به وهذا الجبل قد خشع له وتصدع!؟ ذلك هو التدبر.. وإن الأمثلة في مثل هذا لأكثر من أن تحصى! وأنت تلاحظ أن هذه النصوص جميعًا ليست من قبيل التفسير بمعناه الاصطلاحي الخاص، وإنما هي مجرد تعبير عن المشاعر الخاصة، والمواجيد الجياشة، الحاصلة في النفس عند تلاوة الآيات، وما يخالط القلب من الرَّغَبِ والرَّهَبِ، والخوف والرجاء، في طريق السير إلى الله! كما أن فيها تنـزيلاً للآيات على واقع النفس، أو واقع المجتمع، أو على أحوال الطبيعة حول الإنسان، ومشاهدةً لبروق الوعد والوعيد، من خلال تقلبات الليل والنهار. وفضحاً لغش النفس وضعفها؛ بتسليط كشافات القرآن عليها! كما أن فيها مشاهدةً للعزائم العالية التي طلبها الله عز وجل من العباد، وما ينتصب دونها من مشاق الطريق ومكارهها! ولذلك ترى المتدبرين للقرآن والمتفكرين في آياته الكونية، بين بَاكٍ مختنق بالأنين، أو مُطْرِقٍ مهموم حزين! ولا يخرج كلاهما من مجلسه أو خلوته إلا بعزيمة تهد الجبال! وإن الواحد من هذا الطراز البشري العظيم لهو بأمة! ذلك هو التدبر، وذلك هو التفكر، وتلك هي الذكرى.. وإنما ثمرة ذلك كله هو تهييج النفس على العمل، وتنشيط القلب على السير، وتوثيق إرادة النفس على عزائم الأعمال! فكذلك كان تدبرهم للقرآن، وكذلك كان تفكرهم في الزمان.. فما بالنا نحن؟ إنما نحن في حاجة إلى قلوب مثل قلوبهم، وإخلاص مثل إخلاصهم! وإنني لعلى يقين لو أن الناس اليوم يُحْيُونَ هذا المسلك في النفوس من جديد، ويتداولون القرآن في المجتمع على هذا الوِزَانِ؛ لتدفقت أنهار النور على الظلام! ولكان للأمة في هذا العصر شأن آخر! وإنه لَيَكُونَنَّ إن شاء الله! وما ذلك ببعيد! فإنني أرى عباداً لله خُلَّصاً قد بدؤوا يرفعون راية القرآن فوق تلال قلوبهم! وإن نصب راية القرآن على تلال القلوب لهو: {نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف:13]. اللهم ألهمنا مراشدنا، واسلك بنا سبيل الهدى، واجعلنا سببا لمن اهتدى. المحب لكم: فريد الأنصاري، عفا الله عنه وعن المؤمنين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * موقع طريق الإسلام: (http://iswy.co/e178l3).
    الفرق بين التدبر والتفسير * الكاتب: د. فريد الإنصاري رحمه الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: حول مفهوم التدبر للقرآن كتب أخونا سعد كلمات قيمة، ترجم فيها إشكالاً مهمًا، أو شبهة تعرض لكثير من الناس، حول تدبر كتاب الله ومدارسة آياته. وكان فيما قال أسعده الله: "لا شك أنه من اللافت فعلاً شدة إعراض الناس عن القرآن الكريم! فأغلب الناس لا يُقبلون عليه إلا مرة في السنة أو في سنوات!" ثم قال: "يبدو لي أن أحد الأسباب التي تكمن وراء هذا الإعراض هو (تهيب) الإقبال على القرآن مباشرة ودون واسطة. صحيح أن من الناس من يتفادى التدبر؛ لأنه لا يعرف قيمة القرآن! ولكن هنالك أيضاً صنف من المسلمين يخافون أن يُعْمِلُوا فكرهم في آيات الله -وإن كان بحضور التفسير!- لأنه "شيء جديد وغير مألوف!" ولأنه (اجتراء) على الله! فما هي الضوابط التي ينبغي الالتزام بها أثناء تدارس القرآن أو تدبره؟ ما الذي يضمن أن العبد لن ينجرف وراء خواطر شيطانية، وهو يظنها رحمانية؟ وإلى أي حد يمكن أن يقول (برأيه) في استخراج معاني القرآن وحقائقه الإيمانية؟ أعتقد أن توضيح هذه النقاط مهم للغاية، خاصة وأنني أعرف بعض الصالحين ممن يخافون فعلاً أن يتدبروا القرآن. ولقد سمعت بأذني أحدهم يقول لصديق لي حين سمعه يتدبر آية من سورة العلق: "هل تريد أن تكون مفسراً؟"!! فَوَضْعُ هذه الحدود كفيل إن شاء الله بتشجيع الناس على الإقبال على القرآن دون خوف أو وجل.. والسلام عليكم". وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. بارك الله فيك أخي سعداً! تساؤل في غاية الأهمية، وملحوظة في غاية الدقة! ولقد أشرتُ إلى بعض حقائق التدبر في كتيب (مجالس القرآن)، وكشفتُ هنالك عن طبيعة الإشكال. ولقد استقريت -بتوفيق الله- عشرين ضابطاً لمجلس التدارس والتدبر؛ ما يحفظه -بإذن الله- عن الشرود والانحراف. ولعل الأحبة يجدون في الطبعة الجديدة للكتاب -بزياداتها- ما يكفي لذلك، إن شاء الله، وبه الثقة. وإنما المحفوظ من حفظه الله! وإنما الذي أفزعني ههنا هو ما حكاه سعدٌ عن بعض الإخوان، من الاستعظام لفعل التدبر، والإنكار على المتدبر بما يشبه السخرية! ولذلك فقد أحببت نزع ما يلقيه الشيطان في النفس- تحت ستار الورع وذريعة التقوى!- من الصد عن تدبر كتاب الله! وحرمان الأمة من أعظم أصل في منهاج التعامل مع رسالات الله! ويمكن توضيح القول ههنا حول التدبر بطريقة أخرى، وبيان ذلك -بحول الله- هو كما يلي: - أولًا: لا بد من بيان أن التدبر هو غير التفسير! هذا أمر مهم جدًا! ونحن نعلم أن بعض العلماء المعاصرين قد استعملهما على سبيل الترادف. وهو غير صحيح! فالتفسير بيان وشرح للمعنى، بينما التدبر اتعاظ بالمعنى واعتبار به وتذكر! وبينهما فرق كبير! إن التفسير من الفَسْرِ، وهو: الكشف والبيان. ولذلك سمي بيان كتاب الله تفسيراً؛ لأنه يكشف اللثام عن معانيه اللغوية والسياقية والشرعية، باستعمال قواعد التفسير المعروفة عند أهله. وهذا هو علم التفسير. وقد كنا -مع بعض إخواننا- نتدارس كتاب الشيخ العلامة عبد الرحمن حبنكة الميداني رحمه الله: (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل)؛ فوجدنا أنما هو كتاب في قواعد التفسير! وهو كتاب من العمق والدقة بمكان! لكنه لا تدبر فيه بالمعنى القرآني للكلمة! وإنما هو قواعد منهجية تضبط عمل المفسر لكتاب الله. أما التدبر-من التفعل- فهو: النظر إلى دُبُرِ الشيء، أي التأمل في دَوَابِرِ الأمور المتوقعة، بمعنى النظر إلى عاقبتها، وما يمكن أن تؤول إليه. كما يدخل فيه النظر في دوابر الأمور الواقعة من قبل؛ لمعرفة أسبابها ومقدماتها. وهذا لا يوجد في كتب التفسير إلا نادراً. لأنه -في الغالب- عمل قلبي شخصي، ونظر نفسي لا ينوب فيه أحد عن أحد. وهل يستطيع أحد أن ينوب عن غيره في الخوف والرجاء، أو في الكسل والنشاط؟ هذا ممتنع عقلاً وطبعاً وشرعاً! اللهم إلا ما تعلق بربط الأسباب بمسبباتها -على المستوى الخارجي- وما كان في معناه. - ثانياً: إن التدبر هو مرحلة ما بعد التفسير! أي ما بعد الفهم للآية. لكن الفهم المطلوب لتحصيل التدبر إنما هو الفهم الكلي العام، أو بعبارة أخرى: الفهم البسيط. ولا يشترط في ذلك تحقيق أقوال المفسرين والغوص في دقائق كتب التفسير! وإلا صار القرآن موجهاً إلى طائفة محصورة فقط! ومن ثم يمكن لأي شخص أن يتدبر القرآن بعد التحقق من المعنى المشهور للآية، يقرؤها من أي تفسير أو يسمعها. إن التدبر حركة نفسية باطنية! تنظر إلى صيرورة النفس في الزمان والمكان، بالنسبة إلى احتمالين: الأول احتمال متابعة القرآن والاستسلام لأحكامه وحكمه. والثاني: عكسه، وهو النكوص والتمرد والجحود والعصيان! ففي كلا الأمرين ينظر المتأمل إلى مآل الحال المحتمل! ذلك هو التدبر! ولذلك كان التدبر لغة -كما ذكرنا- نظراً إلى أدبار الحوادث ونتائجها، وربطاً للأسباب بمسبباتها، فيما وقع وفيما يحتمل أن يقع، على المستوى النفسي والاجتماعي. في الخير والشر سواء! إنه إذن ضرب من المحاسبة للنفس في ضوء القرآن، والمراقبة لأحولها، في صيرورتها الذاتية والاجتماعية. إن التدبر إذن هو نظر في الآية باعتبارها مبصاراً، يكشف عن أمراض النفس وعللها، ويقوم في الوقت نفسه بتهذيبها وتشذيبها. أي بتزكيتها وتربيتها. ومن ثم فإنه يكفي المتدبر للقرآن أن يعلم المعنى العام للآية أو السورة، مما أُثِرَ عن جمهور السلف؛ ليدخل في مسلك التدبر. ولا شك أن علم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصةً أكبر بكثير؛ لتعميق التدبر في الآيات، والوصول بها إلى أرقى منازل الإيمان! ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن غير المختصين بالتفسير، أو حتى العوام محجوبون من التدبر! إن غير العالم لن يعجز عن تدبر آية {الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] مثلاً، والنظر في مآلات فعل الحمد في نفسه وفي المجتمع -على قدر طاقته طبعاً- وكذا مآلات نقيضه من النكران والجحود كيف يكون؟ وإن غير العالم إذا فسرتَ له أن {الفَلَقَ} هو الفجر؛ أمكنه آنئذ أن يتدبر قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق:1-2]. وكذلك إذا علم أن {الْجُدَدَ} هي: الطرق والمسالك الجبلية، وأن {الغَرَابِيبَ} هي: الصخور السوداء؛ أمكنه أن ينطلق في آفاق تدبر قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر:27]. ولقد تعمدت أن أمثل بهذه الكلمات القرآنية الغريبة إلى حد ما، وإلا فجمهور المعجم القرآني من الميسور المعلوم، بل إن كثيراً منه متداول في اللهجات العامية العربية! ولم لا يتدبر؟ أليس يرى القارئ للآية المذكورة مثلاً، مشهدَ نزول الماء من السماء؟ أليس يرى بعينيه آثار الغيث كلَّ ربيع في الروابي، والجنات، والبساتين، وأشكال الفاكهة والثمار، والجداول، والأنهار، والأطيار، بل في الحياة كلها؟ أليس ينظر إلى الجبال الشاهقة المنتصبة بهيئتها العظيمة بين يديه؟ أليس يرى مسالكها من بعيد تتلوى حولها خطوطاً حمراء وبيضاء على حسب لون الصخور والتربة الناسجة لها؟ أليس يعجب من مشهد الحجارة الصماء السوداء، الراسية على قمم هذه الجبال أو تلك؟ فكل من أبصر عظمة الخالق في عظمة المخلوق، واتخذ آثار الصنعة مسلكًا يسير به إلى معرفة الله فهو متدبر وهو متفكر! وهذا أمر ليس حكراً على المفسرين ولا على الجيولوجيين، وإن كان لهؤلاء وأولئك من العلم ما يجعلهم يتفوقون ويسبقون به غيرهم، إذا أخلصوا النظر لله! نعم، ولكن الله قد أتاح لكل ذي عينين، وأذنين، وقلب حي، أن يسلك إلى ربه عبر ما يسر الله له من التدبر والتفكر.. ولربما سبق القنفذُ الفرس! وإنما ذلك على حسب صفاء القلب وإخلاص السير! وإنني لأنسى كثيراً، لكنني ما نسيت قط حَدَّاداً شابًا في قريتي الصغيرة بجنوب المغرب، أواخرَ السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الميلادي الماضي.. وكانت الشيوعية آنئذ تنتشر في المغرب انتشار النار في الهشيم! وقد كان دعاتها عندنا من بعض رجال التعليم وطلبة الجامعات، مع الأسف! وكان أحدهم يجلس إلى ذلك الحداد البسيط يعلمه (حقوق العمال) و(ديكتاتورية البروليتاريا!) وكأن مطرقته الثقيلة، وما كان يصنعه للفلاحين الصغار من مناجلَ ومَزَابِرَ ومِحَشَّاتٍ، كانت تذكره بشعار الشيوعية الشهير: "المطرقة والمنجل"! فطمع الأحمق أن يضمه إلى صفوف الشيوعيين! حتى إنه سار معه بعيداً فجعل يشرح له عقيدة الإلحاد، وكيف أن "الدين أفيون الشعوب" على حد تعبير كارل ماركس! وكنتُ أنا أيضاً وأصحابي نجلس إلى هذا الحداد، فيحدثنا بحديث الشيوعي، ثم نتداول الكلام.. وإنني لا أنسى يومًا إذ أخرج من التنور حديدةً مُجَمَّرَةً، قد احْمَرَّ نصلها من النار حتى إنها لتكاد تذوب! ثم انهال عليها بالدق والطرق بقوة، وهو يقول دون أن يرفع رأسه: "يا أخي.. إنهم ينكرون وجود الله ووجود الآخرة! هكذا يقولون.. أما أنا فإنه لربما أصابتني أحيانا شرارةٌ طائشة من هذا الحديد المجمَّر بين يديَّ؛ فتثقب ثوبي ثم جلدي، فيكون لها من الألم الشديد ما الله به عليم! وإن ذلك ليكفيني ترهيباً وتحذيراً من نار جهنم! وإن صاحبنا الشيوعي كلما حدثني بحديثه قلت في نفسي: هذه مجرد ذرة من نار الدنيا، فترى كيف تكون نار الآخرة! وإنني لأرى بعينيَّ أن نار الدنيا هذه التي بين يديَّ لدليل كاف على وجود نار الآخرة!" كذا قال! وإنني ما زلت إلى اليوم أعجب من عمق ملاحظة ذلك الحداد الفطري البسيط! وأتساءل في نفسي: أي تفكر هذا وأي تدبر؟ بل أي علم بالله هذا وأي إبصار! حَقّاً حَقّاً! {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46]. هذا ضرب عجيب من التدبر لحقائق القرآن، ونوع من التفكر العميق في الوجود، وهو ممكن لكل الناس، خاصتهم وعامتهم على السواء. وأنت ترى أن الله جل جلاله أمر الكفار بالتدبر لكتابه! كما في قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء:82]. وقال سبحانه: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]. فإذا كان الكافر-وهو المجرد قطعًا من كل قواعد التفسير ومناهجه- مأموراً بالتدبر فالمسلم أولى وأحرى! إن المسلم -أي مسلم- إنما عليه أن يصطحب مختصراً صغيراً من كتب التفسير، كتفسير الجلالين مثلاً، أو أحد مختصرات ابن كثير، أو غيرهما؛ وذلك فقط حتى يضبط بوصلة الاتجاه العام لمعنى الآيات، ثم يشرع آنئذ في التدبر للقرآن، ولا حرج. لأن التدبر لكتاب الله لا ينبني عليه حلال ولا حرام، ولا تصدر عنه فتوى ولا قضاء! وإنما هو مسلك روحي يقود القلب إلى التوبة والإنابة، وإلى مجاهدة النفس من أجل الترقي بمراتب العلم بالله! أما صناعة التفسير والاستنباط فهذا هو الذي يخص فئة محصورة من الناس وهم أهل الاجتهاد من العلماء، ممن يفتون ويقررون في القضايا والنوازل. وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:83]. وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122]. فذاك علم الخاصة. وأما التدبر-بما هو تذكر واعتبار- فهو لعامة المسلمين. قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]. وعليه؛ فالمفسر عالم وفقيه، يقوم ببيان الحقائق القرآنية والأحكام الشرعية، والتصدر للفتوى. بينما المتدبر مجرد متعظ وواعظ. وقد يجمع الله للمرء بين الخيرين. والعالم الحق لا يصح له إلا ذلك! ومن ثم جاز لنا أن نقول: "كُلُّ عالِمٍ أو كلُّ مفسِّرٍ متدبرٌ، وليس كل متدبرٍ مفسِّراً!" فتأمل! إن الذي يمتنع عن تدبر القرآن أو ينهى غيره عن ذلك؛ بدعوى أن التدبر أمر خاص بعلماء التفسير، إنما هو جاهل بهذا الفرق الجوهري الكبير بين التفسير والتدبر.. وأخشى أن يكون الشيطان قد لبَّس عليه تلبيساً؛ ليحرمه هو في نفسه من نور القرآن! أو يجعله أداة لقطع الطريق أمام السائرين إلى الله! إن التدبر للقرآن مطلوب من العالِم، ومن المهندس، والطبيب، والأستاذ، والفلاح، والحداد، والنجار، والتاجر... إلخ! بل إن التدبر مطلوب من الكافر الأعجمي، إنجليزياً كان أو فرنسياً أو صينياً، أو ما كان! نعم! نعم! لكن فقط بعد أن تترجم له المعاني العامة للآيات! بينما التفسير إنما هو صناعة العلماء فقط. ومصطلح (التدبر) في القرآن قريب من مصطلح (التفكر) وإن لم يكونا مترادفين. فكأن (التدبر) ينصرف استعماله غالبًا إلى تأمل القرآن، بينما (التفكر) ينصرف استعماله إلى تأمل الكون المنظور. قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190-191]. وإذا تأملت وجدت نتيجة كُلٍّ من التدبر والتفكر واحدة، ألاَ وهي: الاتعاظ والاعتبار! وهو ما حكاه الله عن الذاكرين المتفكرين: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. إن هذا معناه أيضا أن النظر (التفكري) في الكون ليس عملًا عقليًا معقدًا، خاصا بعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات والبيولوجيا والطبيعيات... إلخ! نعم هم مشمولون بأمره، بل هم أولى به! لكن (التفكر) كالتدبر، مطلوب أيضًا من غير المتخصصين، بل حتى من العوام! كُلٌّ على قدر فكره!.. وما يدريك؟ لعل فلاحًا بسيطاً، يصل إلى عِبَرٍ للقلب لا يتحقق بها المتخصص الخبير! لأن نتائج كُلٍّ من التدبر والتفكر محض هبة من الرحمن، ومجرد هُدًى منه تعالى! إن التدبر والتفكر يؤولان معاً إلى مصطلح قرآني مركزي ثالث، ألا وهو (التَّذَكُّرُ) بالذال المعجمة، أو (الاِدِّكَارُ) بالدال المهملة، ومشتقاتهما وهما سواء (قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى من سورة القمر: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}: "وأصل "مُدَّكِر": مفتعل من ذَكر، اجتمعت فاء الفعل، وهي ذال، وتاءٌ وهي بعد الذال، فَصُيِّرَتَا دالا مشددة. وكذلك تفعل العرب فيما كان أوله ذالا يتبعها تاءُ الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالا مشددة، فيقولون: اِدَّكَرْتُ ادِّكَاراً، وإنما هو: اِذْتَكَرْتُ اذْتِكَاراً"). قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} [ص:29]. وقال سبحانه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]. وإنما يختص (التدبر) بتحصيل الذكرى عن طريق النظر في الآيات القرآنية. بينما يختص (التفكر) بتحصيل الذكرى بالآيات الكونية. هذا هو الغالب، وربما وجدت هذا بمعنى ذاك. إذ بينهما علاقة جدلية؛ لأن أحدهما يؤدي إلى الآخر. فالتدبر للقرآن يقودك إلى التفكر في الوجود، والتفكر في الوجود يعود بك إلى القرآن. وهما معًا في جميع الأحوال يثمران تَذَكُّراً للقلب وذكرى. ولا يقول عاقل بأن التذكر والذكر يحتاج فيها الإنسان إلى خبرة علمية وتخصص دقيق! سواء في الشرعيات أو في الكونيات. كلا! كلا! إنما هو عمل قلبي محض، مفتوح لكل ذي قلب! وبذلك قامت حجة الله على جميع الخلق عربهم وعجمهم، خاصتهم وعامتهم! قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]. وبذلك يتبين ما لتعقيد الضوابط والشروط للتدبر أو للتفكر، من خروج عن منهاج القرآن! قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2]. إن المتدبر أو المتفكر-كليهما- في حاجة إلى التحقق بأمرين اثنين: - الأول: الفهم العام للآية قراءةً، أو سماعاً إن كان أميًا. ويحسن أن يكون ذلك بمجلس مدارسة، تعلما وتعليما، على منهاج رسول الله -معلم الأميين- صلى الله عليه وسلم. - الثاني: إخلاص النظر لله! وكلاهما بمقدور جميع الناس، إلا من رُفِعَ عنه القلم! قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ:46]. وهذا خطاب موجه في الأصل للكفار، فتأمل! وأحب قبل ختام هذه الكلمات أن أعززها بإيراد أمثلة عن تدبر النبي صلى الله عليه وسلم وتفكره. فالسنة هي البيان الرئيس للقرآن الكريم ومفاهيمه. وأمثلة أخرى عن تدبر الصحابة رضي الله عنهم، وكذا بعض التابعين. ففي مشهد من أَجَلِّ مَشَاهِدِ النبوة، لم يزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبكي في صلاته من تدبره وتفكره؛ إذْ أَرَاهُ اللهُ من أسرار مَلَكُوتِهِ ما أَرَاهُ؛ حتى بكت الأرض ببكائه عليه الصلاة والسلام! فقد سَأَلَ عُبَيْدٌ بْنُ عُمَيْرٍ عائشةَ رضي الله عنها، قَالَ: "أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم!" قالَ: فَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ! ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي!» قُلْتُ: "وَاللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ" قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الأرْضَ! فَجَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟" قَالَ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟ لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا! {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ. رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}» [آل عمران:190-191] (رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الشيخ الألباني: إسناده جيد، وحسنه في صحيح الترغيب). وقد ورد التدبر والتفكر ههنا بمعنى واحد كما أشرنا إليه من قبل، لارتباطهما الجدلي. فقوله صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا!» هو بمعنى: لم "يتدبرها" لأن تدبرها مُفْضٍ بالضرورة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض؛ ولذلك عبر هنا بالتفكر. وأما وعيده عليه الصلاة والسلام للممتنع عن التفكر بالويل؛ فهو دليل قوي على وجوب التفكر والتدبر-إجمالاً- على جميع الناس! سواء منهم العالم والعامي، كُلٌّ على ما يسر الله له.. فتأمل! وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل، قام فقال: «يا أيها الناس!.. اذكروا الله! جاءتِ {الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات:6-7]. جاء الموت بما فيه! جاء الموت بما فيه!» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في الصحيحة وفي صحيح الترمذي وصحيح الجامع الصغير). ولا يخفى ما في الحديث من تضمين لآيتي النازعات: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 6-7]. وما في ذلك من تدبر عجيب لهذه الحقيقة الإيمانية في جوف الليل؛ وذلك لِشَبَهِ الليل بظلمة القبر من جهة، ولأن الليل -من جهة أخرى- هو موتٌ لحركة النهار! وفي ذلك أيضًا إشارة إلى أن على المؤمن أن يجعل تفكره في الظواهر الكونية مرتبطًا بتدبره للآيات القرآنية؛ بسبب ما ينتج عن ذلك من التشمير والجد والعمل! حيث تقع الآيات بعد ذلك على النفس الكسولة الغافلة، موقع السوط اللاهب على ظهر الدابة الخاملة! فتقفز مسرعة بصاحبها في الطريق إلى الله! وكذلك كان تدبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن التابعي العابد الزاهد ابن أبي مليكة رحمه الله، قال: "صَحِبْتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شَطْرَ الليل! فَسُئِلَ: "كيف كانت قِرَاءَتُهُ؟" قال: "قرأ: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق:19] فجَعلَ يُرَتِّلُ ويُكْثِرُ في ذلك النَّشِيجَ!" (سير أعلام النبلاء للذهبي: [3/342]) والنَّشِيجُ: شدة البكاء، إذا هاج على صاحبه؛ فبكى بصوت مخنوق في صدره، فصار له أَزِيزٌ كأزيزِ القِدْرِ أو الْمِرْجَلِ! وفي تفسير الطبري: "أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرأ هذه الآية: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون:104]، قال: ألم تر إلى الرأس الْمُشَيَّطِ بالنار، وقد قَلُصَتْ شفتَاه وبدت أسنانُه!". (تفسير الطبري للآية:104 من سورة المؤمنون) يقصد التمثيل التدبري للمعنى برأس الكبش الْمُشَيَّطِ، أي بعد تشويطه بالنار. تقول: شَوَّطَ وشَيَّطَ، سواء. وهذا تدبر عجيب؛ لما فيه من ربطٍ للآيات القرآنية بالمشاهَدَات اليومية في الحياة ا لدنيا-رغم عظم الفرق- ولكن الاتعاظ بالصغير الحقير أدعى إلى الاتعاظ بالكبير الخطير! وفي ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الإصابة لابن حجر، أنه: "كان رضي الله عنه إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} [الحديد:16]، يبكي حتى يغلبه البكاء..!" (ترجمته في: "من اسمه عبد الله" في "الإصابة في معرفة الصحابة" لابن حجر). وورد "أن أبا طلحة رضي الله عنه قرأ هذه الآية: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التوبة:41]، فقال: "أرى ربي يستنفرنا شيوخَنا وشُبَّانَنَا! جهزوني أيْ بَنِيَّ! جهزوني!" (يعني للجهاد! وكان يومها قد شاخ وكَبُرَ!) فقال بنوه: "قد غزوتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ونحن نغزو عنك!" (أي بعدما عجزت) فقال: "جهزوني!" فركب البحر، فمات. فلم يجدوا له جزيرة (لدفنه) إلا بعد سبعة أيام! فدفنوه فيها ولم يتغير!" (الطبقات الكبرى لابن سعد: [3/507]). وعند تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49]، قال الإمام القرطبي: "وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتاه..! ضَجُّوا إلى الله تعالى من الصغائر قبل الكبائر!" (تفسير القرطبي للآية:49 من سورة الكهف). وروى الإمام البيهقي في شعب الإيمان بسنده عن الواعظ الكبير مالك بن دينار أنه رحمه الله: "قرأ هذه الآية: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88]. قال: فَأُسَمَّى في القيامة ِ مَالِكاً الصَّادِقَ، أو مَالِكاً الكاذبَ!" (شعب الإيمان، رقم: [1802]) وهو بذلك يُنَـزِّلُ مضمون الآية على نفسه -حيث كان واعظاً- فجعل يحاسب نفسه بميزان القرآن، ويتدبر الآية بالنظر إلى نفسه، مشفقاً من حالها ومآلها، وما قد يكون من مصيرها! قصد تهذيبها، وكسر شوكة غرورها، وتصفية مقاصدها، وتجريد إخلاصها لربها! وهو من أجل ضروب التدبر والتفكر! وفي الزهد لأحمد بن حنبل -وغيره- أن مالكا بن دينار أيضا قرأ هذه الآية: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} [الحشر:21] فبكى، وقال: "أقسم لكم! لا يؤمن عبدٌ بهذا القرآن إلا صدع قلبَه!" (الزهد لأحمد بن حنبل، رقم: [1878]). والأثر أورده أيضًا أبو نعيم في الحلية عند ترجمة مالك بن دينار، كما أورده السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية:21 من سورة الحشر) الله أكبر..! ألا ما أجله من تدبر! وما أدقه من تفكر! لقد وضع مالك بن دينار رحمه الله قلبَه موضع الجبل! فكيف تراه يكون؟ أيكون أشد صلابةً من الجبل؟ كيف بقلب يتلقى القرآن حق التلقي، كيف به وهذا الجبل قد خشع له وتصدع!؟ ذلك هو التدبر.. وإن الأمثلة في مثل هذا لأكثر من أن تحصى! وأنت تلاحظ أن هذه النصوص جميعًا ليست من قبيل التفسير بمعناه الاصطلاحي الخاص، وإنما هي مجرد تعبير عن المشاعر الخاصة، والمواجيد الجياشة، الحاصلة في النفس عند تلاوة الآيات، وما يخالط القلب من الرَّغَبِ والرَّهَبِ، والخوف والرجاء، في طريق السير إلى الله! كما أن فيها تنـزيلاً للآيات على واقع النفس، أو واقع المجتمع، أو على أحوال الطبيعة حول الإنسان، ومشاهدةً لبروق الوعد والوعيد، من خلال تقلبات الليل والنهار. وفضحاً لغش النفس وضعفها؛ بتسليط كشافات القرآن عليها! كما أن فيها مشاهدةً للعزائم العالية التي طلبها الله عز وجل من العباد، وما ينتصب دونها من مشاق الطريق ومكارهها! ولذلك ترى المتدبرين للقرآن والمتفكرين في آياته الكونية، بين بَاكٍ مختنق بالأنين، أو مُطْرِقٍ مهموم حزين! ولا يخرج كلاهما من مجلسه أو خلوته إلا بعزيمة تهد الجبال! وإن الواحد من هذا الطراز البشري العظيم لهو بأمة! ذلك هو التدبر، وذلك هو التفكر، وتلك هي الذكرى.. وإنما ثمرة ذلك كله هو تهييج النفس على العمل، وتنشيط القلب على السير، وتوثيق إرادة النفس على عزائم الأعمال! فكذلك كان تدبرهم للقرآن، وكذلك كان تفكرهم في الزمان.. فما بالنا نحن؟ إنما نحن في حاجة إلى قلوب مثل قلوبهم، وإخلاص مثل إخلاصهم! وإنني لعلى يقين لو أن الناس اليوم يُحْيُونَ هذا المسلك في النفوس من جديد، ويتداولون القرآن في المجتمع على هذا الوِزَانِ؛ لتدفقت أنهار النور على الظلام! ولكان للأمة في هذا العصر شأن آخر! وإنه لَيَكُونَنَّ إن شاء الله! وما ذلك ببعيد! فإنني أرى عباداً لله خُلَّصاً قد بدؤوا يرفعون راية القرآن فوق تلال قلوبهم! وإن نصب راية القرآن على تلال القلوب لهو: {نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف:13]. اللهم ألهمنا مراشدنا، واسلك بنا سبيل الهدى، واجعلنا سببا لمن اهتدى. المحب لكم: فريد الأنصاري، عفا الله عنه وعن المؤمنين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * موقع طريق الإسلام: (http://iswy.co/e178l3).
    1
  • بسم الله الرحمن الرحيم

    قصة هاروت وماروت
    (كيف نفهمها على الوجه الصحيح؟)

    هارون وماروت.
    من هما؟ وهل هما من الملائكة؟ أم من سحرة البشر؟
    وما الذي أُنزل عليهما؟
    وما علاقتهما ببابل؟
    وهل أنزل عليهما السحر؟ أم لم ينزل؟
    ولماذا كانا فتنة للناس؟

    قال تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۝ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102 – 103].

    قبل الشروع في بيان قصة الملكين هاروت وماروت، لا بد من إشارة إلى بعض القضايا اللغوية المرتبطة بورود هذه القصة في القرآن الكريم؛ لأن في فهم المفردات والأساليب ودلالاتها اللغوية ما يترتب عليه فهم القصة، واستيعاب سياقها، ومقاصدها، ومراميها.
    ومن المفردات التي ينبغي بيانها هنا: دلالة: (ما) في قوله تعالى: (وما أنزل على الملكين) هل هي نافية؟ أم موصولة؟ وما هو المعنى المترتب على كل منهما؟
    ومن المسائل الهامة كذلك: التقديم والتأخير في هذه الآية الكريمة.

    وبيانها فيما يلي:
    أولاً: ما نافية وفي الآية تقديم وتأخير:

    "قال أبو جعفر: اختلف أهل العلم في تأويل ما التي في قوله: (وما أنزل على الملكين).
    فقال بعضهم: معناه الجحد، وهي بمعنى: (لم). (1) "

    المعنى المترتب على ما سبق:
    بيّن ابن جرير الطبري ما ترتب على دلالة ما النافية من معنى، فقال: " فتأويل الآية - على هذا المعنى الذي ذكرناه عن ابن عباس والربيع، من توجيههما معنى قوله: (وما أنزل على الملكين) إلى: ولم ينزل على الملكين-: واتبعوا الذي تتلوا الشياطين على ملك سليمان من السحر، وما كفر سليمان، ولا أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل، هاروت وماروت.
    فيكون حينئذ قوله: (ببابل هاروت وماروت)، من المؤخر الذي معناه التقديم.
    فإن قال لنا قائل: وكيف - وجه تقديم ذلك؟
    قيل: وجه تقديمه أن يقال: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان (من السحر)، وما أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل، هاروت وماروت - فيكون معنيا بـ (الملكين): جبريل وميكائيل؛ لأن سحرة اليهود، فيما ذكر، كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود، فأكذبها الله بذلك، وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر قط، وبرأ سليمان مما نحلوه من السحر، فأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن اللذين يعلمانهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت.
    فيكون (هاروت وماروت)، على هذا التأويل، ترجمة على الناس ورداً عليهم. (2) "

    ثانياً: ما موصولة وهي بمعنى: الذي:

    "قال آخرون: بل تأويل (ما) التي في قوله: (وما أنزل على الملكين): الذي. (3) "

    المعنى المترتب على ما سبق:
    "قال أبو جعفر: فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي أنزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت، وهما ملكان من ملائكة الله. (4) "

    ثالثاً: ما بمعنى الذي وهي معطوفة على (ما) الأولى مع اختلاف معنى كل منهما:

    "قال آخرون: معنى: (ما) معنى: (الذي)، وهي عطف على (ما) الأولى.
    غير أن الأولى في معنى السحر، والآخرة في معنى التفريق بين المرء وزوجه. (5) "

    المعنى المترتب على ما سبق:
    قال ابن جرير الطبري: "فتأويل الآية على هذا القول: واتبعوا السحر الذي تتلو الشياطين في ملك سليمان، والتفريق الذي بين المرء وزوجه الذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. (6) "

    كانت هذه إشارات ضرورية قبل بيان تفاصيل القصة؛ لأنه يترتب على فهم الإعراب ودلالات المفردات؛ فهمُ القصة، واستيعاب مقاصدها.

    إذ هناك إشكال يثار على بعض المعاني المتقدمة:
    إذا كان هاروت وماروت من ملائكة الله عز وجل فكيف يعلمان الناس السحر؟
    وهل هذا هو المعنى الصحيح المترتب على الدلالة الثانية؟ أم لا؟

    ___________________________

    (1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 2/ 419، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.
    (2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 419- 420.
    (3) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 420.
    (4) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 421.
    (5) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 423.
    (6) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 423.
    بسم الله الرحمن الرحيم قصة هاروت وماروت (كيف نفهمها على الوجه الصحيح؟) هارون وماروت. من هما؟ وهل هما من الملائكة؟ أم من سحرة البشر؟ وما الذي أُنزل عليهما؟ وما علاقتهما ببابل؟ وهل أنزل عليهما السحر؟ أم لم ينزل؟ ولماذا كانا فتنة للناس؟ قال تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۝ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102 – 103]. قبل الشروع في بيان قصة الملكين هاروت وماروت، لا بد من إشارة إلى بعض القضايا اللغوية المرتبطة بورود هذه القصة في القرآن الكريم؛ لأن في فهم المفردات والأساليب ودلالاتها اللغوية ما يترتب عليه فهم القصة، واستيعاب سياقها، ومقاصدها، ومراميها. ومن المفردات التي ينبغي بيانها هنا: دلالة: (ما) في قوله تعالى: (وما أنزل على الملكين) هل هي نافية؟ أم موصولة؟ وما هو المعنى المترتب على كل منهما؟ ومن المسائل الهامة كذلك: التقديم والتأخير في هذه الآية الكريمة. وبيانها فيما يلي: أولاً: ما نافية وفي الآية تقديم وتأخير: "قال أبو جعفر: اختلف أهل العلم في تأويل ما التي في قوله: (وما أنزل على الملكين). فقال بعضهم: معناه الجحد، وهي بمعنى: (لم). (1) " المعنى المترتب على ما سبق: بيّن ابن جرير الطبري ما ترتب على دلالة ما النافية من معنى، فقال: " فتأويل الآية - على هذا المعنى الذي ذكرناه عن ابن عباس والربيع، من توجيههما معنى قوله: (وما أنزل على الملكين) إلى: ولم ينزل على الملكين-: واتبعوا الذي تتلوا الشياطين على ملك سليمان من السحر، وما كفر سليمان، ولا أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل، هاروت وماروت. فيكون حينئذ قوله: (ببابل هاروت وماروت)، من المؤخر الذي معناه التقديم. فإن قال لنا قائل: وكيف - وجه تقديم ذلك؟ قيل: وجه تقديمه أن يقال: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان (من السحر)، وما أنزل الله السحر على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل، هاروت وماروت - فيكون معنيا بـ (الملكين): جبريل وميكائيل؛ لأن سحرة اليهود، فيما ذكر، كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود، فأكذبها الله بذلك، وأخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر قط، وبرأ سليمان مما نحلوه من السحر، فأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن اللذين يعلمانهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت. فيكون (هاروت وماروت)، على هذا التأويل، ترجمة على الناس ورداً عليهم. (2) " ثانياً: ما موصولة وهي بمعنى: الذي: "قال آخرون: بل تأويل (ما) التي في قوله: (وما أنزل على الملكين): الذي. (3) " المعنى المترتب على ما سبق: "قال أبو جعفر: فمعنى الآية على تأويل هذا القول الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي أنزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت، وهما ملكان من ملائكة الله. (4) " ثالثاً: ما بمعنى الذي وهي معطوفة على (ما) الأولى مع اختلاف معنى كل منهما: "قال آخرون: معنى: (ما) معنى: (الذي)، وهي عطف على (ما) الأولى. غير أن الأولى في معنى السحر، والآخرة في معنى التفريق بين المرء وزوجه. (5) " المعنى المترتب على ما سبق: قال ابن جرير الطبري: "فتأويل الآية على هذا القول: واتبعوا السحر الذي تتلو الشياطين في ملك سليمان، والتفريق الذي بين المرء وزوجه الذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. (6) " كانت هذه إشارات ضرورية قبل بيان تفاصيل القصة؛ لأنه يترتب على فهم الإعراب ودلالات المفردات؛ فهمُ القصة، واستيعاب مقاصدها. إذ هناك إشكال يثار على بعض المعاني المتقدمة: إذا كان هاروت وماروت من ملائكة الله عز وجل فكيف يعلمان الناس السحر؟ وهل هذا هو المعنى الصحيح المترتب على الدلالة الثانية؟ أم لا؟ ___________________________ (1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 2/ 419، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م. (2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 419- 420. (3) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 420. (4) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 421. (5) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 423. (6) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 2/ 423.
    0
  • مصحف نور إنترناشيونال
    أُنشئت مركز نور إنترناشيونال (https://noorinternational.net) لتحقيق نموٍّ فعال برؤية جديدة؛ تمثّلت في ترجمة معاني القرآن الكريم وتبليغها للعالمين، وحَمَلت رسالة نفيسة؛ ألا وهي: تبليغ كلام الله من خلال ترجمة معاني القرآن باللغات العالمية بمنهجية علمية ولغة معاصرة عبر فريق مؤهل وفق معايير التميز المؤسسي.
    أُنشئت مركز نور إنترناشيونال (https://noorinternational.net) لتحقيق نموٍّ فعال برؤية جديدة؛ تمثّلت في ترجمة معاني القرآن الكريم وتبليغها للعالمين، وحَمَلت رسالة نفيسة؛ ألا وهي: تبليغ كلام الله من خلال ترجمة معاني القرآن باللغات العالمية بمنهجية علمية ولغة معاصرة عبر فريق مؤهل وفق معايير التميز المؤسسي.
    0
  • #ترجمة معاني سورة النصر باللغة الفرنسية
    Sourate 110 AN-NASR LES SECOURS
    #ترجمة معاني سورة النصر باللغة الفرنسية Sourate 110 AN-NASR LES SECOURS
    2 0
  • #ترجمة معاني سورة الكافرون باللغة الفرنسية
    Sourate 109 AL-KAF ROUNE LES NF DELES
    #ترجمة معاني سورة الكافرون باللغة الفرنسية Sourate 109 AL-KAF ROUNE LES NF DELES
    2 0
شاهد المزيد
  • السياق الثقافي وضرورة مراعاته في ترجمة النصوص الإسلامية (السنة المطهرة أنموذجاً)
    السياق الثقافي وضرورة مراعاته في ترجمة النصوص الإسلامية (السنة المطهرة أنموذجاً) الكاتب / الدكتور وليد بن بليهش العمري   توطئة بين يدي البحث   الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على خير المرسلين، المبلِّغ عن رب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد فترجمة السنة النبوية المطهرة، موضوع ذو أهمية كبيرة، خاصة إذا ما علمنا أن الترجمة...
    0
  • القرآن الكريم وترجمته في الغرب
    القرآن الكريم وترجمته في الغرب[1]   فرانسوا ديروشي ترجمة: الدكتور وليد بن بليهش العمري[2] صفحة المترجم (www.aaynet.com/WaleedBleyhesh)                          تقديم بين يدي البحث الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه: يختص صاحب...
    2
    0
    1
  • المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (1)
    المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (1) مرشد تدريبي ومرجع تأطيري   الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري   المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن اقتفى أثره واستن بسنته واهتدى بهداه. في مناسبة هذا المرشد: هذا المرشد يكتسب أهميته من تعلقه بلازم من لوازم الدعوة إلى الدين الخاتم، الذي أتم الله تعالى به النعمة، وأعظم...
    2
    0
  • المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (2)
    المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (2) مرشد تدريبي ومرجع تأطيري   الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري   الجَلْسَة السَّابعَة طُرُق التّعامل مَعَ حَالَاتِ عَدَم التّطابُق   أهداف الجلسة التعرف على حالات عدم التطابق. التعرف على طرق التعامل معها. التعرف على كونيات الترجمة.   تختلف اللغات من حيث تعبيرها عن الأمور واستيعابها للكلمات التي تعبر عن واقع أهل اللغة...
    1
    0
  • المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (3)
    المرشد في ترجمة المحتوى الإسلامي (3) مرشد تدريبي ومرجع تأطيري   الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري   مُلحَق رَقمْ (١ ) نُصُوص تَدْرِيبِيَّة مُقْتَرَحَة تنبيه: تتم مناقشة هذه النصوص مناقشة جماعية مستفيضة، تبحث جميع أبعاد النص، في بيئتيه: المنشأ والمستقبلة، قبل الشروع في ترجمته، ثم تتم بعد ذلك مناقشة الترجمة.   النص التدريبي الأول يناقش هذا النص من حيث:...
    3
    0
  • تاريخ الترجمات وتفاوتها
    تاريخ الترجمات وتفاوتها بقلم / الدكتور وليد بن بليهش العمري   ترجمات القرآن الإنكليزية يمكن أن تصل عند الرصد والتدقيق إلى 120 ترجمة، صدرت أولاها عام 1649م أي قبل 369 عام، وآخراها عام 2018م، وهذا يثير تساؤلات عدة عن السبب وراء توافر هذا الكم الكبير من الترجمات لكتاب واحد إلى لغة واحدة! وأيها يمكن الوثوق به؟ والسؤال الثاني: يقودنا بالضرورة إلى الإجابة على السؤال الأول،فثمة ترجمات...
    1
    0
  • ترجمات مارقة
    ترجمات مارقة بقلم / الدكتور وليد بن بليهش العمري   هناك قائمة سوداء لترجمات مارقة أتخذ أصحابها هذا العمل مطية للتعبير عن آرائهم المجدّفة عن الإسلام، سأوردها بدون ذكر ترجمات المستشرقين وأصحاب الممل، فهي ترجمات لأناس شذوا عن طوق الإسلام. وبخلاف ترجمة رشاد خليفة الذي كان "فريد زمانه" في الهرطقة يُلاحظ أن أغلب هذه الترجمات جاءت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما انكشف الغطاء، وأضحى...
    1
    0
  • ترجمة معاني القرآن الكريم بين الواقع والمأمول
    ترجمة معاني القرآن الكريم بين الواقع والمأمول مقارنة كمية ونوعية بين ترجمات معاني القرآن الكريم وترجمات الإنجيل   الكاتب / د. وليد بن بليهش العمري   (نشر هذا البحث ضمن أبحاث ندوة اللغات والترجمة: الواقع والمأمول المنعقدة بكلية اللغات والترجمة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد صدرت أبحاث الندوة عام 1426هـ، بعنوان: «الأبحاث المستكتبة والمحكمة لندوة اللغات والترجمة...
    3
    1
  • علاقة ترجمة معاني القرآن الكريم بتفسيره
    علاقة ترجمة معاني القرآن الكريم بتفسيره بقلم / الدكتور وليد بن بليهش العمري   لا بد من معرفة علاقة ترجمة معاني القرآن الكريم بتفسيره؛ لأهمية الموضوع وحساسيته، وقد كتبت فيه بحثين علميين محكمين يمكن الوصول إليهما عن طريق الروابط...
    1
    0
  • لقمان الحكيم عليه السلام
    لقمان الحكيم   إعداد مركز المحتوى القرآني   لقمان الحكيم لم تقتصر قصص القرآن الكريم على الأنبياء عليهم السلام، وأقوامهم؛ بل ورد فيها من الصالحين ما يُعتبر من ذكرهم، ويُتعظ بقصصهم، ويُستفاد منها.ومن هؤلاء الصالحين:لقمان الحكيم.والأكثرون على أنه كان عبداً صالحاً، ولم يكن نبياً. ([1])قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا...
    0
  • مسيرة قرآنية
    مسيرة مستمرة للعناية بالقرآن الكريم.. امتداداً لعناية المملكة العربية السعودية الرائدة بالقرآن الكريم، واستكمالاً لمسيرتها المباركة في خدمته، ومساهمة في تحقيق مرجعية بلدنا المبارك في جميع ما يتعلق بالقرآن الكريم؛ انبثقت فكرة الوقف العالمي للقرآن الكريم ليكون بوابة شاملة للقرآن الكريم، بمشاريع قرآنية نوعية جديدة، أو مشاريع لم تعط حقها من الإتقان والإجادة، أو مشاريع تتكامل مع المبادارات القرآنية...
    2
    0
  • مصطلحات علوم القرآن
    مقارنة بين بعض مصطلحات علوم القرآن (نماذج مما يتوهم تداخله من المصطلحات المتعلقة بالنص القرآني وأبرز مباحث علوم القرآن)   الكاتبة: منيرة بنت خليفة بن إبراهيم بوعنقاء الخالدي 1442 هـ -2021م   الملخص   تتناول الدراسة موضوع مصطلحات علوم القرآن؛ وفيها تم انتقاء أبرز الفروق التي تحتاج إلى دراسة، والتي يكثر الخلط وتوهم التشابه بين تعاريفها. وأما طريقة البحث المتبعة هي: منهج...
    1
  • معترك الأقران في ترجمة معاني القرآن
    معترك الأقران في ترجمة معاني القرآن دراسة تحليلية للألفاظ القرآنية ذات الوجوه وتعامل مترجمي معاني القرآن الكريم معها   الكاتب: أ.د وليد بن بليهش العمري   ومضة إن أول ما يحتاج أن يُشتغل به من علوم القرآن، العلوم اللفظية... وليس ذلك نافعاً في علم القرآن فقط، بل هو نافع في كل علم من علوم الشرع، فألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء...
    2
    1
شاهد المزيد